fiogf49gjkf0d
مقــال ( حــتي لا نـفـقـد الــقادم ...!! ) ــ محمود صبري

بين وصول انتخابات الرئيس إلي الاعادة للاختيار بين اثنين احلاهما ( سم ) وبين النطق بالحكم ( الركيك )علي الرئيس المخلوع يرسم هذا الحال لوحة تجريدية لحالة التخبط التي تعيشها الأمة المصرية خلال العام والنصف الماضيه  ...

هناك مشكلة تواجهنا جميعا إذ أننا حتي الأن لم نضع أيدينا علي أسباب الوصول إلي تلك المرحلة الخطيرة التي تهدد وجود الثوره ،،، صحيح أن الثورة لازالت في بدايات طريقها ، حقيق علينا أن نعترف بهذا ولكنها في أقل من عامين قد خسرت حجم التمثيل المطلوب في البرلمان أعقبه خسارة  مقعد الرئاسة في مواجهة مرشحي النظام المخلوع والنظام الجديد بعدتهم وعتادهم ...

ليست دعوة للتشاؤم أو اليأس والحق إنها محاولة لقرع جرس الانذار والدفع نحو محاولة جادة لتدارك الخطأ ، فهذه الخسارة من الممكن أن تتحول إلي نصر مؤزر لو بدأنا في التحري جيدا والتفتيش عن أسبابها الواقعية وتخطينا سريعا صدمة نتائجها التي ستزول بزوال الوقت ....

ذكرت كثيرا في مقالات سابقة أن ثورتنا لن تستطع قوة  محو فكرتها أو كسر شوكتها وليس مكتوبا لها أن تهزم كمثل ثورات تاريخية أخري في حياة الأمم  ،،،، ولكن الافراط في هذا المعني لم يعد مطلوبا الأن وليس من شأنه أن يعود علينا بما هو مطلوب من تحقيق أهداف تحتاج إلي إعادة النظر في آلية تطبيق العمل للوصول إليها ...

هناك صدمة عنيفة نعيش فيها فعلا ، هذه الصدمة يجب أن توقظنا وتنبهنا إلي المشكلات التي يقف علي رأسها عدم وجود متخذ لقرار الثورة يلتف حوله الجميع بعيدا عن حالات التنظير والتفسير المشتت التي نعيشها منذ اليوم الأول ( للانفصال الوطني عن الميدان ) يوم الحادي عشر من فبراير في العام الماضي ،،،، أعتقد وهذه وجهة نظر شخصية أن هذا الرمز ضمنيا قد انتهي بنهاية الحراك الفعلي للجمعية الوطنية للتغيير بقيادة السيد الدكتور محمد البرادعي ، من جهة أخري فإن حالة النرجسية التي عاشتها الثورة بالتوازي مع حالة التخبط المستمر للإدارة المصرية منذ إسقاط مبارك قد أدت بنا إلي انحرافات كانت نتائجها علي سبيل المثال لا الحصر ، الصدام الدائم والمستمر مع المجلس العسكري والذي استخدمه كثير من أبناء النظام المخلوع والمنتمون لمعسكر الثورة المضادة  في الترويج لفكرة مفاد نهايتها أن الثورة تهدف لإسقاط الجيش وهو ما أدي إلي خلق تناقض خطير ومتعمد لحالة التلاحم التي كان عليها الشعب مع الجيش يوم الثامن والعشرون من يناير في العام الماضي والتي هي بطبيعتها حالة متأصلة علي مدار التاريخ ...

 من جهة أخري فإن نتيجة ثانية وليست أخيرة كانت حتمية في ظل انشغال الثورة عن التخطيط الواحد والعمل الجماعي المنظم وهي سيطرة الفصيل السياسي الساعي للهيمنة علي مفاصل الحياة المصرية بداية من النقابات وانتهاء بمقعد الرئيس ، والنتيجة الأهم أن هناك حالة من الاستقطاب الحاد الذي يعيشه الشارع السياسي في مصر منذ اعلان تنحي المخلوع حتي الان ، هذه الحالة قادت إلي تقزيم واضح للهدف المقدس يحاول النظام المخلوع حتي الأن تحجيمه في إطار ( احتجاجات من أجل الاصلاح السياسي والاقتصادي ) ويحاول الفصيل السياسي الحائز علي الاغلبية التصويتية في مصر الأن حصد مكاسبه والذي أدي بدوره إلي حصار مدبر عاشت الثورة خلاله فترتها الماضية في منطقة الدفاع عن النفس في الوقت الذي كان النظام لم يزل في غيبوبة الصدمة الأولي لسقوط رئيسه والذي أعتقد من وجهة نظري افتراضا أن تكون الثورة خلاله في أعتي مراحل قوتها السياسية والاستمرار في منطقة الهجوم علي النظام حتي إسقاطه نهائيا وللأبد ...

أعلم جيدا أن القبول بالرئيس القادم هو أشبه بجرعة ( سم ) علينا أن نقبل بها سياسيا وديمقراطيا (( بصرف النظر عن شبهة التلاعب في نتيجة الصندوق )) ولكنها علي أية حال ليست إلا جولة من وجهة نظري ليس مكتوبا لها أن ترسم نهاية المطاف لذا يتحتم علينا جميعا أن نعيد ترتيب الاولويات وفق ما يعيد إلينا زمام المبادرة بما يضمن جدية الفوز في الجولة القادمة والبعد المناسب عن منطقة الاحتمالات لتحقيق أهداف الثورة وإنني إذ أؤكد هنا أن هذه الجولة  قادمة لا محاله ...

وهنا من المؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الثورة قد حققت لنا من النجاحات ما لا يجب أن نغض الطرف عنه بقدر ما نحتاج إلي استثماره فعليا لأن مسألة عدم القناعة بهذه النجاحات سيقودنا إما إلي ضياعها أو عدم استثمارها وهو أمر ضروري حالي لتحقيق المزيد في هذا المسار ..

لقد فتحت الثورة أمامنا أفقا رحبا للتعاطي مع الشأن السياسي وفق آليات فرضتها بشرعيتها وهنا فإن الثورة بكل أركانها الوطنية مطالبة بأن تبدأ من الأن في تفعيل نشاط مؤسسي منظم يهدف إلي رفع درجة الوعي الجماهيري بأهمية الدور السياسي لكل مواطن من العامل في المصنع إلي الأستاذ  في الجامعه ، وبكل صدق فإنه من الواجب أن نعي جيدا أن اللاوعي السياسي الذي عاشت في ظله الأمة المصرية عقودها الماضية هو السبب الرئيسي لما آلت إليه الامور من فساد المنظومة بالكامل ، ولا يجب أن ننسي أبدا أن الثورة فضحت هشاشة الدولة وكشفت العجز المستشري في جميع أركانها بسبب الشيخوخة التي أصابتها خلال تلك العقود حتي باتت كيانا رخوا ليس بمقدوره أن يتخذ أي قرار فاعل في الاحداث سواء أكان داخليا أو خارجيا  وهذا أيضا هو ما يؤكد جزما أن الثورة في طريقها إلي نجاح يرضي به من يرضي ويأبي ومن يأبي ...

خلاصة القول ..

إن القبول بالوضع الحالي يجب أن يكون مشروطا بعدم اليأس والاستمرار في الدفع نحو الاصرار علي استكمال المشوار وهذا بطبيعة الحال لا يتنافى مع كون الاعتراض علي كل ما يحدث علي الساحة وعدم تركها هو مهمة سياسية وتاريخية في مقامها الأول ولكن ما هو أهم وأخطر الأن هو تحصين الارادة الثورية بما يضمن عدم تكرار أخطاء الماضي مجددا وبما يضمن أكثر أن تخلق الارادة جهاز مناعة ثوري ضد ما هو قادم ...

إن القوي الثورية الأن مطالبة بأن تعيد ترتيب الأوراق بما يضمن العودة لحالة الاجماع والحشد الوطني نحو الفكرة من جديد ، لذا وجب التنويه علي كل القوي الوطنية والثورية الأن أن تتخلي عن حساباتها الشخصية وطموحها المتسرع وإنكار الذات من أجل المصلحة العليا للأمة المصريه والتي هي الأن في مرحلة من بدء صراع جديد سيقوده حزب وطني جديد تسلم مصر والثورة علي طبق من ذهب عقيدته تؤمن أنه قد دفع فاتورة هذه الثورة مقدما طوال ثمانية عقود قد يتوهم الكثيرين الأن أنه يقود صراعا مقدسا تحت لواء الدين ...!!

والله يسدد الخطا 

--
محمود صبري