هل يمن أن نداوي أنفسنا باللجوء إلى الطبيعة ومصادرها المختلفة؟
وهل يمكن أن نعتمد على قدرات جسمنا الطبيعية ليدافع عن نفسه وليقاوم المرض؟
أعداد المنادين بالعودة إلى الطبيعة. بحثاً عن حلول للمشكلات الفيزيولوجية والنفسية، يتزايد في أنحاء العالم كافة. والأمر لا يقتصر على الدعوة إلى استخدام العلاجات الطبيعية مثل الأعشاب والزيوت العطرية، والتقنيات الطبيعية مثل التدليك واليوغا، بل يتعدى ذلك ليشمل التوجه إلى الطبيعة نفسها والاستفادة من قدراتها اللامحدوة. وعلى سبيل المثال تؤكد الدراسة التي أجريت مؤخراً في جامعة ميتشيغان الأميركية، أن الأشخاص الذين يذهبون في نزهة على الأقدام في أرجاء الطبيعة، يحرزون في اختبارات الذاكرة التي يخضعون لها في ما بعد، نتائج أفضل من تلك التي يحرزها الذين تجولوا داخل المدينة بنسبة تزيد على 20%. ويعلق المشرفون على الدراسة فيقولون إننا كنا نعلم في الماضي أن الوجود في بيئة طبيعية والاستماع إلى أصوات العصافير، وخرير جداول الماء، أو هدير أمواج البحر، ورؤية الأشجار والأزهار والتعرض لأشعة الشمس، يساعد على تهدئة الأعصاب وتبديد القلق، غير أننا لم نكن نعلم أن له تأثيراً أيضاً في القدرات الذهنية. ويقدم دعاة العودة إلى الطبيعة نصائح مفيدة عدة لصحتنا نورد في ما يلي أبرزها:
1- املأ منزلك بالنباتات الخضراء:
ليس هناك أفضل من النباتات المنزلية، لمكافحة الطاقة السلبية التي تبثها أجهزة الكمبيوتر والأجهزة الإلكترونية الأخرى. وحسب مبادئ الفينغ شوي، فإن النباتات تمتص التوترات وتنقي الهواء وتنعش الجو، كما أنها تسمح لطاقة الحياة بالتحرك حولنا، وتحول دون ركودها وخمولها. وللنباتات تأثير صحي وشافٍ أينما وضعناها. ولا يجب أن نكتفي بشراء النباتات ووضعها في منازلنا، بل من الأفضل أن نزرعها بأنفسنا. فهذا يساعدنا على التواصل مع الطبيعة وإيقاعها، فننتظر البذوركي تنبت، والنبتةكي تورق وتكبر، فنعي بشكل أفضل الأوليات الطبيعية ونحترمها. ويقول ليموان إن كل الأشخاص الذين يعانون أيَّ شكل من الإدمان، أو أولئك الذين يجدون صعوبة في التخلص من بعض العادات السلبية، والذين يفتقرون إلى الصبر وإلى القدرة على الانتظار يستفيدون من زراعة النباتات. ولسنا مضطرين إلى امتلاك حديقة كبيرة لممارسة هواية الزراعة. إذ تكفي لذلك زاوية على الشرفة أو حتى داخل المنزل. إضافة إلى الفوائد المذكورة، فإن لون النباتات الأخضر معروف بقدرته على إراحة الأعصاب وتبديد القلق وادخال السكينة في النفس. ولجنبي المزيد من الفوائد التي توفرها لنا الطبيعة، يمكننا إلى جانب توزيع النباتات الخضراء في منازلنا، أن نضع نافورة ماء في الحديقة أو على الشرفة أو حتى داخل المنزل، فالماء يخلق جواً صحياً منعشاً. كذلك فإن صوت الماء الرقيق يمكن ان يخلق عازلاً طبيعياً مهدئاً بيننا وبين ضجيج الشارع والسيارات وكل الصخب الخارجي، ما يساعد على تخفيف توتراتنا وعلى خلق بيئة داخلية متناغمة ومريحة حولنا.
2- اخرج إلى الأماكن الطبيعية وعرض نفسك لضوء النهار:
كل وظائف الجسم تخضع لإيقاعات محددة، وساعة الجسم البيولوجية مضبوطة على إيقاع يستغرق 24 ساعة. وهي التي تنظم فترات اليقظة والنوم، وأيُّ اضطراب يلحقها بفعل الافتقار إلى الضوء يمكن أن يتسبب لنا في أمراض. من الضروري إذن أن نستفيد إلى أقصى حد من نور الشمس، فنخرج إلى الهواء الطلق كلما أمكن ذلك ونفتح نوافذنا عندما تشرق الشمس ونمارس الأنشطة المختلفة في الخارج، حتى في فصل الشتاء. والتعرض لضوء النهار يرفع المعنويات ويكافح الاكتئاب. والأمثل هو الخروج صباحاً في الطبيعة ومشاهدة بزوغ الشمس، والاستماع إلى أصوات العصافير، والاحساس بالندى على البشرة، والتمتع بالسلام والهدوء والوحدة التي يحملها معه الصباح الباكر. وفي الإمكان ممارسة التأمل أو اليوغا أو التنفس العميق، إذا أردنا، كما يمكن الاكتفاء بالمشي ولمس الأزهار والنباتات.
3- تناول الخضار والفواكه الموسمية المحلية:
كان أجدادنا يعتمدون في غذائهم على المحاصيل الموسمية المحلية ويعيشون حياتهم بتناغم مع تواتر الفصول. أما اليوم فالأسواق ممتلئة بالمحاصيل كافة المتوافرة على مدار السنة. والحال أن المحاصيل الموسمية تكون، إضافة إلى طعمها اللذيذ، أغنى بالفيتامينات وبالعناصر المغذية، وتناولها يعزز الروابط بيننا وبين الطبيعة ويمدنا بالطاقة التي تزودنا بها هذه الأخيرة. من ناحية ثانية فإن التركيز على تناول المحاصيل الموسمية المحلية يساعد على مكافحة التلوث، الناتج عن نقل المحاصيل غير الموسمية من بلد المنشأ وتبريدها وتخزينها ومعالجتها بالمواد الحافظة. وغني عن الذكر أن مكافحة التلوث تقود في النهاية إلى تحسين حالتنا الصحية العامة.
4- اختر منتجات الزراعة العضوية:
من المعروف أن الافتقار إلى الفيتامينات والمعادن يؤدي إلى ضعف الجهاز المناعي في الجسم، ما يجعلنا أكثر عرضة للإصابة بالأمراض. لذلك من الضروري تناول الخضار والفواكه يومياً. غير أن الدكتور الفرنسي جيرار أبفلدورفر، المتخصص في اضطرابات السلوك الغذائي، يقول إننا نجني أفضل الفوائد عندما نتناول محاصيل الزراعة العضوية، الخالية من الأسمدة الكيميائية ومبيدات الحشرات والمواد الحافظة، فجميع هذه الأخيرة تسيء إلى صحتنا. كذلك يجب اختيار لحوم الدواجن التي تربى في المزارع المكشوفة والتي تتناول علفاً غنياً بأحماض أوميغا- 3 الدهنية، ولحوم الأبقار التي ترعى الأعشاب في البراري كلما أمكن ذلك.
5- تقبل الإصابة بالمرض من وقت إلى آخر:
يقول المتخصص الفرنسي في الطب العائلي، الدكتور س. تشامبو، إن معظم الناس ينسون أن المرض ليس شيئاً شاذاً غير طبيعي. فالعيش يعني التعرض للعوامل الخارجية والجراثيم التي ندافع عن أنفسنا منها بشكل أو بآخر. وعلينا أن نتقبل أن نُصاب من وقت إلى آخر بالتهاب في الحلق، أو في المعدة، أو بعدوى فيروسية ما. لذلك فعندما يسيل أنفنا، أو ترتفع حرارتنا لا يجب أن يكون خيارنا الأول هو الإسراع في التوجه إلى عيادة الطبيب. بل علينا أن نسترخي، ونحاول التخفيف من حدة العوارض بالوسائل الطبيعية، ومنح الجسم الوقت الكافي (يومين أو ثلاثة أيام) لإيجاد وسائله الدفاعية الخاصة وتعزيزها. وغني عن الذكر أن الأعشاب هي أبرز الوسائل الطبيعية التي يمكن اللجوء إليها لمداواة الاضطرابات الصحية والأمراض، فليس هناك مثلاً أفضل من نقيع الصعتر لتعقيم وعلاج الحنجرة المتهيجة الملتهبة، ونقيع الناردين للتخفيف من حدة القلق والتوتر. وسلسلة العلاج بالأعشاب طويلة جداً وتشمل معظم الأمراض تقريباً. أما إ ذالم تتمكن وسائل الجسم الدفاعية من التغلب على المرض بعد بضعة أيام، واذا لم يكن مفعول الأعشاب كافياً لدحر المرض، فيمكن عندها اللجوء إلى حل طبي.
6- خفف من الهوس بالتنظيف:
هل تعلم أن شدة النظافة تضر بالصحة؟ البرهان هو أن أكبر عدد من إصابات الربو في العالم موجود في أوكلاند، المدينة الأكثر نظافة في العالم، في نيوزيلندة. وتفسير ذلك هو أن الجسم في حاجة إلى التعرض لعوامل مسببة للمرض، كي يتمكن من تطوير وسائله الدفاعية المناعية وتقويتها. ويروي ليموان حادثة حصلت له عندما كان يعيش في كاليفورنيا، فيقول: إن مسؤولاً في المدرسة التي يرتادها أطفاله اتصل به يوماً ليعبر له عن استيائه من قيام طفله بالتقاط قطعة بسكويت سقطت منه على الأرض وأكلها. وطلب المسؤول من الوالد تحذير طفله من تكرار هذا السلوك "المقزز". وبعد هذه الحادثة بوقت غير طويل، انتشرت بين طلاب المدرسة جميعاً عدوى التهاب في المعدة. وكان طفل ليموان، الذي أكل قطعة البسكويت التي سقطت على الأرض، الوحيد الذي لم يُصب بالمرض.
7- ارفع درجة وعيك تجاه غذائك:
واحد من الشروط الأساسية للتمتع بصحة جيدة، هو اعتماد نظام غذائي سليم. وهذا يعني تناول 3 وجبات متوازنة يومياً في مواعيد ثابتة، وبشكل هادىء وبطيء. ويعلق أبفلدورفر فيقول: إن نظرة معظمنا إلى الطعام هي للأسف نظرة "وظيفية جداً"، فتناول الطعام بالنسبة إلينا هو مجرد عمل نقوم به للتزود بالوقود. ولا نوليه عادة أي اهتمام آخر، ولا ننظر إليه من بُعدٍ مختلف. وهو يدعو إلى تغيير سلوكنا هذا وتبني توجّه أكثر عمقاً، فعندما نتناول الخس مثلاً، علينا أن نتذكر أنه في الأمس فقط كانت هذه الخسة تنمو في الحقل. فتعزيز وعينا هذا يقودنا إلى مضغ الخسة بشكل أفضل، فنجني أكبر الفوائد من خصائصها الغذائية، ما يساعد في النهاية على توازننا العام.
8- أصغ إلى رغباتك الغذائية:
جسمنا يعرف تماماً ما يحتاج إليه. فوراء الرغبة المفاجئة في تناول الشوكولاتة مثلاً، غالباً ما يكون الجسم في حاجة إلى ملء مخزونه من المغنيزيوم. ويقول أبفلدورفر: إن دماغنا يقوم بتوصيف وتصنيف كل ما نأكله، ويتذكر التأثير الذي يخلّفه كل طعام نأكله في جسمنا. لذلك، وكي لا نعاني أي خلل في التوازن الغذائي، علينا أن نصغي إلى رغبات جسمنا الغذائية ونلبيها.