. عاش رجل المخابرات السابق المعروف بـ «الدكتور خالد» أزهى عصور فساده وإفساده، متحكما في أراضي جنوب سيناء، لا يجرؤ رجل أعمال على دخول مملكته إلا برضاه.. ومتنفذا لدى «أسمن» هيئات مصر، هيئة البترول التي دخل بها.. ومعها شراكات ورط فيها أكبر بنوك مصر، وحقق عشرات الملايين أرباحا دون ان يسائله أحد، حتى كانت 25 يناير 2011، التي لم يحسب لها حسابا، ليسارع الى التوجه بطائرته الخاصة مع أسرته، وما غلا ثمنه وخف حمله الى أوروبا، ويقال عبر إسرائيل أولا، حيث استقر هناك، وحصل بأمواله ونفوذه على جنسية الدولة الأوروبية، لتبدأ رحلة مطالبة مصر بعودته وتسليمه، وتتوالى الأحكام الغيابية بالسجن المشدد على «الدكتور خالد» وابنه، وليتم وضع العائلة كلها على قوائم ترقب الوصول ونشرات الانتربول الحمراء. 7 سنوات سجنا بتهمة غسيل الأموال بقيمة 4 مليارات دولار. و15 سنة أخرى سجنا بتهمة الاستيلاء على أراضي الدولة. و10 سنوات سجنا لبيعه الكهرباء.. نعم كان يستطيع، فهو دولة داخل الدولة.. وكيان مستقل وحده!! .. ولم تقتصر القضايا والاتهامات والأحكام على ما حدث من فساد.. وإفساد، داخل مصر، بل امتد خارجها حيث تلاعبت شركة يملكها «الدكتور خالد» مع رجل أعمال أميركي هو أيضا عميل سابق لأحد أجهزة الأمن الأميركية، في مستندات وفواتير وعمليات شحن من الولايات المتحدة كشفت عنها الجهات الأميركية، واضطر الشريكان الى تسوية المسألة بعد الاعتراف بجرائمهما ووافق «الدكتور خالد» على دفع غرامة بحوالي 3 ملايين دولار، في حين دفع شريكه الأميركي 130 ألف دولار.. لإغلاق القضية، وتسوية النزاعات المدنية. كم هائل من الفساد ـ العابر للقارات ـ لم يكتفِ أصحابه بنهب أرض مصر، واستحلال ثرواتها، وإنما أصروا على استغلال نفوذهم لأقصى درجة حتى يتغلغلوا بفسادهم الى كل ثغور مصر، ليمتصوا خيراتها، وتتحول ملايينهم الى مليارات تحت سمع وبصر شعب يزداد فقراؤه فقرا، ونظام حكم كان يعلم.. ويشارك ويحاط علما بكل ما يجري.. ولم يكتفِ بالاسترخاء في فيلات شرم الشيخ الخمس الفاخرة. .. وبعد سقوط النظام وتوالي صدور الأحكام، وتضييق الخناق على «الدكتور خالد» وأسرته في منفاه الاختياري، بدأت رحلة البحث عن سبيل للعودة، خاصة بعد وفاة الحفيد في الغربة، فكانت «المصالحة» الأكبر قيمة في تاريخ المحروسة!