ملف مياه النيل كان هو المصور والمقصد والهدف للزيارة الأخيرة لرئيس مجلس الوزراء المصري للسودان وجوبا في إطار اللجنة العليا المشتركة للدولتين‏

وبرغم مناقشة اللجنة العديد من الموضوعات الاقتصادية والتجارية التي تهدف إلي توثيق التعاون في المجالين السابقين. فإن مناقشات المياه بين الدولتين استأثرت بأهمية كبيرة في ضوء متغيرين أساسيين, الأول: توقيع6 دول من حوض النيل علي الاتفاق الإطاري الذي ترفضه كل من مصر والسودان, وهو الأمر الذي يؤكد أن دول الحوض تتحرك بطريقة منفردة, خاصة أن بعضها ماض في عرض الاتفاقية علي برلماناتها.

أما المتغير الثاني فهو قيام إثيوبيا ببناء سد بوردر علي النيل الأزرق, وبطريقة منفردة, وهو ما أدي ـ علي حد تعبير وزير الري المصري في اجتماع الجانب المصري ـ السوداني لبحث سبل التعاون مع دول حوض النيل والمستوي الثنائي ـ إلي استياء مصر من تصرف إثيوبيا.

الموقف السابق لسيناريوهات ما بعد توقيع الاتفاق الإطاري لدول حوض النيل وبدء إثيوبيا في بناء سد علي النيل بصورة منفردة وتوقع مصر لقيام دول حوض النيل بانتهاج تصرف مماثل لإثيوبيا يطرح تساؤلا عن موقف مصر والسودان واستراتيجيتهما في مواجهة أزمة المياه المحتملة في أنصبتهما من نهر النيل؟!

شهد اجتماع مصر والسودان لبحث ملف المياه في الخرطوم استعراض الدكتور حسين العطفي وزير الموارد المائية والري للخطاب الذي أرسله إلي نظيره الإثيوبي بخصوص قيام إثيوبيا بصورة منفردة بالإعلان عن مشروع توليد طاقة علي النيل الأزرق وما أعلن بعد ذلك عن بدء الشركة الإيطالية ساليني في تنفيذ سد بوردر.

وأشار وزير الري إلي أنه علي الرغم من اشتراك الدول الثلاث في دراسات ما قبل الجدوي للسد, فإن السد يبني الآن بدون معرفة ما هي الدراسات التي تمت بعد ذلك ومدي كفايتها لإقامة مثل ذلك المشروع العملاق, وأن إثيوبيا قد بنت علي الدراسات التي قامت بها الدول الثلاث من خلال مشروع تبادل الطاقة بالنيل الشرقي دون مشاركتهم.

وأوضح وزير الري أن تلك الخطوة تعتبر انتهاكا لحقوق بلدي المصب السودان ومصر, وأن هناك نية إثيوبية للسير علي هذا النهج في المستقبل, كما أن عدم اتخاذ إجراءات حاسمة من الآن سوف يوفر مناخا ملائما لاستمرار سياستها المنفردة, خاصة أن السد الذي يتم بناؤه حاليا هو واحد من سلسلة من السدود إذا ما تم بناءها وتشغيلها بالأسلوب المنفرد نفسه فسوف يؤثر سلبيا علي مصر والسودان, وهو أمر لن يقتصر علي إثيوبيا حيث ستقوم دول الحوض الأخري بالسير علي النهج نفسه, ويقول مصدر مسئول: لقد تم الاتفاق علي قيام الجانب السوداني بالاتصال بالجانب الإثيوبي للحصول علي المزيد من المعلومات حول تلك السدود, وأن تتم مناقشة مشروعات من إثيوبيا في الإطار العام للتعاون مع إثيوبيا.

موقف مصري ـ سوداني جديد من مبادرة حوض النيل

تطرقت الاجتماعات وفق ما أكدته مصادر رفيعة المستوي إلي موقف مصر والسودان من التعاون مع دول حوض النيل في إطار المبادرة, فمنذ إعلان دول منابع حوض النيل السبع عن نيتهم توقيع الاتفاق الإطاري, فقد قامت كل من مصر والسودان بجهود كبيرة لإثناء الدول عن عزمها من خلال زيارات مكوكية للسادة الوزراء, وكذلك مناقشة بنود بديلة لتلك المختلف عليها, وإطلاق مبادرات رئاسية, والآن وبعد توقيع ست دول علي الاتفاق الإطاري فقد بات واضحا أن دول الحوض تتحرك بطريقة منفردة, وقد أعلنت بعضها أنها ماضية في عرض الاتفاقية علي برلماناتها, وكذلك المضي قدما في إعلان مفوضية حوض النيل في هذا الإطار قامت مصر والسودان في الاجتماع الأخير بالمشاركة في أنشطة مبادرة حوض النيل, حيث أعلنت سابقا كل من مصر والسودان عدم المشاركة في أنشطة مبادرة حوض النيل بعد توقيع خمس دول فقط علي الإطار, إلا أنه وبعد توقيع بوروندي علي الاتفاق الإطاري فقد أصبحت هناك ست دول, مما أضاف متغيرا جديدا وهو ما من شأنه أن يتم التنسيق بين البلدين في ظل ذلك المتغير, والتوصل إلي اتفاق بشأن المشاركة في الأنشطة المستقبلية لمبادرة حوض النيل.

ورقة قانونية حول تداعيات توقيع دول المنبع علي الاتفاقية

ويشير محضر اجتماع اللجنة المصرية ـ السودانية للمياه إلي اتفاق الجانبين المصري والسوداني علي أن هناك تداعيات نشأت عن توقيع دول المنبع منفردة علي الإطار دونما موافقة مصر والسودان, ومن ثم تم الاتفاق علي أن يتم إعداد ورقة قانونية بتلك التداعيات حيث سيقوم الجانب السوداني بدراسة المبادئ توطئة لمناقشتها مع الجانب المصري في إطار لجنة من الفنيين القانونيين من الجانبين.

المقترح الكيني

ووفقا لما تم تأكيده فقد ناقشت مصر والسودان الإطار القانوني والمؤسسي المادة14 ب, ويقول المصدر: لقد سعت مصر والسودان إلي إيجاد حل لنقاط الخلاف بالإطار, ونواجه الآن توقيع ست دول من حوض النيل وإعلانها استمراها في اتخاذ الخطوات, وتعتبر المادة14 ب هي محل الخلاف الأساسي, هذا وتعتزم مصر أن يكون المدخل لمناقشة تلك المادة من خلال طرح عدد من المبادئ, هذا وقد اتفقت مصر والسودان علي مراجعة المقترح الكيني بواسطة لجنة علي أن يتم عرض المقترح علي الدول بواسطة الجانب الكيني.

الاجتماع الوزاري الاستثنائي لدول حوض النيل

ويقول المصدر: لقد تمت مناقشة الاجتماع الوزاري الاستثنائي لدول حوض النيل الذي تقرر عقده في أثناء الاجتماع الوزاري الثامن عشر لوزراء المياه لدول حوض النيل الذي عقد بالعاصمة الإثيوبية من المنتظر أن يناقش الاجتماعات المنتظر التداعيات من جراء توقيع دول المنبع.

ويقول المصدر: هناك تنسيق مصري سوداني للدفع نحو عقد ذلك الاجتماع علي أن يكون قبل الاجتماع السنوي العادي, هذا وتقرر تضمين المقترح الكيني في أجندة الاجتماع الاستثنائي المقبل, وذلك عن طريق الجانب الكيني.

تأثر برنامج النيل الشرقي نتيجة التصرف الإثيوبي

أحد الموضوعات المهمة التي ناقشتها لجنة المياه المصرية ـ السودانية هو برنامج النيل الشرقي, وفي هذا الإطار يشير محضر الاجتماع إلي قيام السيد الدكتور مدير المكتب الفني لدول حوض النيل الشرقي الإنترو بزيارة كل من مصر والسودان لعرض التحديات الحالية وتوضيح الصعوبات التي تواجه دول حوض النيل والتي من خلالها تتأثر أنشطة المشروعات, وبصفة خاصة مشروع النموذج التخطيطي الذي يجابه مشكلة إلغاء التمويل نتيجة عدم بدء تنفيذ أنشطته, وقد تم الرد عليه بأن هناك خطأ إجرائي في إسناد تنفيذ المشروع لإحدي الشركات دون مشاركة الدول الثلاث, كذلك أثار مدير المكتب مشكلة مساهمة كلا الدولتين في تمويل مكتب الإنترو, واقترح قيام الإنترو بالتنسيق لعقد اجتماع لوزراء المياه من الدول الثلاث بصورة غير رسمية لتقريب الرؤي والمواقف.

هذا وقد قام وزير الموارد المائية المصري بتوضيح أن التعاون بين دول الحوض يعتبر من أولويات الحكومة المصرية, وأن مصر قد ساءها ما تم نشره من عزم إثيوبيا بطريقة منفردة تنفيذ سد علي النيل الأزرق, وهو ما سوف يؤثر بالطبع علي مسار المشروعات ما لم يكن هناك تنسيق وتبادل للرؤي والمواقف.

ويقول المصدر: لقد اتفقت مصر والسودان علي ضرورة مراجعة الموقف الحالي للدولتين وتقويمه قبل عقد اجتماع النيل الشرقي, كذلك تقوم اللجنة المذكورة بدراسة الموقف الحالي, خاصة مشروع النموذج التخطيطي علي أن تعقد اللجنة اجتماعها بالخرطوم خلال الأسبوع الأول من أبريل الحالي.