لاشك أن الفترة المقبلة تحتاج إلى تكاتف وتعاون كبير بين جميع الجهات المحلية لتسارع خطوات الإصلاح الاقتصادي الذي تأخر كثيرا وعلى مدار الأشهر الماضية وتحديدا منذ اندلاع الأزمة المالية وهو ما تسبب في ان تعيش الكويت حاليا في مفترق طرق كبير بين «الرغبة» في التحول إلى مركز مالي وتجاري إقليمي و«الواقع المحلي» الذي يشهد توقفا لمشاريع وخطط التنمية.
قبل التفكير في كيفية التحول إلى مركز مالي وتجاري في المنطقة
فتحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري كما يحلم الجميع أمر ليس بصعب وإنما هو حلم يحتاج إلى جهود كبيرة والى أهداف إستراتيجية كبيرة وطموحة لاسيما وان الكويت تتمتع بموقع جغرافي وبنية تحتية مناسبة، فضلا عن عنصر الأمان والاطمئنان وذلك بالمقارنة مع حالة عدم الاستقرار السائدة في المناطق المجاورة لها.
ورغم أن اقتصاديين أشاروا لـ «الأنباء» إلى ان الكويت متأخرة ما بين 20 إلى 25 عاما على اقل تقدير، وهي مدة قصيرة من وجهة نظرهم في حياة الأمم، لكن التأخر أكثر من ذلك أمر غير مقبول إطلاقا بكل تأكيد، حيث ان المزيد من التأخر سيتحول إلى سقوط وانهيار في نهاية المطاف، وهذا ما لا نريده ولا نتمناه بلا ريب. وحتى تكون الكويت مركزا ماليا وتجاريا إقليميا، فلابد أن تكون في البداية مركزا محليا أولا وذلك حسبما يطمح إليه كثير من الخبراء، أي أن تكون الدولة جاذبة ومحتضنة لاهتمام ومصالح الاستثمارات الاقتصادية أولا، وذلك حتى يكون أصحاب الأعمال سفراء اقتصاديين لبلادهم كمرحلة تالية، بل نستطيع القول إن الوضع مقلوب تماما، أي أن أصحاب الأعمال قد «هربوا» من البلد، وذهبوا يشكون الحال ويعبرون عن أسفهم وآلامهم للأجانب بل ويضخون استثماراتهم في العديد من بلدان المنطقة وفي مقدمتها دبي، وذلك هربا من البيئة الاقتصادية الطاردة محليا إلى البيئة الاقتصادية الجاذبة خارجيا وعليه فقد تحولت الاستثمارات الكويتية من دون قصد إلى ماكينة دعائية مضادة لجذب اهتمام الأجانب إلى البلاد.
وقد توقف الخبراء أمام 6 نقاط هامة لإعادة بناء الكويت من الداخل وهي:
1-إعادة بناء جوانب الدولة ومؤسسات اتخاذ القرار بعيدا عن المجاملة وأنصاف الحلول، وهنا يشير الخبراء الى أن تحقيق هذا الأمر يتطلب أمورا عدة منها توفير الكفاءات المناسبة لإدارة المؤسسات متخذة القرار.
2-توطيد الشراكات الإستراتيجية مع الدول وهو الامر الذي يتطلب جهدا ديبلوماسيا مكثفا ومركزا مع الدول المجاورة لتبادل المنافع والمصالح على أسس واضحة وإستراتيجية بعيدا عن المجاملات والعواطف.
3-تطوير التشريعات الاقتصادية والتي يأتي في مقدمتها القانون التجاري وقانون الشركات وقانون البناء والتشغيل والتسليم الـ (B.O.T) ومشتقاته الأخرى مثل مشاركة القطاعين العام والخاص (P.P.P).
4-تطوير البنية التحتية واستكمالها مثل توسيع المطار وطاقة الموانئ وشبكة الطرق ومحطات توليد الطاقة وتحلية المياه والمصافي النفطية وكذلك تطوير خدمات البريد وشبكات الاتصالات.
5-الاستفادة من تجارب الآخرين في هذا المضمار وذلك بهدف الانطلاق من النقطة التي وصلوا إليها سواء كان هذا الآخر دولا أو مؤسسات أو حتى أفراد.
6-استحداث مؤسسات ترعى المركز المالي والتي يأتي في مقدمتها هيئة سوق المال وهيئة تشجيع الاستثمار وغيرهما من المؤسسات التي تعتبر البنية التحتية التنظيمية لأي مركز مالي وتجاري.