كان عام 2010 كارثيا بالنسبة لأوروبا على الصعيد الاقتصادى مع الأزمة المالية التى حلت باليونان وأيرلندا واستوجبت إقرار خطتى إنقاذ للبلدين تقابلهما خطتا تقشف، مما أرغم منطقة اليورو على بدء حملة إصلاح معمقة لتخطى المحنة.

وأعلنت المستشارة الألمانية، إنجيلا ميركل، ملخصة الوضع "إذا فشل اليورو، فإن أوروبا هى التى ستفشل".

بدأت الأزمة مصرفية ومالية، وقد صدرتها الولايات المتحدة إلى أوروبا إثر إفلاس مصرف ليمان براذرز، ثم تحولت إلى أزمة اقتصادية مع حصول أخطر انكماش اقتصادى عرفته أوروبا منذ عام 1945، واتخذت هذه السنة منحى ماليا واجتماعيا تحت تأثير تزايد العجز فى الميزانيات والديون، فارضة على جميع البلدان ضبط النفقات، والتقشف على أشده فى اليونان التى وصلت إلى شفير الإفلاس، وفى أيرلندا حيث تم الحد من المساعدات الاجتماعية وتخفيض أجور موظفى الدولة وزيادة الضرائب.

وهو الثمن المستوجب تسديده للحصول على مساعدة الاتحاد الأوروبى وصندوق النقد الدولى اللذين خصصا قروضا بقيمة 110 مليارات يورو لليونان فى مايو وقروضا بقيمة 85 مليار يورو لأيرلندا فى نوفمبر. وفى هذه الأثناء تراقب الأسواق الدول المرشحة لانتقال العدوى إليها وفى طليعتها البرتغال وأسبانيا.

وهذه الأزمة جاءت بمثابة صفعة قوية لأوروبا التى تشعر بتراجعها إزاء القوى الناشئة، فصندوق النقد الدولى لم يهرع هذه المرة لمساعدة دول مثل المكسيك والأرجنتين وأندونيسيا، بل دول أوروبية.

وفى سياق البحث فى التطورات التى أوصلت الأمور إلى هذا الحد، يشار إلى أن المساعدات العامة للمصارف التى تسببت بنشوء الأزمة أساسا، تلقى اليوم بثقلها على مالية الدولة، لكن الأمر لا يقتصر على ذلك، فأوروبا تدفع ثمن تزايد بطئ وثابت فى دينها منذ السبعينيات وانتهاء مرحلة النمو الاقتصادى القوى فى الفترة ما بين 1945 و1974، وهى منذ ذلك الحين تقترض للحفاظ على مستواها المعيشى.

وقال دبلوماسى أوروبى، إن "الأسواق أعطت إشارة بانتهاء العطلة".

وبعد الأزمة الاجتماعية التى ظهرت جليا فى بلدان عدة مع المظاهرات العنيفة فى لندن ضد رفع الأقساط المدرسية والجامعية وإحراق مصرف فى مايو فى اليونان ما تسبب فى سقوط قتلى واضطرابات حول إصلاح النظام التقاعدى فى فرنسا، من المحتمل أن تقضى المرحلة المقبلة بقيام أزمة سياسية.

وقال الرئيس السابق الفرنسى للمفوضية الأوروبية جاك دولور مبديا قلقه، إن "أوروبا تتراخى وتعيرها تيارات شعبوية وقومية".

وفى هذا السياق، يسجل بروز اليمين المتطرف مع تحقيقه اختراقا تاريخيا فى السويد عام 2010 وتقدما فى دول مثل هولندا والمجر. ويبدى المسئولون الألمان فى الجلسات الخاصة مخاوف من أن يغتنم الشعبويون أزمة اليورو فى بلادهم أيضا ويستفيدون من المعارضة الشعبية المتزايدة لدفع ديون دول الجوار.

وسعيا منها لتجنب التفكك، باشرت منطقة اليورو التى تعتبر من أبرز مشاريع الاتحاد الأوروبى، عملية تحول من أجل إصلاح نقاط الخلل المتوارثة منذ تأسيسها، من خلال إقرار إصلاحات لم تكن لتخطر فى بال أحد قبل فترة قصيرة.

وقام الاتحاد النقدى بإزالة الحاجز الألمانى الذى كان يمنع أى آلية تضامن مالى بين الدول وتم إقرار صندوق إنقاذ بقيمة 750 مليار يورو بشكل عاجل فى مايو فى ختام سباق ضد الساعة لإنقاذ اليورو.