في إطار السعي لحماية اقتصاد القارة العجوز من التعرض لهزا ت اقتصادية جديدة, دخلت حالة الاستنفار الاقتصادي الذي تعيشه أوروبا لمواجهة الأزمة المالية في أيرلندا يومها الثاني أمس ولكن بوتيرة أقل حدة سمحت لبورصات القارة والعالم أن تتنفس الصعداء مرة أخري.
مسئول الوحدة الأوروبية فى صندوق النقد الدولى اثناء توجهه الى البنك المركزى الايرلندى
وذلك بعد نجاح قادة أوروبا في إقناع المسئولين الأيرلنديين' العنيدين' بقبول تدخل الاتحاد لإنقاذ الموقف الاقتصادي في البلاد, وجاء تحول موقف أيرلندا الحريصة علي استقلالها في استجابة لخطة الإنقاذ التي اتفقت عليها بعثة من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد مساء أمس الأول بهدف انقاذ النظام المصرفي الأيرلندي.
ففي بداية مريحة ليوم طويل من المناقشات سيشهد خلال ساعات اجتماعا جديدا بين المسئولين الاقتصاديين الأيرلنديين ونظرائهم في الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي, صرح باتريك هونوهان حاكم البنك المركزي الايرلندي أمس بأنه يتوقع أن تفضي المفاوضات بين أيرلندا وشركائها الاوروبيين الي منح أيرلندا قرضا بمليارات اليورو.
ومن المتوقع أن تبدأ المحادثات بين الحكومة الأيرلندية وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية في دبلن خلال ساعات حيث سيسعي فريق الخبراء إلي تنفيذ مهمة بالغة الدقة وهي اقناع أيرلندا بالموافقة علي ميزانية' دولية الصنع' تبلغ مدتها أربع سنوات كما تهدف لإعادة هيكلة للقطاع المصرفي.
وعن هذه المحادثات قال هونوهان أمس إن المفاوضات ليست بشأن خطة إنقاذ مالي لكن ستؤدي إلي حصول أيرلندا علي قرض قيمته عشرات المليارات من الدولارات وأن الحكومة سيتعين عليها أن تقبله. يذكر أن رئيس وزراء أيرلندا بريان كوين كان قد رفض مراراـ واضعا نصب عينيه الحفاظ علي استقلال بلاده ـ المشاركة في مفاوضات بشأن خطة إنقاذ, معتبرا أن الوضع الاقتصادي الأيرلندي شأنا دخليا لبلاده.
وفي إشارة لتبدل الموقف الأيرلندي تحدثت القناة العامة الأيرلندية صباح أمس إن هناك قبولا حذرا حاليا بأن أي تمويل للبنوك سيتعين أن يكون مدفوعا من قبل الدولة. وفي هذا السياق أوضح وزير المالية الأيرلندي براين لنيهان أن الوفد سيعكف علي دراسة المشاكل الهيكلية للقطاع المصرفي الأيرلندي في ضوء الضغوط الاخيرة في الاسواق وتقييم ما ينبغي عمله. ورغم أنه لم يتم تحديد أي مهلة لانتهاء الوفد من مهمته, فإن نيهان أكد أن المناقشات تكتسي طابعا عاجلا.
وقد أدت صعوبات البنوك في ايرلندا التي تعاني من انعكاسات أزمة عقارية وعجز عام هائل تبلغ نسبته23% من اجمالي الناتج الداخلي خلال العام الحالي الي ارتفاع معدلات فائدة قروض الدولة. وإذا تقرر اعداد خطة مساعدة فان ايرلندا سيمكنها الاستفادة من صندوق الاستقرار المالي الذي تأسس في مايو الماضي في منطقة اليورو. وسيتمكن الصندوق من جمع الاموال في الاسواق بضمان من الدول الاعضاء في منطقة اليورو, وقد تصل الي044 مليار يورو. ومع اضافة قروض صندوق النقد الدولي والاتحاد الاوروبي يمكن في الاجمال توفير057 مليار يورو. وكان وزراء الخزانة والمال لدول منطقة اليورو قد اعتمدوا مساء أمس الأول بعد سلسلة من المشاورات المكثفة في بروكسيل خطة تحرك تهدف إلي تقديم دعم مالي محدد إلي البنوك الايرلندية المهددة في مرحلة أولي وإنقاذ الحسابات العامة الأيرلندية من الانهيار في مرحلة ثانية. ووافق المسئولون الأوروبيون علي تشديد الرقابة علي البنوك, لكنهم تعثروا بشأن مسألة ضريبة القيمة المضافة في القطاع المصرفي وتبادل المعلومات الضريبية بين الدول.
كما وافق الوزراء بالإجماع علي خطة لإنشاء ثلاث هيئات رقابية جديدة في يناير المقبل علي البنوك وشركات التأمين والأسواق لتصحيح الاختلالات الناتجة عن الأزمة المالية, وأيضا سيكون هناك مجلس أوروبي جديد لتقييم المخاطر يستضيفه البنك المركزي الأوروبي لرصد المخاطر الأوسع نطاقا ومنعها من التحول إلي فقاعة للأصول تهدد الاستقرار.
في هذه الأثناء, ارتفعت اسعار الأسهم الأوروبية لليوم الثاني علي التوالي في ظل تفاؤل بأن تعاون ايرلندا مع بعثة الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي بشأن خطوات عاجلة لمساعدة قطاعها المصرفي قد يؤدي إلي حل أزمة ديونها. وارتفع مؤشر' يوروفرست' لأسهم الشركات الأوروبية الكبري أمس6.0% إلي33.9901 نقطة بعدما أغلق مرتفعا5.0% في الجلسة السابقة. ولقيت شركات التعدين دعما من ارتفاع أسعار المعادن حيث ارتفع مؤشر ستوكس006 الأوروبي لأسهم شركات الموارد الأساسية7.0%. وفي أنحاء أوروبا ارتفع مؤشر' فايننشال تايمز' البريطاني7.0% ومؤشر' كاك'الفرنسي8.0% في حين تقدم مؤشر' داكس' الألماني واحدا بالمائة. كما عزز اليورو مكاسبه أمس ليرتفع1% أمس مقابل الدولار بدعم تكهنات عن إقبال جيد في مزاد علي سندات حكومية اسبانية وتفاؤل بمنح أيرلندا مساعدات قريبا. وبلغ الجنيه الاسترليني أعلي مستوي أمس عند5795.1 دولار. وانعكس هذا الانتعاش علي بورصات الذهب الأسود حيث ارتفعت اسعار العقود الآجلة لمزيج برنت في لندن أكثر من دولار حتي13.48 دولار للبرميل أمس في ظل تراجع الدولار ومشاعر التفاؤل الحذر بشأن أزمة ديون أيرلندا.