عيد الاضحى لا يكتمل الا بالاضحية ويحاول المسلمون كافة الحصول على اضحية العيد، ولذلك ترتفع اسعار المواشي ويكثر الطلب عليها ويمكن ان يقع المواطن فريسة لقلة معرفته سواء بالحيوان الصحيح عند شرائه او بالطرق السليمة للتعامل مع الاضحية ولحومها للحفاظ على صحتنا، كما ان هناك الكثير من الامراض الخطيرة التي تنتقل من الحيوان المصاب الى الانسان، ومن اللحوم الى الانسان.

الدكتور علاء الجمل استشاري امراض باطنية للوقوف على الامراض التي تسببها اللحوم التي لا تستوفي الشروط الصحية، وخطرها على صحة الانسان، كما توجهت للجزار سفيان جهاد للاستماع الى ارائه، وخبرته في مجال الاضاحي والتعرف على المواشي المصابة ولحومها.

التلوث والعدوى

في البداية سألنا د.علاء عن تلوث اللحوم والامراض التي تسببها في حال كانت ملوثة بالامراض، وكذلك للتعرف على الامراض المصنفة على انها بسبب لحوم الحيوانات، فقال: للحوم اهمية عظيمة في غذاء الانسان، لانها مصدر هام من مصادر البروتين والأحماض الامينية الاساسية، بالاضافة الى الدهون والمعادن والفيتامينات اللازمة لنمو الانسان، وقيام الجسم بوظائفه الفيزيولوجية الطبيعية.

والغاية من حفظ اللحوم حمايتها من مسببات الفساد، بالاضافة الى المحافظة بقدر الامكان على المميزات الاستهلاكية والقيمة الغطائية للنسج، وتلافي حدوث اي تغيرات في الصفات الفيزيائية للحم، مثل اللون والطعم والقوام.

وعن انتقال العدوى الى الانسان قال: طرق انتقال العدوى من الحيوان الى الانسان متعددة فمنها ما ينتقل عن طريق تناول اللحوم مثل الديدان الشريطية والحويصلات المائية والحمى المالطية والدرن وبعض الامراض البكتيرية والفيروسية، وقد تنتقل العدوى اذا ذبح الانسان الحيوان المصاب وفيه جروح، أو لمس الدم الملوث، فقد يصاب بمرض حمى الوادي المتصدع، والحمي النزفية وغيرها.

وعن مصادر التلوث افاد بأن اهم مصادر التلوث في اللحوم: الحيوان، التجهيز في المجزر، النقل والتداول، الأسواق، الثلاجات، ويحتوي اللحم على ميكروبات عديدة، اما ان تكون ضمن الفلورا الطبيعية الموجودة في اللحم او الفلورا الملوثة له، وعموما تعد جميع الميكروبات ملوثة للحم نظرا الى ان الانسجة الداخلية للحيوان السليم تكون خالية من الاحياء الدقيقة، يأتي التلوث من حقل التربية والعلف والارضية وماء الشرب، فتتلوث الارجل والجلد والاحشاء التي تنتقل الى اللحم اثناء عملية الذبح والانتاج. ويحدث تلوث اللحم على شكلين، تلوث اولي، وتلوث ثانوي.

فالتلوث الاولي: يحصل عندما يكون الحيوان على قيد الحياة وتصل الاحياء الدقيقة الى العضلات عن طريق الاوعية الدموية، او يحصل التلوث اثناء عملية الذبح، وبشكل عام يعد اللحم معقما لان الاحياء الدقيقة لا تنمو في الانسحة السليمة، الا ان تعرض الحيوان الى عمليات الاجهاد الجسدي تؤدي الى ضعف مقاومة الجسم، وحدوث خلل في نفاذية بعض الاغشية التي تسمح بمرور الميكروبات الى العضلات عن طريق الاوعية الدموية الموجودة في تلك المنطقة.

كما تؤدي بعض الحالات الى دخول الميكروبات الى العضلات عندما يتعرض الحيوان للعطش الشديد، او الجوع الشديد او للتبدلات الحرارية المفاجئة وتقلباتها، فتؤثر في الجهاز المناعي للحيوان مما يسبب زيادة في اعداد الاحياء الدقيقة في اللحم.

كما تؤثر فترة استراحة الحيوان في المسلخ قبل عملية الذبح في اعداد الكائنات الحية الدقيقة في اللحم، فعند ذبح الحيوان مباشرة بعد وصوله الى المسلخ يحتوي اللحم على عدة اضعاف من ميكروبات الاحشاء الداخلية مقارنة مع الحيوانات التي تعطى فترة راحة مناسبة.

واضاف: يتم هذا التلوث عن طريق: استخدام الاكياس السوداء المخصصة للنفايات وكذلك في العبوات الكرتونية التجارية كالمبيضات (كلوركس) والصابون وغيرها، نقل الذبيحة بسيارة مكشوفة، او تركها في السيارة لفترة زمنية طويلة تحت درجة حرارة عالية، استخدام ادوات ملوثة في التقطيع والتي يظهر عليها اثار الصدأ او التي سبق استخدامها في تقطيع منتجات اخرى، ملامسة اللحوم مباشرة باليد دون استخدام قفازين وخاصة الايدي التي تحمل جروحا او تقرحات، تغليف او حفظ اللحوم في اكياس بلاستيكية تجارية سبق استخدامها في اغراض اخرى، الاهمال بوضع اللحوم الطازجة بعد الذبح في التبريد لمدة لا تزيد على 24 ساعة عند درجة حرارة 3 – 5 درجات مئوية قبل مرحلة التجميد، وضع مخلفات الذبيحة كالكرش والمصران مع اللحوم في عبوة واحدة دون فصلها بأكياس مستقلة، اهمال تجميد اللحوم عند درجة حرارة 18 درجة مئوية الى 30 درجة مئوية والتبريد عند درجة حرارة بين 1 و5 درجات مئوية، مع عدم تفريغ اكياس الحفظ من الهواء، اذابة او تسييح اللحوم المجمدة واستقطاع جزء منها ثم اعادة تجميد الباقي مرة اخرى تكرار اعطال او توقف جهاز التبريد في حالة عدم وجود الكهرباء او خلل ساعة الحرارة.

تحليل اللحوم

واكد ان الاحياء الدقيقة تهاجم اللحوم لتحللها الى مكوناتها الاساسية وذلك لتسهيل امكانية الاستفادة منها في نموها وتكاثرها، وهذا يؤدي حتما الى فساد اللحم، حيث تفرز الكائنات الحية الدقيقة الانزيمات التي تحلل مكونات اللحم، «سكريات وبروتين ودهن» وينتج عن هذا التحلل تغير في قوام اللحم وانطلاق رائحة غير مستساغة وطعم غير مقبول، وتبدأ عملية فساد اللحم ابتداء من تحلل المواد الكربوهيدراتية ثم المواد البروتينية، ثم الدهون لاحتوائها على كميات قليلة من الماء.

الأمراض المعدية

وحول الامراض المعدية قال د.علاء: هي امراض ناتجة عن سموم كيميائية او طبيعية: الكيماويات ذات الاثر التراكمي، «المعادن الثقيلة»، او الكيماويات المستخدمة في الحفظ «النترات» والتلوث بالمبيدات الحشرية بالمصادفة او الاهمال، وتواجد سموم فطرية في انسجة الحيوانات نتيجة تغذية الحيوانات على اعلاف ملوثة بالفطريات المفرزة للسموم الفطرية.

ومنها ايضا الامراض المشتركة بين الحيوان والانسان وهي امراض تصيب الحيوان ويوجد احتمال انتقالها للانسان عن طريق الاحتكاك المباشر بالحيوان، او عن طريق تداول واستهلاك منتجاته وهي امراض تنتقل عن طريق الجهاز الهضمي اساسا مثل السل البقري، البروسيك، السالمونيلا، وامراض تنتقل عن طريق الجهاز الهضمي مصادفة مثل اللستيريا، وامراض تنتقل للعاملين في تجهيز اللحوم مثل السل، البروسيلا، الحمى الفحمية، حمى الوادي المتصدع.

وكذلك امراض تنتقل عن طريق اللحوم ومنتجاتها نتيجة التلوث الخارجي، التسمم الغذائي، وهي عدوى بكتيرية او فيروسية او سموم بكتيرية وفطرية.

وامراض طفيلية تصيب الانسان عن طريق اللحوم وهي مباشرة مثل الديدان الشريطية، وتنتقل عن طريق استهلاك لحوم غير مطهية جيدا تحتوي على حويصلات الديدان الشريطية، او غير مباشرة مثل الحويصلات القنفدية والديدان الكبدية.

ومن الامراض حديثة الظهور ولم تكن معروفة من قبل: حالات التسمم الغذائي الناتج عن ميكروبات البرسينيا والكمبيلوبكتر والليستيريا، وظهور امراض فيروسية لم يكن متعارفا عليها من قبل مثل فيروس حمى الوادي المتصدع، واخيرا مرض جنون البقر.

طرق الوقاية

وحول طرق الحد من الامراض التي تنتقل الى الانسان عن طريق اللحوم ومنتجاتها افاد الدكتور بأن هناك عدة اشتراطات، اولا: حيوانات الذبح يجب ان تكون خالية من الامراض خاصة الامراض التي تنتقل من الحيوان الى الانسان، يجب الاهتمام بطرق التعامل مع الحيوان قبل الذبح، بدءا من المزرعة مرورا بطرق النقل الى اراحة الحيوانات في حظائر المجزر.

وثانيا فحص الحيوان قبل الذبح وهذا الفحص بالغ الاهمية حيث ان استبعاد الحيوان المريض وعدم دخوله الى المجزر يقي العاملين من الاصابة ويحمي المجزر من التلوث، بالاضافة الى اكتشاف كثير من الامراض الهامة والخطيرة والتي قد لا يكون لها علامات واضحة في الذبيحة.

وثالثا فحص الحيوان بعد الذبح ويتم على اساس علمي وبواسطة طبيب بيطري مدرب للوقوف على الإصابات المختلفة وإجازة ما هو صالح للاستهلاك الآدمي.

ورابعا الرقابة الفنية لجميع الانشطة داخل المسلخ وهي الحد من جميع مصادر التلوث المختلفة، حيث ان اي خطأ في اي خطوة من خطوات اعداد الحيوان قد يؤدي الى تلوث اللحوم.

وخامسا الرقابة الصحية على جميع العاملين في المجزر وذلك مع فرض البرامج التثقيفية التي تؤدي إلى رفع مستوى تعاملهم مع اللحوم.

وسادسا تبريد الذبائح مباشرة بعد الذبح في غرف تبريد نظيفة مصممة ومجهزة لذلك.

وسابعا النقل فيجب ان يتم نقل اللحوم في عربات مبردة مجهزة لذلك، بحيث يمكن تنظيفها وتطهيرها.

وثامنا: أماكن بيع اللحوم فيجب ان تكون مصممة ومجهزة تجهيزا جيدا بحيث لا يتم عرض اي ذبائح او لحوم خارج الثلاجات.

نصائح من ذهب

وسألناه عن اهم النصائح التي يمكن تقديمها للمستهلكين للحفاظ على صحتهم فقال: يتم تبريد الذبيحة على درجة حرارة 4 مئوية لمدة 6-24 ساعة وبعد ذلك يتم تقطيع الذبيحة وتعليقها، ومن ثم تستهلك او تخزن بالتجميد وفي هذه الحالة سيحصل على لحوم طرية وذات عصيرية جيدة ولكن هذه قد تتعذر على الكثير من المستهلكين وذلك لعدم مقدرتهم على عملها في المنزل بل يجب ان تعمل اما في المجازر او في محلات عرض اللحوم وذلك لتوافر غرف التبريد الكبيرة.

ويجب ان يتم تقطيع اللحوم بعد الذبح ومن ثم تغليفها وتخزينها في الثلاجة على درجة حرارة الثلاجة العادية بشرط ان تتعرض جميع اللحوم للتبريد والا تتراكم اكياس اللحوم فوق بعضها ومن ثم يكون الجزء السفلي لم تصل إليه البرودة وقد يفسد بعد 24-48 ساعة، يتم نقلها الى التجميد او تستهلك، هذه الحالة متوافرة في معظم بيوت المستهلكين ويمكن ان تعمل بسهولة وتصبح اللحوم اقل طراوة من المرحلة الأولى ولكنها جيدة.

تجنب النزلات المعوية

وعن نصائحه لتجنب النزلات المعوية عند التعامل مع اللحوم في المنزل قال: لا شك ان التعامل مع الاطعمة بطريقة صحيحة يقلل من فرصة تكاثر البكتيريا في الطعام لهذا لابد من توخي الدقة والحرص عند تجهيز الاطعمة ومن النقاط التي يجب مراعاتها النظافة الشخصية ومنها غسل اليدين حيث انها تعتبر مصدرا رئيسا لتلوث الاغذية ان كانت غير نظيفة لأن الميكروبات تعيش على اليدين، وتحت الخواتم والاساور اعداد كبيرة من الجراثيم التي عند انتقالها للطعام تؤدي الى تلوثه ولأن اليدين في تماس مباشر مع الطعام ولهذا يجب مراعاة غسل اليدين قبل اعداد الطعام بالماء الساخن والصابون لمدة لا تقل عن 20 ثانية مع مراعاة خلع الخواتم اثناء اعداد الطعام.

وايضا يجب غسل اليدين عند الانقطاع من عملية اعداد الطعام لفترة ثم الرجوع اليه مرة اخرى وفي كل مرحلة من مراحل اعداد الطعام لابد من غسل اليدين وفي حالة وجود جرح او قطوع باليد يجب تغطيتها بضماد ومقاوم للماء مع تقليم الاظافر ومراعاة عدم لمس الفم والانف اثناء اعداد الطعام.

يوصي الخبراء بعدم شراء اي منتج مجمد اذا ما لاحظت وجود دماء على الغلاف او الكيس، فهو ما يدل على ان المنتج قد ذاب من الحرارة لفترة من الزمن ومن ثم تمت اعادة تجميده.

ويذكر الخبراء انه لا يجوز شراء اي منتج مجمد يلاحظ انه غير جامد الى حد الصلابة وهو ما يدل على فشل عملية الحفظ بالتبريد فهذه الممارسات تسمح للبكتيريا بالنمو والتكاثر وبالتالي يعتبر الغذاء فاسدا.

ومراعاة الطرق السليمة عند فك تجميد الاطعمة وذلك بنقلها من الفريزر الى الثلاجة قبل طهيها بحوالي 24 ساعة وتعتبر هذه الطريقة السليمة لفك الاطعمة المجمدة ولا ينصح بترك الطعام المجمد في درجة حرارة الغرفة عند فك تجميده وتقطيع اللحوم والدواجن التي يراد طهيها إلى قطع صغيرة لضمان وصول الحرارة الى كل أجزاء الطعام، واستخدام ألواح للتقطيع منفصلة ليكون للأطعمة النيئة مثل اللحوم والأطعمة التي تؤكل طازجة مثل الفواكه والخضراوات لمنع حدوث التلوث من الأطعمة النيئة الى الخضراوات والفواكه، وعدم استخدام ملعقة واحدة أثناء الطهي لتذوق الطعام عدة مرات لأن ذلك يؤدي الى انتقال الجراثيم.