هز فيديو نشر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي لمعلم سعودي يدعى عبد الله وهو يصور طالب بالصف الأول الابتدائي يبكي ويطلب منه السماح والغفران ويعده بمواصلة دروسه في البيت، مشاعر السعوديين.

 وكشف الفيديو الذي يظهر فيه الطفل محمد النجعي عن أحدث طريقة لعقاب الطلاب بالمملكة عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، وفي وقت سابق تحول أستاذ للتحقيق بعد أن كفّن أحد تلاميذه ثم وضعه في نعش وهو على قيد الحياة، وذلك على مرأى ومسمع من أقرانه في الطابور الصباحي.

اتهام ودفاع

وفي أول رد فعل رسمي سعودي، أصدرت إدارة التربية والتعليم بمحافظة صبيا يوم الخميس قراراً بإخلاء طرف معلم "الطفل الباكي" من مدرسته "الفيصل الابتدائية" بقرية الهيجة، تمهيداً لإحالته إلى العمل الإداري حتى يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة.

 أكد ذلك رئيس لجنة التحقيق الدكتور عسيري الأحوس وقال "إن النظام واضح وصريح وأي معلم يكون في وجوده ضرر على الطالب سيتم إبعاده عن المجال التعليمي".

وأضاف الأحوس أن المعلم "اقترف ممارسة خاطئة ونحن سننظر لها من الجانب العلاجي والتربوي"، حيث سنضعه في بيئة بعيدة عن الطلاب حتى استكمال التحقيقات، ولن نتجاهل السجل التربوي للمعلم"، مشيراً إلى أن التحقيقات مع المعلم "لم تنتهِ حتى الآن".

من جهته أكد الناطق الإعلامي لتعليم صبيا عبدالله عجيلي أن التحويل يأتي "وفق النظام حتى يصدر قرار نهائي من اللجنة المكلفة بمتابعة القضية"، وأشار إلى أن النظام يتيح إبعاد أي معلم عن التدريس إذا كان في وجوده ضرر على الطلاب، وشدّد عجيلي "تعليم صبيا لن يتهاون في هذه القضية بتاتاً".

وعلى الجانب الأخر دافع المعلم عبدالله كنيدري، صاحب مقطع الطالب الباكي الذي تداولته وسائل الإعلام خلال الأيام الماضية، عن نفسه، مؤكداً أن ما نُقل حول المقطع غير دقيق.

وتحدث "كنيدري" عن حال الطفل الذي اتهم بتعنيفه قائلاً: "الطفل كان دائم البكاء من أول اليوم الدراسي إلى آخره، وقد حاولت معه مراراً وتكراراً، مرة بالهدايا، وأخرى بمنحه الأموال والألعاب، ولكنه كان رافضاً للدراسة من بدايتها، ويؤكد أن الأهل يضربونه بالمنزل لكي يحضر للمدرسة"، وذلك حسب صحيفة "سبق".

وتابع: "بعدها خطرت على بالي فكرة، وهي أن أريه منظره وهو يبكي، وقلت له يا محمد انظر لصورتك وأنت تبكي، وأريك صورتك وأنت تضحك وتقارن بينهما، فقام يضحك الطالب وحضر سعيداً في اليوم التالي، وتوقف عن البكاء، فأخبرت مدير المدرسة والمرشد الطلابي بما حصل من إنجاز، بحيث أصبح الطالب يحب المدرسة".

وأكمل: "طلب المرشد الطلابي المقطع وأرسلته له بناء على طلبه، وقمت بمسحه من جوالي قبل شهر، وبعدها تحسن مستوى الطالب في الدراسة ولم تعد تحصل له مشاكل، وتفاجأت يوم الثلاثاء بأن الدنيا قامت ولم تقعد بعد نشر المقطع".

وأكد المعلم وهو في نوبة بكاء: "الأهالي وبعض المشائخ ذهبوا إلى إدارة التربية والتعليم لإخبارهم بأنني لم يبدر مني شيء طوال خدمتي في التعليم، ولا أقول إلا حسبي الله ونعم الوكيل".

مؤيد ومعارض

أثار قرار إعفاء المعلم الذي قام بتصوير الطالب الباكي من التعليم ضجة كبيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما بين مؤيد معارض ،فدافع بعض المغردين بأن المعلم لم يكن متعمداً الإساءة للطالب بل كان يرغب في تحفيزه وتشجيعه، وطالبوا بلفت نظر المعلم، فيما طالب آخرون بفصله نهائياً من السلك التعليمي تأديباً له، ووصفه بعضهم بأنه "ليس بكفؤ وليس مؤهلاً للمهنة".

وأستغرب المغرد "مخلد" اتخاذ هذا القرار بحق المعلم، وقال: كل هذا من أجل تسجيل فيديو لم يعتد عليه بالضرب ولا بالكلام.. قرار غريب!.

 وقال المغرد "فهد القحطاني": معلم صبيا ذهب ضحية نزوة مرشد طلابي وهو الذي سرب المقطع حسب إفادة المعلم، بالله عليكم هل هذا المرشد يستحق أن يكون مرشدا وهو غير أمين؟.

 وقال "شرقاوي" أنا أؤيد إبعاد المعلم إلى المرحلة المتوسطة أو الثانوية، أما فصل المعلم من التعليم.. فـ(لا)!!

فيما قال المغرد "نايف الغامدي": عندما تشاهد المقطع تجزم أن هذا المعلم فيه من النقص كثير وأنه ليس كفؤا للمكان الذي فيه.

 وقال المغرد "أحمد آل مقبل": هذا الشخص لا يستحق أن يكون معلماً، وقال "جميل": المدرسة مؤسسة تربوية وليست عقابية: إصلاح الطالب المخطئ لا يتأتى بالقسوة والشدة، وإنما بالمحبة والكلمة الطيبة ومنح الثقة.

 وقالت "د. عزيزة الرويس": جميل تطبيق المحاسبة للمعلم.. والأجمل تطبيق المحاسبة للجميع.. فعندما يعتدي طالب على معلم يعاقب الطالب أيضا مثلما حدث مع المعلم.

وعلى هاشتاغ باسم "معلم يعنّف طالباً"، كتب فيصل الحارثي: "المقطع الذي قام بتصويره (شِبه) المُعلِّم لا أرى فيه ذرّة مِن الإنسانية واهانة للطفولة البريئة، هذا إذا علمنا بأن الطالب يتيم! قمّة الحُزن".

أما ماجد فكتب: "حتى لو كنتَ معلماً فليس لك الحق بتصوير طلابك بشكل سيئ أبداً. ليس لك الحق. نحن المعلمين نستنكر هذا الفعل".

ومن التعليقات الأخرى التي انتشرت على تويتر "لو كان هالطفل اخوي لتمنيت انه يتم فصل المعلم ليكون عبره لباقي المعلمين.. أكثر من مره تنتشر مقاطع للطلاب يقوم المعلمين بتصويرها ولو كان هناك عقوبات صارمة لما استمرت هذه المقاطع".

الطفل الشجاع

وعلى جانب أخر قال أمان النجعي شقيق الطفل الباكي أن حالة شقيقه النفسية سيئة للغاية بعد ما قام به معلم الفصل من تصوير شقيقه والتشهير به.

وأوضح النجعي خلال مداخلة هاتفية مع برنامج الثامنة الذي يعرض على قناة "mbc1 "،  أنه لا ينظر إلى حالة شقيقه كحالة منفردة، بل خشيته من أن تكثر هذه الحالات وتستمر بلا عقوبة.

وقال النجعي "إن شقيقي يعد يتيماً بعد وفاة والدنا ويدرس في الصف الأول الابتدائي"، مشيراً إلى أن هناك عدداً من الشكاوى والتحقيقات الجارية بالقضية.

في المقابل وعدت المدرسة أخو الطفل الباكي بإقامة حفل استقبال خاص لأخيه عند عودته للمدرسة، فيما كشف عن مبادرة أهالي الحي الذي يقطنونه بتقديم  الهدايا التشجيعية لمحمد، فيما أطلق عليه لقب "الطفل الشجاع". وبين أن معلمي المدرسة يتقدمهم وكيلها وعدوا بإقامة حفل استقبال لمحمد يتخلله بوفيه مفتوح؛ لكسر الحالة التي تعرض لها بعد مقطع الفيديو الذي ظهر فيه وتداولته مواقع التواصل الاجتماعي أخيرا.

كما أعلن مدير عام التربية والتعليم بمحافظة صبيا، الدكتور أحمد ربيع، عن تشكيل فريق من إدارة التوجيه والإرشاد، لعمل برنامج دعم وتأهيل نفسي لـ "الطفل الباكي"، الذي أثار ظهوره في مقطع للفيديو، صوره معلمه، ردود أفعال كثيرة، تطلبت إحالة المعلم للتحقيق وفقا لما ذكرته "الوطن".

وبعد هذا الجدل الكبير حول فيديو"الطفل الباكي" بث حساب "ملتقى المعلمين" المعني بالدفاع عن حقوق المعلمين في السعودية صورة تجمع "الطفل الباكي"، بمعلمه، وهو يلاطفه ويأخذ بيده، فيما تملأ الابتسامة شفاههما ، فيما علق البعض بأن هذه الصورة قد تقلب القضية رأساً على عقب.

وعلق الملتقى على الصورة بعبارة :"الصورة تتحدث"، مضيفا: "المعلم حامي فكر ورجل الأمن حامي وطن والحقيقة تقول إن حقوق رجل الأمن مصانة فقط لأنه حامي وطن!".

وبالرغم من أن الإنفاق السعودي على التعليم يحتل مرتبة عالية عالميا، حيث بلغ في السنوات العشر الأخيرة 1.21 ترليون ريال، فإن المملكة ما تزال في مستوى منخفض من حيث معايير وجودة التعليم وفقا لتصنيف مؤسسة بيرسون.

وتطفو بين الحين والأخر حوادث الإساءة للطلاب في المملكة، ويدق خبراء في علم النفس ناقوس الخطر حول تردي مستوى التعليم في الرياض وانتهاج بعض المعلمين لسلوك عنيف قد ينفر الجيل الجديد من التعليم ويغرس في نفوسهم الإحساس بالخوف.

أدخل الرابط: http://youtu.be/x5lssuNXSjs