عقب الدراما السياسية التي تمخضت عنها الانتخابات العامة البريطانية أمس الأول, دخلت مساعي تشكيل تحالف سياسي لقيادة بريطانيا في السنوات الخمس المقبلة مرحلة مهمة.
وذلك مع استعداد حزب الديمقراطيين الأحرار( صناع الملوك). إعلان موقفهم من عرض الائتلاف الذي قدمه حزب المحافظين الذي حل أولا لكن دون تأمين أغلبية تمكنه من تشكيل الحكومة بمفرده.
وبدأت مفاوضات تشكيل الحكومة بعد أن كشفت نتائج الانتخابات النهائية عدم فوز أي من الاحزاب الثلاثة الكبري بالأغلبية المطلوبة لتشكيل الحكومة.
وعقد نيك كليج زعيم الديمقراطيين الأحرار اجتماعا مع نوابه عقب تقديم ديفيد كاميرون زعيم حزب المحافظين, الذي حل حزبه أولا لكن دون تحقيق الأغلبية البرلمانية المطلوبة وهي623 مقعدا علي الأقل, عرضا كبيرا وشاملا لكليج بعد ظهور النتائج التي أسفرت عن أول برلمان بريطاني معلق منذ63 عاما.
كما تأتي بعد مكالمة هاتفية بين كاميرون وكليج سبقها اجتماع لممثلين من حزبي المحافظين والديمقراطيين الأحرار حول شروط وصيغة الائتلاف الحكومي المقبل.
وقال متحدث باسم الديمقراطيين الأحرار إن وفدي الحزبين اتفقا علي ضرورة إجراء مزيد من المشاورات للتوصل إلي برنامج مشترك حول إصلاحات اقتصادية وسياسية يطالب بها كليج.
ويسعي كاميرون إلي تأمين التوصل إلي اتفاق قبل استئناف أسواق المال البريطانية نشاطها غدا لتفادي تأثرها بأزمة تأخر تشكيل الحكومة مما قد يصب في مصلحة حزب العمال الذي تواري زعيمه عن الأنظار, مؤقتا, في انتظار نتائج مفاوضات الحزبين.
ومما يزيد من صعوبة الموقف بالنسبة لكاميرون هو تقارب وجهات النظر بين الديمقراطيين الأحرار والعمال في الكثير من القضايا وعلي رأسها اصلاح النظام الانتخابي والردع النووي والدور البريطاني في أوروبا وهي ذات القضايا التي يختلف فيها حزب الديمقراطيين الأحرار مع المحافظين.
وذكرت تقارير صحفية أن كاميرون تعرض لانتقادات من جانب شخصيات بارزة في حزبه بسبب الصيغة التي عرض بها التحالف مع الديمقراطيين الأحرار, والتي توقعت مصادر اشتمالها علي إعطاء الحزب الثالث حقائب وزارية.
وكان جوردون براون قد أعلن استعداده للتفاوض مع الديمقراطيين الأحرار في حالة فشل مباحثاتهم مع المحافظين.
لكن اعضاء القاعدة الحزبية للديمقراطيين الأحرار وهم أكثر ميلا لليسار عن قيادة الحزب والذين لديهم السلطة لإحباط أي اتفاق أكدوا أنهم غير راضين عن المحادثات مع المحافظين المنتمين ليمين الوسط.
وفي حكومة أقلية سيحتاج المحافظون الي الاتفاق مع الأحزاب لتمرير كل قانون علي حدة, وإذا لم يعقدوا صفقة مع الديمقراطيين الأحرار فإنهم قد يسعون الي الدعم من مجموعة من الأحزاب الهامشية.
غير أن هذا الاحتمال يمكن أن يتأجل لأن دستور بريطانيا يمنح رئيس الوزراء الحالي براون الحق في محاولة تشكيل حكومة أولا.
ولابد أن يشمل الاتفاق بين الديمقراطيين الاحرار والعمال في هذه الحالة أحزابا أخري كجماعات قومية مثل حزب بليد سيمرو في ويلز والحزب القومي الاسكتلندي.
ومن جانبها ذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز أن أفضل خيارات الاستقرار لبريطانيا هو التحالف بين المحافظين والأحرار الديمقراطيين, في حين أكدت الديلي تليجراف أن بريطانيا في حاجة إلي ايضاح ملامح الحكومة الجديدة قبل غد الاثنين منعا للاضطراب في أسواق المال المتأثرة أصلا بأزمة ديون اليونان.