وسط سيل من استطلاعات الرأي التي تجريها مراكز الأبحاث البريطانية صباحا ومساء مع دخول السباق الانتخابي أسبوعه الأخير, اختتم قادة الأحزاب السياسية الرئيسية مناظرتهم التليفزيونية الثالثة والأخيرة, والتي أقيمت في مدينة برمنجهام أمس.
جانب من المناظرة التليفزيونية الأخيرة التى جرت أمس بين رئيس الوزراء العمالى براون (على اليسار) والديمقراطى كليج (الوسط) والمحافظ كاميرون
وذلك تمهيدا للانتخابات العامة المقررة في السادس من مايو الحالي. وقد ركزت المناظرة التي استمرت90 دقيقة علي قضايا الاقتصاد والهجرة والإسكان وإصلاح النظام السياسي والتعليم والضريبة وترشيد الإنفاق الحكومي.
وقبل أن يبدأ الزعماء الثلاثة جوردون براون زعيم حزب العمال الحاكم ورئيس الوزراء, وديفيد كاميرون زعيم حزب المحافظين, ونيك كليج زعيم حزبي الديمقراطيين الأحرار في الإجابة علي أسئلة ديفيد ديمبلبي مدير المناظرة والمذيع المخضرم في هيئة الإذاعة البريطانية( بي.بي.سي) استغل الديمقراطي كليج فكرة التغيير التي كانت محور الشعار الانتخابي الذي استخدمه الرئيس الأمريكي باراك أوباما حيث وجه كلمة للناخبين قائلا: عندما تدلي بصوتك الأسبوع الجاري, عليك أن تختار المستقبل الذي تريده. ولأن كلا من براون وكاميرون وكليج يسعي لاجتذاب أكبر عدد ممكن من الأصوات, شرع كل منهم في دحض منطق الآخر في مناظرة وصفت بأنها مناظرة تكسير العظام بين القادة الثلاثة, حيث أجاب براون, وكاميرون, وكليج, علي أسئلة طرحها أشخاص مختارون من بين الحضور.
ففي بداية المناظرة, قال براون إنه يعلم الكيفية التي يجب أن تتم بها إدارة الاقتصاد في الزمن الصعب. وفي المقابل وعد كاميرون بأن يتم إنفاق المال العام بالطريقة المثلي واتخاذ إجراءات صارمة ضد البنوك لمنع تكرار الأزمة المالية وعدم التخلي عن العملة البريطانية المستقلة لمصلحة العملة الأوروبية الموحدة. وأخيرا وعد كليج بالسعي لنظام ضريبي أكثر عدالة. إلا أن براون الذي كثيرا ما فشل في إدارة الحوار عاد إلي المواجهة مرة أخري حيث طالب الناخب البريطاني بعدم المخاطرة بالتعافي الاقتصادي عبر وصول حزب المحافظين منفردا أو بالتحالف مع الديمقراطيين الأحرار إلي السلطة.
وقال زعيم حزب العمال إن تحالف المحافظين والديمقراطيين الأحرار قد يؤدي للمجازفة بالتعافي الاقتصادي. إلا أن ديفيد كاميرون رد عليه قائلا إن رئيس الوزراء يسعي لإخافة الناخبين من التغيير, وأن حزب المحافظين قادر علي إنجاز التغيير الذي تحتاجه البلاد. ثم انتقلت المعركة من ساحات المال إلي ساحات المجتمع, حيث واجه رئيس الوزراء هجوما من خصميه حول ارتفاع عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين وصلوا إلي بريطانيا خلال السنوات الثلاث عشرة الماضية, كما شهدت المناظرة جدلا ساخنا بين الغرماء الثلاثة بشأن قضية الهجرة, علي خلفية زلة لسان براون الأربعاء الماضي مع الأرملة جيليان دافي شمالي إنجلترا بعدما وصفها بانها متعصبة. وحذر براون من خطورة التهاون والتسامح مع الهجرة غير الشرعية.
من جانبه شدد كاميرون علي ضرورة فرض سقف أقصي للهجرة من خارج الاتحاد الأوروبي لأسباب اقتصادية. وفي المقابل, اتهم كليج الحزبين الرئيسيين بتجاهل مشكلة الهجرة وعدم الجدية في معالجتها, بسبب ما قال إنه نظام هجرة فوضوي جاء تحت حكومات العمال والمحافظين المتعاقبة.
وأمام هذا الهجوم المحافظ الديمقراطي, بدأ براون الذي شغل منصب وزير المالية عشر سنوات قبل توليه رئاسة الحكومة- الرد بالتقليل من زلة لسانه, وقال: إن سياسة حزبه هي منع وصول العمالة غير الماهرة إلي بريطانيا عبر ما يسمي بنظام النقاط. وعلي الرغم من سخونة المناظرة الأخيرة فقد خرج المحافظ كاميرون كعادته فائزا, حيث تفوق في استطلاعات الرأي علي غريميه براون وكليج.
فقد أظهر معدل خمسة استطلاعات للرأي عقب انتهاء المناظرة حصول كاميرون علي37%, وكليج علي32%, في حين حافظ زعيم حزب العمال ورئيس الوزراء براون علي المركز الأخير بحصوله علي25.3%. وطبقا لاستطلاع أجرته مؤسسة يوجوف حصل كاميرون علي تأييد بلغت نسبته41% تلاه كليج بنسبة32% وحل براون ثالثا بنسبة25%, في حين منح استطلاع أجرته مؤسسة كومريس كاميرون35% وكليج33% وبراون26%. أما استطلاع مؤسسة أنجوس ريد فأظهر تقدم كاميرون بحصوله علي36% تلاه كليج30% وتذيل براون الاستطلاع بحصوله علي23%. كما تساوي زعيما المحافظين والديمقراطيين الأحرار في استطلاع أجرته ببولوس لمصلحة صحيفة تايمز بحصولهما علي38% مقابل25% لبراون.
وتضع استطلاعات الرأي حزب المحافظين في المقدمة لكنها تتوقع أن يحصد حزب الديمقراطيين الأحرار أصواتا تكفي لحرمان أي من الحزبين الكبيرين من الحصول علي أغلبية حاسمة, وهي نتيجة لم تعرفها بريطانيا منذ انتخابات عام1974, كما يمنح هذا الوضع مجالا للديمقراطيين للعب دور حاسم.