أعلن مجلس جامعة الدول العربية، على مستوى وزراء الخارجية العرب، رفض قرار الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها، وإدانته واعتباره قرارًا باطلًا وخرقًا خطيرًا للقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن، والجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة، والفتوى القانونية لمحكمة العدل الدولية في قضية الجدار العازل، مؤكدًا أنه لا أثر قانونيًا لهذا القرار الذي يقوض جهود تحقيق السلام ويعمق التوتر ويفجر الغضب ويهدد بدفع المنطقة إلى هاوية المزيد من العنف والفوضى وإراقة الدماء وعدم الاستقرار.
واعتبر المجلس، في قرار أصدره في ختام اجتماعه الطارئ، مساء السبت، تحت عنوان «إعلان الولايات المتحدة الأمريكية اعترافها بالقدس عاصمة لدول الاحتلال الإسرائيلي ونقل سفارتها إليها»، أن هذا التحول في سياسية الولايات المتحدة الأمريكية تجاه القدس هو تطور خطير ووضعت به الولايات المتحدة نفسها في موقع الانحياز للاحتلال وخرق القوانين والقرارات الدولية وبالتالي فإنها عزلت نفسها كراع ووسيط في عملية السلام.
أولا: أكد المجلس التمسك بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة؛ خصوصًا 465 و476 و478 و2334 التي تؤكد أن جميع الإجراءات والقرارات الأحادية التي تستهدف تغيير الوضع القانوني والتاريخي القائم فيها أو فرض واقع جديد عليها لاغية وباطلة لن توجد حقاً ولن تنشئ التزاما وخرقاً صريحاً للاتفاقات الموقعة والتي نصت على عدم اتخاذ أي خطوات من شأنها الإجحاف بنتائج مفاوضات الوضع النهائي بما فيها القدس وعدم استباقها والتي تؤكد أن القدس قضية من قضايا الوضع النهائي.
وشدد مجلس وزراء الخارجية العرب على أن القدس الشرقية هي عاصمة الدولة الفلسطينية التي لن يتحقق الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة إلا بقيامها حرة مستقلة ذات سيادة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية.
وحذر المجلس من أن العبث بالقدس ومحاولات تغيير الوضع القانوني والتاريخي القائم فيها واستمرار محاولات إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال)، وتغيير الهوية العربية للمدينة والاعتداء على مقدساتها الإسلامية والمسيحية، يمثل استفزازاً لمشاعر المسلمين والمسيحيين على امتداد العالمين العربي والإسلامي.
وأوضح المجلس، أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة، وخصوصا حقه في تقرير مصيره وفي الدولة، وفي العودة والحرية، هو تهديد للأمن والسلم في المنطقة والعالم.
أما ثانيا: فطالب المجلس الولايات المتحدة بإلغاء قرارها حول القدس والعمل مع المجتمع الدولي على إلزام إسرائيل تنفيذ قرارات الشرعية الدولية وإنهاء احتلالها غير الشرعي وغير قانوني لجميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ الرابع من يونيو من العام 1967 عبر حل سلمي يضمن قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية سبيلاً لا بديل عنه لإنهاء الصراع.
ثالثا: دعا المجلس، جميع الدول الاعتراف بالدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، كما دعا المجلس إلى العمل على استصدار قرار من مجلس الأمن يؤكد أن قرار الولايات المتحدة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل يتناقض مع قرارات الشرعية الدولية وأن لا أثر قانونيا لهذا القرار.
رابعا: كلف المجلس لجنة مبادرة السلام العربية بتشكيل لجنة من أعضائها للعمل مع المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية على الحد من التبعات السياسية لقرار الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ومواجهة أثاره، وتبيان خطورة هذا القرار في ضوء المكانة الوطنية والتاريخية والدينية للقدس عند المسلمين والمسيحيين على امتداد العالمين العربي والإسلامي.
خامسا: طالب المجلس بالعمل مع المجتمع الدولي على إطلاق جهد فاعل ومنهجي للضغط على إسرائيل للالتزام بقرارات الشرعية الدولية، ووقف كل الخطوات الأحادية التي تستهدف فرض حقائق جديدة على الأرض خصوصا بناء المستوطنات ومصادرة الأراضي ومحاولات تفريغ القدس من سكانها العرب المسلمين والمسيحيين وعلى حل الصراع على أساس حل الدولتين.
سادسا: قرر المجلس التنسيق على أساس هذا القرار مع منظمة المؤتمر الإسلامي وأمانتها العامة، وكلف مجلس الجامعة العربية، الأمانة العامة للجامعة إدارة إطلاق حملة إعلامية دولية تشرح خطورة القرار الأمريكي وتعري الممارسات الإسرائيلية في القدس وأثرها في تفريغ المدينة المقدسة من سكانها العرب المسلمين والمسيحيين وتهديد المقدسات الإسلامية والمسيحية، وتؤكد الوضع القانوني للقدس كمدينة محتلة على أن يتم توفير المخصصات المالية اللازمة لتمويل هذا الجهد من الدول الأعضاء.
سابعا: دعا المجلس، إلى زيادة موارد صندوق القدس والأقصى- حسب قمة عمان في دورتها العادية 28- دعماً لصمود الشعب الفلسطيني وعلى وجه الخصوص المقدسيين الأبطال المرابطين على أرضهم والمتمسكين بمبادئهم، وأكد المجلس، التمسك بالسلام على أساس حل الدولتين وفقاً للمرجعيات الدولية المعتمدة ومبادرة السلام العربية خياراً استراتيجياً ودعوة المجتمع الدولي للتحرك بشكل انفعال لتحقيق هذا الحل.
ثامنا: قرر مجلس الجامعة العربية إبقاء اجتماعاته في حالة انعقاد والعودة للاجتماع في موعد أقصاه شهر من الآن لتقييم الوضع والتوافق على خطوات مستقبلية في ضوء المستجدات بما في ذلك عقد قمة استثنائية عربية في المملكة الأردنية الهاشمية بصفتها رئيسا للدورة الحالية للقمة العربية.