«زوجتى الغالية.. أقسمت بالله العظيم أن أول يوم رمضان أفطر من إيديكى وكان نفسى أفطر معاكى جنب قبرك لكن الظروف ماسمحتش.. الأكل دا انتى طبخاه من سنة علشان وانتى مش موجودة أطلعه وأسخنه، وبعد وفاتك أقسمت إن الأكل دا أفطر بيه أول يوم رمضان زى ما اتعودت وإنه يتحسبلك أجر إفطار صائم».. رسالة تبدو قصيرة لكنها تحمل بين سطورها قصة حب وزواج طويلة بدأت منذ عام 2008 وانتهت فى 2016.
إفطاراً شهياً.. مائدة رمضان من المطبخ المكسيكى: لفائف دجاج الانتشلادا
حادث أليم كان السبب فى انتهاء قصة أحمد خليفة وزوجته إيمان عبدالناصر، التى تركته وطفليهما «آدم» 5 سنوات و«ياسين» سنة، فى يوم 5 سبتمبر من العام الماضى، لكنه وبالرغم من وفاتها منذ 9 أشهر إلا أنه قرر أن تكون زوجته الراحلة حاضرة معه بروحها فى أول يوم رمضان كما اعتاد منذ زواجهما.
«طبخة من إيد زوجتي».. كان هو القرار الذى اتخذه أحمد 32 عاماً، من مدينة نجع حمادى، والذى يعمل فى أحد البنوك، فقرر منذ وقت الوفاة أن يحتفظ بوجبة كانت قد حضرتها له زوجته فى الثلاجة هى «كيس فاصوليا بيضاء وعلبة تمر»، حتى تكون على مائدة أول يوم رمضان.
وبالفعل، فى أول يوم من الشهر الكريم، وقبل آذان المغرب بساعات، استعد «أحمد» لطهى الفاصولياء وحضر كوب «التمر» وانتظر مدفع الإفطار، ولم يكتف بذلك فقط بل قرر أن يطلب من أصدقائه على صفحته الشخصية على «فيسبوك» الدعوة لزوجته، فالتقط صورة للأطباق وكوب التمر، وكتب رسالته وأضاف فيها: «أنا كاتب الكلام دا علشان الكل يعرف قد ايه كنتى شايلة همى وبتدبريلى كل حياتى وإن حزنى عليكى مش من فراغ.. ربنا يرحمك».
تعليقات كثيرة تلقاها أحمد على رسالته ويقول: «ناس كتير جدا تفاعلت مع البوست ودعت لزوجتى وناس طلبت تعمل لها عمرة، لكن فى ناس كتير كانت بتشكك فى المنشور وبيقوليلى إزاى الأكل صلاحيته منتهتش من سنة وأنا مردتش عليهم لكن تعليقى لهم إنى عارف إن ممكن الأكل يكون قيمته الغذائية منتهية لكن كفاية إنى أكلت معلقتين من إيد زوجتى.. لمدة سنة أنا سبت الديب فريزر شغال على كيس الفاصوليا فقط عشان اليوم ده».
يروى «أحمد» قصة عشقه لزوجته التى بدأت فى عام 2008 ويقول: «كنت بشتغل محاسب فى شرم الشيخ وإيمان كانت صديقة لخطيبة صديقى واتعرفنا فى يوم 18-12-2008، وكان يوم ميلادى كنت بقولها أنا بحتفل بعيد ميلادى عشان شفتك، وهى كانت طالبة فى كلية التجارة ومن بلد اسمها فرسيس بمركز زفتى فى الغربية وبتدرس فى طنطا وأنا من نجع حمادى، وبعد فترة اتعرفنا قررنا ناخد خطوة، وللأسف أهلها رفضوا تعيش فى الصعيد».
عام كامل عاشه أحمد وإيمان فى محاولة لإقناع عائلتها، ويضيف: «اتقدم لها شخص فى بداية 2009 وأهلها وافقوا وقررت أبعد عنها لحد ما هى كلمتنى وقالتلى خلاص بارك لى أنا فركشت الموضوع، وبعد عدة محاولات أخرى اتقدمت لها واتخطبنا فى شهر 7- 2009».
وفى شهر يوليو من عام 2010، تزوج أحمد وإيمان، وكانت تتنقل معه بين شرم الشيخ مكان عمله ونجع حمادى، حتى حصل على وظيفته الحالية فى بلدته، وبعدها بعام واحد رزقا بآدم المولود الأول، ويقول: «وأنا بقدم على الشغل وهى حامل كانت بتنزل تخلص لى أوراق محتاجها ومعايا خطوة بخطوة».
مواقف كثيرة يتذكرها «أحمد»: «عمرى ما هنسى موقف لما كنت بكلمها وأنا منتظر أتوبيس من القاهرة لشرم الشيخ وقلتلها هعدى الشارع وأكلمك وركبت الأتوبيس ونمت، وفضلت تكلمنى لحد بليل مش برد ونايم، وقتها هى كلمت شركة الأتوبيس وطلبت رقم السواق لكنهم رفضوا، فاتصلت برقم الشكاوى وأخدت رقم السواق وفضلت متابعة لحد ما صحانى من النوم وكانت قلقانة جداً لدرجة إنها بكت أول ما سمعت صوتي».
يتذكر أحمد أيضاً يوم وفاة زوجته ويقول: «فى شهر 9 اللى فات سافرنا مرسى مطروح ورجعنا على الغربية عند أهلها، ويومها كان فى أزمة بنزين وهى رفضت تسيبنى أنزل لوحدى نزلنا سوا نحط بنزين ورجعنا، وعلى الفجر اتحركنا للعودة لنجع حمادى، وفى الطريق طلبت منها تربط الحزام لكن هى مسكته وسابته وفى ثانية الكاوتش فرقع وفقدت السيطرة على العربية وفى لحظتها اتوفت».
أمنية واحدة يتمناها «أحمد»: «نفسى الكل يدعى لها بالرحمة وليا بالصبر».