إذا كنت أنت أو أحد أفراد أسرتك مصابا بالسكري، فمن المهم مصيريا أن تدرك جيدا أن ذلك الداء يخفي بين طياته مرضا صامتا آخر لا يقل خطورة، ألا وهو «اعتلال الشبكية السُكّري» الذي يمكن أن يؤدي إلى العمى الجزئي أو الكلي. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أنه قد لا يبدأ المريض في إدراك أعراض ذلك الخطر الكامن على بصره إلا بعد فوات الأوان.
وعند بدء الاصابة باعتلال الشبكية السكري، تتأثر الشعيرات الدموية الموجودة في الجزء الخلفي من العين بأشكال عدة، ومع مرور الوقت يمكن لهذا التأثير أن يسبب نزيفا من تلك الشعيرات وضبابية في الرؤية. وعندما يحدث ذلك لأول مرة، قد لا يبدو الأمر خطيرا. ففي معظم الحالات، يترك النزيف بضع نقاط صغيرة من الدم مع بقع داكنة صغيرة وتكون البقع عائمة في مجال رؤية للمريض، ثم تتلاشى تلك البقع تدريجيا. لكن هذه البقع غالباً ما يتبعها في غضون بضعة أيام أو أسابيع نزيف دموي أكبر، مما يسبب ضبابية في الرؤية. وفي الحالات القصوى، يصبح المريض غير قادر على رؤية سوى الأشياء القاتمة والفاتحة. وهكذا يصبح المريض مصابا بعمى جزئي.
وتشير احصائيات رسمية إلى أن «اعتلال الشبكية السُكّري» يؤثر بدرجات متفاوتة على نحو 80 في المئة من مرضى السكري الذين يتعايشون معه منذ 10 سنوات أو أكثر. لكن رغم هذه النسبة المخيفة، تؤكد نتائج أبحاث ذات صلة على أن ما لا يقل عن 90 في المئة من تلك الحالات يمكن انقاذها من الاصابة بالعمى إذا تعامل اصحابها مع الأمر بدرجة كافية من الوعي.
وتعليقا على مدى خطورة تلك المشكلة تقول الدكتورة تشارلوت أكور اختصاصية طب العيون في مركز هيندريك الطبي بولاية تكساس الأميركية: «عندما يبدأ المريض في ملاحظة الأعراض يكون الضرر قد حصل وانتهى الأمر»، مشيرة إلى أن نتائج دراسات أجراها المركز القومي الأميركي للعيون تؤكد أن اعتلال الشبكية السكري هو السبب الرئيسي لفقدان لبصر بين مرضى السكري، ولا سيما البالغين منهم.
ووفقاً للدراسات ذاتها فإن ذلك الضرر المدمر للبصر يكون غير قابل للإصلاح في كثير من الحالات، لذا فإن الحل الأمثل يكمن في أن يواظب مريض السكري على الخضوع إلى فحوصات منتظمة لعينيه بهدف الاكتشاف والتشخيص المبكر للمرض والمبادرة إلى معالجته وقائيا، وهو الأمر الذي رأى الباحثون أنه يمكن أن يسهم بتقليص مخاطر الإصابة بالعمى بنسبة عالية جدا تصل إلى 95 في المئة.
وتوجد حاليا جراحات علاجية بالليزر لمرض «اعتلال الشبكية السكري» بشتى أنواعه، بما في ذلك عملية يتم من خلالها استئصال زجاجية العين (وهي جسم هلامي). لكن الدكتورة أكور تعتبر مثل تلك العمليات مجرد «اسعافات تضميدية أولية»، مؤكدة على أن أفضل طريقة لمعالجة هذا المرض الناجم عن السكري هي من خلال معالجة منشأه والسيطرة عليه، أي عن طريق تنظيم وتضبيط مستويات سكر الدم واتباع نمط حياة صحي يشتمل على نظام غذائي متوازن وممارسة التمارين الرياضية البدنية، إلى جانب المواظبة على زيارة اختصاصي عيون بانتظام.