لم يكن يعرف العالم فى عام 1917م الساعة السكانية، فيما كان يتم إجراء الإحصاء السكاني كل 10 سنوات، وهو ما كان يطالب بتغييره الكاتب "كرايج"، والذي يبدو من أسمه أنه كان مثقفا ومسؤلًا كبيرا وبارزا في الحكومة المصرية تحت الاحتلال الإنجليزي آنذاك، وهو يتحدث عن إحصاء السكان في مصر في عام 1917م.

كان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أعلن الخميس الماضي عن وصول عدد سكان مصر إلى 92 مليون نسمة، مؤكدا أن محافظة القاهرة استحوذت على المركز الأول في عدد السكان، بعدد 9.58 مليون نسمة بنسبة 10% من سكان مصر، يليها محافظة الجيزة بعدد 7.92 مليون نسمة بنسبة 8.6%، ثم محافظة الشرقية بعدد 6.78 مليون نسمة بنسبة 7.4%.

 مجلة المقتطف فتحت صفحاتها في العدد رقم 4 من شهر إبريل عام 1917م، لتساؤلات ومطالب كرايج، وكتبت موضوعا آخر في العدد رقم 3 من سبتمبر عام 1918م، يرصد سكان مدينتي القاهرة والإسكندرية، بإحصائيات ترصد عدد العور والعميان والأرامل والمتزوجين والمتزوجات، وتتساءل بحدة لماذا أهمل الإحصاء السوريين المقيمين، ولماذا وقع الإحصاء في أخطاء وضع نسبة العميان في طبقة الإسرائيليين اليهود في الإسكندرية، أكثر من الكاثوليك الذي كان عددهم يفوق الإسرائيليين في الإحصاء.

الوثيقة

تنبأ كرايج في مقاله بالمقتطف في عام 1917م، أن سكان مصر بعد مرور 50 سنة أي في عام 1967م سيصلون لنحو 29 مليون نسمة، لو وصلت الزيادة في عدد المواليد مثلما هي الآن في عصره في عام 1917م، والذي كان يبلغ تعداد مصر ساعتها 13 مليون نسمة، مؤكدا أن الزيادة السكانية المرتقبة لا يواجهها زيادة في عدد المزروعات.

وأكد كرايج، أن الإحصاء الحقيقي للسكان في مصر تم في عام 1897م، معتبرا أن إحصائيات أعوام 1882 لا يعتد بها بسبب الإضرابات السياسية في مصر، مؤكدا أن الإحصاء الأخير كان في عام 1907م، أي منذ 10 سنوات، حيث كان يحتم القانون ساعتها علي أجراء الإحصاء كل 10 سنوات، وهو الذي لا يتقبله كرايج وطالب بتغييره.

وتساءل كرايج مطالبا الإحصاء بالإجابة عنها، ما هو عدد المتوسط من السكان في الميل المربع من وجه بحري في الأراضي الداخلة في مشروعات "اللورد كتشنر "، الذي تولي مسؤولية المندوب السامي البريطاني في مصر، كما تساءل هل رصدت الإحصاء عدد سكان المدن والقرى، لنري احتياجات السكان من مياه الشرب، وهل رصدت الإحصاء إنتاج مديرة المنوفية من الحبوب والزروع بعد مرور سنة علي مقال كرايج.

القاهرة زاد سكانها في الإحصاء الأخير، الذي تم منذ عشر سنوات حيث وصلت لنحو 790 ألف 939 ألف نسمة، وبلغ عدد ذكور القاهرة نحو 405 ألف 848، بينما وصل عدد الإناث فيها في عام 1917م، لنحو 385 ألف و91.. عدد الذكور يزيد علي عدد الإناث في القاهرة بنسبة 5%، وهي زيادة كبيرة، حيث أن نسبة ازدياد الذكور علي الإناث كانت لا تزيد عن نحو 3% في الغالب، استغربت المقتطف من زيادة عدد المتزوجين في القاهرة عن عدد المتزوجات.

كما رصدت الاحصاء وقتها نحو 952 في عصمته زوجتان و43 في عصمة كل منهم 3 زوجات و27 في عصمة منهم 4 زوجات و7 كل واحد منهم أكثر من 4 زوجات، وهذا ما جعل المتزوجين أكثر من المتزوجات.

الاحصاء لفتت أن عدد غير المتزوجين من الذكور أكثر، نظرا لزواج الأنثى في القاهرة عن عمر 17 سنة.. كان عدد السكان في القاهرة من المصريين يبلغ نحو 660 ألف و290، بينما بلغ عدد السكان من غير المصريين وهم الأتراك واليهود والبرابرة والسودانيين واليونانيين والايطاليين والفرنساويين والانجليز وغيرهم دون السوريين، نحو 130 ألف و634.

وتؤكد المقتطف باستغراب، أن الإحصاء لم يحصي السوريين لا من رعايا الحكومة المحلية مثل اليونانيين، ولا من رعايا الدولة العثمانية مثل الأرمن، كما أكدت المقتطف أن الإحصاء لم يورد الأقباط كجنس أو طائفة، وحسبتهم مصلحة الإحصاء من تعداد غير المسلمين فقط.

 وأظهر إحصاء عام 1917م، أن في القاهرة من كافة أجناسها مسلمين ومسيحيين ويهود، يعيش فيها نحو 11 ألف و763 أعور " ذكر" و8 الاف و168 عوراء " أنثي"، ويوجد 5 آلاف و116 أعمي ذكر، و5400 عمياء أنثي، ونحو 1050 أصم ذكر، و829 صماء أنثي، ونحو 1650 أبله "أهبل"، و981 بلهاء.

وأوضحت المقتطف، أن إحصاء الإسكندرية، أظهرت أن لكل 369 رجل زوجتان و17 رجل له 3 زوجات، مؤكدة أن الإحصاء في الإسكندرية، يظهر تفوق عدد المتزوجين الرجال عن المتزوجات، مثل القاهرة، وهو أمر غريب وعجيب، كما أظهر الإحصاء زيادة عدد الأرامل من النساء يرفض معظمهن الزواج، بعد مرورهن بالتجربة من الزواج الأول.

وأكدت الإحصاء، أن 4 آلاف، مابين أرمل وأرملة حسبوا أنفسهم من المتزوجين في الإسكندرية، كما أوضح الإحصاء أن المصابين بالعمى والعور والصمم من الذكور في الإسكندرية، أكثر من الإناث، حيث بلغ العميان الذكور نحو 1499، ومن الإناث نحو 1384، كما بلغ العور 3318 "ذكور "، ونحو 1964 عوراء " إناث "، و451 أصم من الذكور، ونحو 345 صماء " إناث"، و374 أبله، و187 بلهاء.

 وتساءل مقال المقتطف، هل أخفت النساء حقيقية إصابة بناتهن بالإصابة من أمراض البله "الهبل"، كما تساءل كيف يظهر إحصاء الإسكندرية ازدياد إصابة الإسرائيليين "اليهود"، في عدد العمى والعور دون الكاثوليك الذين هم أكثر عددا منهم.

وأكدت المقتطف بلغة جازمة، أن الإجابة عن الأسئلة ضرورية جدا، وإلا ما فائدة النفقات التي تصرف على عمليات الاحصاء.

الوثيقة

الوثيقة

الوثيقة