عرفت شجرة «جوزة الطيب» منذ قديم الزمان، واستخدمت ثمارها كنوع من «البهارات» التي تعطي للأكل رائحة زكية، واستخدمها قدماء المصريين دواء لآلام المعدة وطرد الريح.

وترفع شجرة «جوزة الطيب» حوالي عشرة أمتار، وهي دائمة الخضرة، ولها ثمار شبيهة بالكومثرى، وعند نضجها يتحول ثمرها إلى غلاف صلب، وهذه الثمرة هي ما يعرف بجوزة الطيب، ويتم زراعتها في المناطق الاستوائية، وفي الهند، وإندونيسيا وسيلان.

وتؤثر «جوزة الطيب» كتأثير الحشيش، وفي حالة تناول جرعات زائدة يصاب المرء بطنين في الأذن وإمساك شديد وإعاقة في التبول وقلق وتوتر وهبوط في الجهاز العصبي المركزي والذي قد يؤدي إلى تسمم والوفاة.

حكمها:

اختلفت آراء العلماء فيها إلى قولين: فجمهور العلماء على حرمة استعمال القليل منها والكثير، وذهب آخرون إلى جواز استعمال اليسير منها إذا كانت مغمورة مع غيرها من المواد، وقال ابن حجر الهيتمي - المتوفى سنة 974 هجرية - عن جوزة الطيب -: "عندما حدث نزاع فيها بين أهل الحرمين ومصر واختلفت الآراء في حلها وحرمتها طرح هذا السؤال: هل قال أحد من الأئمة أو مقلِّديهم بتحريم أكل جوزة الطيب؟.

وصرح شيخ الإسلام ابن دقيق العيد بأنها مسكرة، وبالغ ابن العماد فجعل الحشيشة مقيسة عليها، وقد وافق المالكية والشافعية والحنابلة على أنها مسكرة فتدخل تحت النص العام: «كل مسكر خمر ، وكل خمر حرام»، والحنفية على أنها إما مسكرة وإما مخدرة، وكل ذلك إفساد للعقل، فهي حرام على كل حال".

لا حرج في استعمالها بمقادير قليلة:

وفي مؤتمر "الندوة الفقهية الطبية الثامنة" - "رؤية إسلامية لبعض المشاكل الصحية" "المواد المحرمة والنجسة في الغذاء والدواء " والمعقود بدولة الكويت، في الفترة من 22 -24 من شهر ذي الحجة 1415هـ الذي يوافقه 22 - 24 من شهر مايو 1995، قالوا:
"المواد المخدرة محرمة، لا يحل تناولها إلا لغرض المعالجة الطبية المتعينة، وبالمقادير التي يحددها الأطباء وهي طاهرة العين، ولا حرج في استعمال "جوزة الطيب" في إصلاح نكهة الطعام بمقادير قليلة لا تؤدي إلى التفتير أو التخدير.

وأوضح الشيخ الدكتور وهبة الزحيلي: أنه "لا مانع من استعمال القليل من جوزة الطيب لإصلاح الطعام والكعك ونحوه ،‏ ويحرم الكثير؛‏ لأنها مخدِّرة".

جائزة شرعًا تحت إشراف الطبيب

قال الدكتور مجدي عاشور المستشار العلمي لمفتي الجمهورية، إن وضع القليل من جوز الطيب على الطعام حلال شرعًا، ولا يأثم المسلم على ذلك، مطالبًا بعدم سماع غير المختصين الذين يصدرون فتاوى لا علاقة لها بالشرع، مشيرًا إلى أن دار الإفتاح أباحت جَوْزُ الطِّيب في فتوى لها.

وأوضحت أمانة الفتوى بدار الإفتاء أن «جَوْز الطِّيب: ثمار شبه كروية، وأشجارها هرمية عالية، وهي منبه لطيف يساعد على طرد الغازات من المعدة، ولها تأثير مخدر إذا أخذت بكميات كبيرة، وتؤدي إلى التسمم إذا أُخِذَت بكميات زائدة، ولها رائحة زكية وطعم يميل إلى المرارة، وقشور جافة عطرية.

وأضافت الإفتاء: ويستخلص منها دهن مائل للاصفرار يعرف بدهن الطيب يحتوي على نحو 4% من مادة مخدرة تعرف بالميرستسين، والباقي جلسريدات لعدد من الأحماض الدهنية، منها: الحامض الطيـبي، والحامض الدهني، والحامض النخلي، ويدخل دهن الطيب في صناعة الروائح العطرية، ويضاف إلى الحلوى وبعض أصناف المأكولات، كما يستخدم في الصابون، ولجوز الطيب استخدامات كثيرة في علاج بعض الأمراض، كما يُستخدَم في تطييب الطعام والشراب.

ونوهت الإفتاء بأن الفقهاء اتفقوا على تحريم أكلها وتناولها بكميات كبيرة يحصل معها السكر، وأجاز جماعة من الأئمة الاستعمال القليل لها الذي لا يؤدي إلى التخدير أو السكر، وقال الإمام الرملي الشافعي في "فتاويه" (4/71) وقد سئل عن حكم أكلها فأجاب: [نعم يجوز إن كان قليلًا، ويحرم إن كان كثيرًا]، وقال العلامة الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" (1/90، ط. دار الفكر): [قال البرزلي: أجاز بعض أئمتنا أكل القليل من جوزة الطيب لتسخين الدماغ، واشترط بعضهم أن تختلط مع الأدوية، والصواب العموم].

وأفادت الإفتاء، بأنه لا بأس بالتجارة في جوز الطيب بالضوابط المقررة في أصول التجارة والتي تعتمدها منظمات الأغذية والصحة المحلية منها والدولية، إذ إن من يشتريها غالبًا يستخدمها على الوجه الجائز، ومن استعملها على الوجه المحرم فالحرمة عليه وحده؛ لأن الحرمة ما لم تتعين حلت.