بدأت الدول الأوروبية تكتشف خطورة أزمة اللاجئين الحالية وفشل الاتفاق الأوروبى التركى فى حلها ، أو الإسهام بشكل أو بأخر فى أن تقلل من مخاطرها على القارة العجوز، وكانت إسبانيا أولى الدول التى أعترفت بفشل هذه الاتفاقية وتهاون الاتحاد الأوروبى فى التعامل مع هذه الأزمة. وقال وزير الخارجية الإسبانى خوسيه مانويل جارثيا مارجايو ، إن "الاتفاق الموقع فى مارس بين الاتحاد الأوروبى وتركيا حول أزمة اللاجئين "حل أهوج للمشكلة"، على الرغم من أن إسبانيا وقعت عليه، مضيفا أنه يثير الكثير من الشكوك ، كما أنه اتفاق فاشل، وغير متقن، كما أن هذا الاتفاق أيضا يترك الحل فى أيدى طرف ثالث"، مؤكدا أن الاتحاد الأوروبى يقوم بدور طفيف جدا فى تلك الأزمة. كما أن الاتفاقية دفعت المليارات لتركيا لإجبارها على الاحتفاظ بالمهاجرين، وبدأت تركيا فى استغلال تلك الأزمة للضغط على الاتحاد الأوروبى فى أمر إصدار تأشيرات دخول للاتراك والانضمام للاتحاد الأوروبى ، فى الوقت الذى أدرك فيه الاتحاد الأوروبى أن هذه الاتفاقية فاشلة فى حل تلك الأزمة وأن تركيا لا تفعل سوى استغلال الأزمة. وأثقلت هذه الاتفاقية كاهل الاقتصاد والمجتمع الأوروبى على حد سواء، وبدل من أن يقوم الاتحاد الأوروبى أن يبحث عن الحل الملائم لهذه الأزمة ، تقوم الآن بإغلاق الأبواب أمام المهاجرين،كما أنه اكتشف أن هناك كارثة إنسانية حقيقية خاصة فى اليونان مع تزايد أعداد اللاجئين القادمين من سوريا والعراق، خاصة فى ظل أزمة الدينو التى تعانى منها اليونان. وتشير التقارير الرسمية الأوروبية إلى أن القارة العجوز استقبلت أكثر من 1.26 مليون لاجئ خلال عام 2015، وهذا الرقم يعتبر ضعف حجم اللاجئين الذين استقبلتهم القارة الأوروبية فى 2014، كما تؤكد الإحصاءات أن الفارين من الحرب المستمرة منذ أكثر من 5 سنوات فى سوريا يمثلون نحو 29% من اللاجئين الذين تدفقوا على أوروبا خلال العامين الماضيين،و ينضم إليهم نسبة من اللاجئين الفارين من الصراعات فى أفغانستان والعراق وغيرهما من دول المنطقة التى تعانى من تصاعد الصراعات المذهبية والقبلية وإرهاب الجماعات المتطرفة. ألمانيا وتركيا ومن ناحية آخرى هناك بعض الدول الأوروبية لديها الكثير من المخاوف من رد الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، بغضب على التراجع عن إعفاء مواطنيه من تأشيرات دخول الاتحاد الأوروبى، وقيامه بإلغاء اتفاقية استعادة اللاجئين التى وقعها رئيس وزرائه أحمد داود أوغلو مع رؤساء الدول والحكومات الأوروبية، ومن أهم هذه الدول هى ألمانيا التى تعتبر أكثر دول الاتحاد الأوروبى تأييدا لهذه الاتفاقية، كما أن لديها الكثير من الثقة فى التعامل مع تركيا، وهو ما يثير العديد من القلق والانقسام داخل الاتحاد الأوروبى. وتأتى مخاوف الاتحاد الأوروبى وخاصة ألمانيا من فتح تركيا الحدود أمام آلاف اللاجئين ليأخذوا طريقهم لدول الشمال الأوروبى، ونقلت عن رؤساء حكومات أوروبية أنهم بحثوا وسائل لمواجهة تدفق سيل اللاجئين الجديد، من بينها تحويل الجزر اليونانية إلى مراكز استقبال ضخمة مغلقة لطالبى اللجوء، وقطع وسائل المواصلات بين هذه الجزر والمدن اليونانية. كما أن ألمانيا وبعض الدول الأوروبية الأخرى أجبرت اللاجئين على دراسة وإتقان لغة الدولة التى يقيمون بها، كوسيلة لتسهيل التعاملات وتوفير المزيد من فرص العمل لهؤلاء الوافدين الذين يمثلون عبئا على المجتمعات التى يفدون إليها ويقتحمونها، ويبدو أن الأمر لا يسير بهذه السهولة ، فالجماعات اليمينية المتطرفة المناهضة لاستقبال اللاجئين تتزايد يوما بعد الآخر خاصة مع تصاعد القلق والتوتر من الأجانب بشكل عام.