الملحدون الأميركيون مستاؤون منذ زمن بعيد من عبارة "بالله نؤمن" الممهورة والمنقوشة على الدولار الورقي والمعدني، وحاولوا أكثر من مرة الاحتكام إلى القضاء ليتكاتف معهم ضدها، فأعادهم دائماً بسلة فارغة من أي صيد ثمين.

وقبل يومين رفعت جماعة منهم دعوى بحيثيات وموجبات جديدة، ملخصها أن In God We Trust الموضوعة على غير العملة الخضراء أيضاً في الولايات المتحدة، كما على عملات دولتين في القارة الأميركية، هي غير دستورية وتتناقض مع فصل الدين عن الدولة، بالإضافة إلى أنها تجرح مشاعرهم، وفق ما يقوله وكيلهم، مقيم الدعوى على وزارة الخزانة الأميركية.

المحاميMichael Newdow من مدينة ساكرامنتو، عاصمة ولاية كاليفورنيا، سبق وحاول مرتين الشيء نفسه في الماضي، وأيضاً إلغاء كلمتي Under God الملزم بلفظها من يقسم يمين الولاء الأميركي، المتضمن عبارة "أمة واحدة في ظل الله" فخسر المعارك كلها، لكنه عاند ولم يرفع راية الاستسلام.

بدلاً من الراية البيضاء، رفع دعوى جديدة أقامها هذه المرة في مدينة "أكرون" بولاية أوهايو، مستهدفاً إلغاء "بالله نؤمن" الممهورة منذ 1782 على أشهر عملة ورقية بالعالم، والتي نقشوها في 1864 على نقد معدني بقيمة 2 سنت من الدولار، طبقاً لما طالعت "العربية.نت" عنها، إضافة لمطالعتها عن الدعوى في مواقع عدد من وسائل الإعلام الأميركية، منها مجلة Time ومحطة "فوكس نيوز" التلفزيونية.

أول نقد معدني أميركي نقشوا عليه العبارة، وصورة للمحامي نيوداو المطالب بعملة خالية منها

"ونحن لسنا منهم لأننا غير مؤمنين أصلاً"

والمحامي مايكل نيوداو، من مشاهير الملحدين الأميركيين، إلى درجة أنه لم يكتب كلمة God أو "الله" في دعواه، بل G-D فقط، وهو أيضاً طبيب مختص بالطب الإسعافي، عمره 63 وأسس في 1997 منظمة سماها FACTS اختصاراً لاسمها الطويل "كنيسة الإلحاد الأولى للعلم الصحيح" المتوجهة لمناصريها عبر منصات بمواقع التواصل. أما دعواه فستنظر فيها محكمة بأوهايو الأسبوع المقبل.

وسبق لنيوداو، أن أقام دعوى قضائية في مارس 2013 ضد وزارة الخزانة الأميركية، لإطاحة "بالله نؤمن" عن الدولار أيضاً، ففشل في دعواه التي سبقتها دعوى أولى لم يكن له حظ ونصيب بالنجاح، مع أنه شرح في 116 صفحة أن من وكلوه لإقامتها، وهم 19 مركزاً وجمعية للملحدين والمؤيدين "لا يتحملون العبارة الجارحة لمشاعرهم" كما قال.

تذرع وقتها بأن العبارة "تؤدي إلى إشكالات وتروّج لديانة واحدة، وهي برأي غير المؤمنين انحراف عن الدستور الأميركي" كما أن الهدف منها ديني، وأن كلمة "نحن" بالذات، أو We الواردة في العبارة تعني الجميع "ونحن لسنا منهم لأننا غير مؤمنين أصلاً" وفق ما ورد بدعواه التي كتبت عنها "العربية.نت" موضوعاً ذكرت فيه أنه سبق لنيوداو أن طالب بدولار خال من العبارة في دعوى تقدم بها في بداية 2011 لكن القضاء الأميركي رفضها، فصرح وقتها بأن الملحدين "هم الآن ضحايا التمييز، تماماً كما السود في الماضي" ثم وعد بتكرار المحاولة، وفعلها بعد عامين.

وحاولوا إلغاء الحمد لله عن ريال البرازيل قبل 4 سنوات، فردت المحكمة دعواهم

ما سبب العبارة على العملات؟

سبق في الجانب الآخر من العالم، أن جرت محاولة في 2012 بالبرازيل لتجريد عملتها مما فيها من عبارات دينية، حيث طالبت جمعية برازيلية للملحدين بإلغاء Deus Seja Louvado ومعناها التقريبي "الحمد لله" عن جميع فئات "ريال" البرازيل، مستندة إلى أن البلاد علمانية "لا يجب أن تبدو عليها مظاهر دينية، إضافة أن العبارة تجرح مشاعر أقليات دينية فيها" لكن القضاء رد الدعوى بعد 3 أسابيع "لعدم وجود دليل يؤكد جرح العبارة لمشاعر أحد" إضافة أن تغيير العملة كان سيكلف 12 مليون ريال على الأقل، أي 6 ملايين دولار ذلك الوقت، وهي 3000 حالياً.

وكانت وزارة الخزانة الأميركية أجرت استطلاعاً في 2003 أكد أن 90% يقبلون بالعبارة التي رفضها 3% فقط، ولم يكن للبقية رأي بشأنها. والعبارة نفسها نجدها أيضاً على علمي ولايتي جورجيا وفلوريدا الأميركيتين. أما إذا عبرنا الحدود الأميركية والبرازيلية، فنراها منقوشة بكلمات En Dios Confiamos الإسبانية على "الكوردوبا" عملة نيكاراغوا المعدنية، وكلها تهدف إلى إنقاذ الإنسان من الوقوع بأخطر محظور، وهو أن يعبد رب المال، بدلاً من عبادة الله.