يفتح قرار رئيس الجمهورية برفض التصديق على مشروع الموازنة الجديد الباب أمام أسئلة عديدة تبحث عن إجابات واضحة . ومنها كيفية تلافى التعامل مع الموازنة بالطرق التقليدية؟ وما أفضل الأساليب للحد من العجز المتنامى فيها؟.وما اقتراحات الخبراء لزيادة الموارد؟ وأيضا كيف نتعامل مع الدعم ونخفض حجمه مع ضمان عدم التأثير على محدودى الدخل ؟ أو بمعنى أدق كيف نمنع الدعم عن الأغنياء ؟
يقول الدكتور إيهاب الدسوقى رئيس القسم الاقتصادى بأكاديمية السادات للعلوم الادارية إن اهم عيوب الموازنة العامة للدولة هو الارتفاع الملحوظ فى مخصصات جميع القطاعات خلال الأعوام المالية الأخيرة سواء الصحة أو التعليم أو الإسكان وغيرها من القطاعات الحيوية الأخري. وقد نتجت عن ذلك زيادة الإنفاق العام مجملاً، فعلى سبيل المثال قدر إجمالى المصروفات الحكومية فى موازنة العام المالى 2012/2013 بنحو 533.7 مليار جنيه، فى حين أنها كانت قد بلغت نحو 490.5 مليار جنيه فى العام المالى السابق 2011/2012، بزيادة قدرها 43.2 مليار جنيه.
وعلى الرغم من أن تلك الزيادة من شأنها أن تئول إلى الشعب بما يؤدى إلى إشباع حاجات المواطن المصري، إلا أن ذلك لم يحدث وتلك هى المعضلة الحقيقية، باعتبار أن إشكالية الموازنة فى مصر ليست فى حجم المخصصات بقدر ما تعود بالأساس إلى طريقة إعداد بنود الموازنة وتنفيذها وتحقيق الرقابة عليها، وهى أوجه قصور تعانى منها الموازنة العامة المصرية ما يحول دون فعالية الإنفاق العام واستشعار المواطن بالرضاء العام عن سياسات الحكومات المصرية المتعاقبة.
ويرجع الدكتور إيهاب الدسوقى مشكلات الموازنة الى طريقة إعدادها حيث يتم إعداد الموازنة العامة المصرية فى صورة موازنة بنود واعتمادات (أجور وتعويضات عاملين، شراء سلع وخدمات، فوائد، دعم ومنح،...إلخ) بما لا يساعد على إجراء تقديرات سليمة للإيرادات والمصروفات مبنية على أساس التكلفة والعائد وعلى أساس دراسة البدائل الاقتصادية المتاحة، إضافة إلى أنها لا تشتمل على معايير لقياس كفاءة وفعالية الانفاق العام.
ويؤدى الاعتماد على موازنة البنود إلى الحد من قدرة الوزارات على تنفيذ المشروعات بكفاءة، حيث إن أسلوب إعداد الموازنة يتطلب مراجعة هيكل نفقات العام المالى السابق لإعداد الموازنة الجديدة، ولا يسمح بإجراء تعديلات إلا بنسبة طفيفة، مما يدفع الجهات المنفذة، الوزارات أو المحافظات، إلى المغالاة فى تقديراتها، ويترتب على ذلك تركز المناقشات مع وزارة المالية على تخفيض النفقات بدلاً من الاهتمام بكيفية تقديم الخدمات بصورة أكثر كفاءة.
ويقوم المستوى المركزى بمعظم عمليات الموازنة من تخطيط وتنفيذ دون أن يكون للمحليات دور كبير، مما يعد عاملاً مهمًا فى ابتعاد بنود الموازنة عن اختيارات وأولويات المحليات، و يلاحظ أن الموازنة الحالية تقدم معلومات عن الالتزامات عن إنفاق الحكومة لمدة عام واحد فقط ما لا يساعد راسمى السياسة فى وضع سياسات مالية متوسطة الأجل تكون أكثر حرصًا وتتميز بكفاءة أكبر فى استخدام الموارد.
ويؤكد انه بعد إعداد الموازنة تقوم الوزارات والمحليات بالشروع فى تنفيذها، كما أن أسلوب إعداد الموازنة يجعل مخصصات الإنفاق العام تقف عند مجرد صرف أموال قد لا تتفق مع أولويات الوزارات أو المحافظات، إلا أن هناك أمرين على جانب كبير من الأهمية يتعلقان بشفافية تنفيذ الإنفاق العام: