يأتي عيد الأم والقلوب مليئة بفرح الأمومة، هذا ليس بالطبع حال الأمهات اللواتي فقدن أولادهن، وما أكثرهن في لبنان، أمهات عبّرن عن خسارتهن باشتياق ولوعة وحسرة.

بيروت: الثوب الأبيض الناصع أعددته لك يا صغيرتي...ألن تلبسيه في عرسك؟ ألن أقف قربك لتقبّل التهاني؟ أبحث عنك في كل ركن من أركان المنزل...يدق الباب، أهرع للقائك...يصدمني غيابك.

لا أصدق أنك لن تطبعي قبلة الصباح على وجنتي، أن زقزقة ضحتك لن تملأ المكان بهجة وحبورًا، لن أسمع كلمة ماما من شفتيك تقولينها بغنج بدلال بعفوية.

ماما...وتنهمر الدموع.

في عيونهن نما الألم حتى استبد، وبقين عاجزات أمام الحزن، إلى من يضرعن، الى من يلجأن لتعود ابتسامة من كان وما زال في قلوبهن ذلك الطفل المدلل.

في نظراتهن سؤال حائر يفتش عن بصيص أمل عن الغالي الذي فقدنه هنا وهناك بين طيات الكتاب، ورسائل كتبت بالدم.

في عيونهن دموع تخنق وعبرات تفلت غصبًا عنهن غزيرة بقدر الألم...

أمهات بلا اطفال...عيد بلا عيد...شفاه بلا ابتسامات...هل يعقل أن يمر العيد والأمومة مفجوعة متألمة.

يحتفل لبنان والعالم بعيد الأمهات، هدايا وورود ورسائل تنهمر عليهن، وحدها من فقدت ولدها تبقى بلا زهرة...

رسائل محبة وعطف توجهها أمهات مفجوعات الى الأمومة المقهورة في لبنان، علّ الالم يلتحم مع الألم لتتولد زهور الفرح من رحم الحزن، علّ الدمع ينسكب مع الدمع لتتفجر ينابيع الحياة، في عيد قُدر أن يكون من أقدس الأعياد.

حادث سير

ليلى خويري فقدت إبنتها في حادث سير منذ أكثر من عشر سنوات، تقول إن الألم لا يزال يعتصر قلبها، خصوصًا في عيد الأمهات، ورغم أن ابنتها لم تكن وحيدة، غير أن لا أحد برأيها يمكن أن يملي مكان الآخر.

ترجع خويري إلى الذكريات التي كانت تجمعها بابنتها في عيد الأمهات، وتقول إنها كانت الأحن بين أخوتها، تعشق الحياة، ورغم صغر سنها إلا أنها كانت الأكثر نضجًا ووعيًا بين أخوتها.

ماذا كانت ستقول لها لو بقيت على قيد الحياة؟ تدمع عيناها وتقول كنت سأضمها إلى صدري ولا أجعلها تبرحه أبدًا، كنت سأحميها من غدر الأيام والسنوات، لو يعود بي الزمان إلى الوراء كنت حميتها ربما من حادث السير وجعلتها تبقى معي في البيت إلى الأبد.

أيام مؤلمة

دنيا سماحة فقدت ابنها منذ 3 سنوات بسبب مرض ألّم به، وتعود بالذاكرة إلى الأيام التي قضتها، وهي تهتم به وبمرضه، وتقول :" كانت أيامًا مؤلمة جدًا، من أكثر الأمور إيلامًا أن ترى الأم ابنها وهو يذوي أمام عينيها".

في عيد الأمهات تتوجه إليه في السماء وتتمنى أن يكون قد ارتاح من عذاباته التي عاشها على الارض، وتقول إنه الآن ملاك في السماء، مع سائر الملائكة.

فقدان الجنين

سهام صليبا تقول إنها فقدت جنينها وكانت حاملاً به في الشهر السادس، ورغم أنها انجبت من بعده ثلاثة أولاد، إلا أنها لا تزال تذكر "الحرقة" و"الألم" الذي رافقها مع فقدانها لجنينها، وتقول " يومها أسودت الدنيا بنظري، وأصبحت أعيش عيد الأمهات بكثير من اللوعة والألم"، لكن الله عاد وأنعم عليها بثلاثة أولاد، وتتمنى في عيد الأمهات ألا تعيش النساء والأمهات خصوصًا، أي ألم من فقدان أولادهن، لأنه ألم يفوق كل الآلام.