في تحدّ للمجتمع الدولي، صادق مجلس النواب الروسي على معاهدة تقضي بضم شبه جزيرة القرم إلى الأراضي الروسية، في وقت صوّت البرلمان الأوكراني على قرار يؤكد على أن كييف لن تعترف أبدًا بهذا الضم وستناضل من أجل تحرير شبه الجزيرة.


موسكو: صادق مجلس النواب الروسي (الدوما) الخميس على معاهدة تقضي بضم شبه جزيرة القرم الى الاراضي الروسية، في تحد للمجتمع الدولي، الذي يؤكد ان المنطقة هي جزء من اوكرانيا.

وصوّت جميع اعضاء المجلس، باستثناء واحد، لمصلحة المعاهدة، التي وقعها الثلاثاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقادة القرم. كما صادق الدوما على قانون جديد حول ضم القرم الى روسيا.

وكان البرلمان الاوكراني صادق الخميس على قرار يؤكد أن كييف لن تعترف ابدًا بضم القرم الى روسيا وستناضل من اجل "تحريرها". وجاء في نص القرار الذي طرح بمبادرة من الرئيس الانتقالي اولكسندر تورتشينوف أن "اوكرانيا لن توقف نضالها من اجل تحرير القرم مهما كان الامر طويلاً واليمًا".

واضاف القرار أن "الشعب الاوكراني لن يعترف ابدًا" بضم القرم الى روسيا، مشيراً الى انها "المرة الاولى منذ الحرب العالمية الثانية التي يتم فيها تعديل الحدود" من قبل روسيا، التي هي من القوى الضامنة لسيادة اوكرانيا منذ أن تخلت تلك الجمهورية السوفياتية السابقة عن ترسانتها النووية عام 1994.

وتوجه النواب ايضًا في قرارهم الى المجتمع الدولي مطالبين "بعدم الاعتراف بما يسمى جمهورية القرم وبضم القرم ومدينة سيباستوبول الى روسيا".

موفد كييف: مؤشرات على استعداد لتدخل روسي واسع
وحذر سفير اوكرانيا لدى الامم المتحدة في جنيف الخميس من "مؤشرات" إلى استعداد لتدخل روسي واسع في شرق وجنوب اوكرانيا. وقال يوري كليمنكو للصحافيين ان "هناك مؤشرات إلى ان روسيا تستعد لشن تدخل كامل في شرق وجنوب اوكرانيا".

عقوبات أوروبية

أوروبيًا، أعلنت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل الخميس أن الاتحاد الاوروبي يعتزم توسيع قائمته للاشخاص الروس والاوكرانيين الموالين لروسيا الذين فرض عليهم عقوبات تشمل حظر تأشيرات الدخول وتجميد اموال، تاركة الاحتمال مطروحًا لفرض عقوبات اقتصادية في حال تصعيد الوضع.

وقالت ميركل إنه "خلال المجلس الاوروبي الذي ينعقد اليوم، سوف يحدد رؤساء الدول والحكومات في الاتحاد الاوروبي عقوبات (المرحلة الثانية) التي تقررت قبل أسبوعين ... ومن بينها توسيع قائمة الاشخاص المشمولين بحظر منح تأشيرات الدخول وتجميد الاموال"، مضيفة "في حال التصعيد .. نبقى على استعداد في أي لحظة للانتقال الى المرحلة الثالثة من العقوبات وستكون بالتأكيد عقوبات اقتصادية".

واضافت ميركل: "في حال حصول تصعيد ... نحن مستعدون في أي لحظة للانتقال الى المرحلة الثالثة من العقوبات وستكون على الارجح اقتصادية"، وذلك قبل بضع ساعات على بدء قمة رؤساء الدول والحكومات الاوروبية في بروكسل. وشددت على أن ضم القرم الى روسيا يتطلب "رداً حازماً وموحدًا من اوروبا وشركائها".

وحول مستقبل روسيا ضمن مجموعة الدول الثماني وانعقاد قمة هذه المجموعة في حزيران (يونيو)، قالت ميركل "طالما أن الشروط السياسية غير متوافرة لعقد اجتماع على هذا المستوى، لن تعود هناك مجموعة  الثماني ولا قمة ولا هذه الصيغة". وعلقت الاستعدادات لقمة مجموعة الدول الثماني المقررة في مدينة سوتشي الروسية بالنظر الى الوضع في القرم.

وفي ما يتعلق بالمشاورات الحكومية بين المانيا وروسيا والمقررة في اواخر نيسان (ابريل)، تركت ميركل المجال مفتوحاً امام كل الاحتمالات، وقالت إن "الحكومة الالمانية ستقرر ما اذا كانت ستنعقد أم لا، وفي أي صيغة".

قنوات الحوار مفتوحة

لكنّ الأوروبيين يتوخون الحذر لأنه "من الضروري ترك قنوات الحوار مفتوحة" مع الكرملين، كما اشار دبلوماسي آخر. وقال إن "اولويتنا هي اكثر من أي وقت مضى خفض التوتر" بشأن أوكرانيا.

ومعاقبة رجال الاعمال ستتوقف من جهة أخرى على الالتزام بسلوك طريق العقوبات الاقتصادية، وهو موضوع حساس جدًا داخل الاتحاد الأوروبي. فهناك كثير من الخلافات الكبرى بين الدول التي تطالب بتلك العقوبات والمناهضين لها لأنها ستكون اولى ضحاياها، والدول الأخرى التي ترضى بها شرط أن لا تؤثر عليها كثيرًا.

واعلن مركز "اوبن يوروب" للدراسات ومقره لندن "على المدى القصير، فإن الاكثر فعالية سيكون مزيجًا من العقوبات المحددة التي تستهدف افرادًا أو شركات، والقيود على تصدير المنتجات التي تعتمد عليها روسيا كثيرًا مثل الماكينات أو المنتجات الكيميائية والطبية".

قلق ألماني

لكن التطرق الى مثل هذه الاجراءات يثير قلقًا كبيرًا لدى الصناعيين في المانيا التي تعتبر اول شريك تجاري لروسيا، حيث تنشط ستة آلاف شركة المانية. وتبدي دول أخرى مثل اليونان وفنلندا وبلغاريا قلقها حيال ردود موسكو وخصوصاً في مجال شحنات الغاز.

وعلى المستوى الفردي، تسعى فرنسا الى المحافظة على بيع سفينتين عسكريتين من طراز ميسترال لروسيا، وبريطانيا على المحافظة على الشركات الروسية الناشطة في وسط الاعمال في مدينة لندن.

والتحدي الذي ستواجهه الدول الـ28 يكمن في تحديد العقوبات التي "تحمل الانعكاس الاكبر على الاقتصاد الروسي وانما الاقل اهمية على الأوروبيين" وهو ليس بالأمر "السهل"، كما اوضح مصدر فرنسي.

بان يبلغ بوتين قلقه البالغ
هذا واعرب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس عن قلقه البالغ بشان الازمة في اوكرانيا والتي شهدت ضم موسكو لشبه جزيرة القرم.

وقال بان كي مون في بداية محادثات في الكرملين "بوصفي امينا عاما لا استطيع الا ان اقول انني قلق بشكل كبير بشان الوضع الحالي"، مضيفا انه اجرى محادثات كذلك مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في وقت سابق من الخميس.

تبعية

وابعد من ذلك، فإن الأزمة الأوكرانية تجبر الاتحاد الأوروبي على "اعادة دراسة معمقة" لتبعيته في مجال الطاقة حيال روسيا، وخصوصاً حيال المجموعة العملاقة للغاز غازبروم، بحسب دبلوماسي بريطاني. ورأى هذا الدبلوماسي أن التلويح بالتهديد بأوسع تنويع لمصادر الامداد بالطاقة سيكون اكثر قدرة على حمل موسكو على التفكير.

وفي بروكسل، ستتمثل الاولوية الأخرى لدى الدول الـ28 في تأكيد دعمها للنظام الأوكراني الجديد. وستوقع هذه الدول صباح الجمعة مع رئيس الوزراء ارسيني ياتسينيوك الشق السياسي من اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.

وهذا التوقيع "سيؤكد القرار الحر والسيد لأوكرانيا بمواصلة الانضمام السياسي والاقتصادي الى الاتحاد الأوروبي"، كما اعلن المجلس الأوروبي. وهذه المرحلة ستمثل انتقامًا للاتحاد الأوروبي بعد نحو اربعة أشهر من الرفض المفاجىء للرئيس الأوكراني المعزول فيكتور يانوكوفيتش، هذا الرفض الذي كان وراء اندلاع الأزمة. لكن موسكو ستعتبرها ولا شك بمثابة استفزاز.