بعد جولات ماراثونية من المفاوضات والمشاورات الشاقة في مقر البعثة الدبلوماسية المصرية ومبني الأمم المتحدة علي مدي الساعات الثماني والأربعين الماضية.
تترقب الدوائر السياسية والدبلوماسية مصير الوثيقة الختامية لمؤتمر مراجعة معاهدة حظر الانتشار النووي خلال ساعات وسط مؤشرات متناقضة بشأن الوصول إلي إجماع دولي حول الوثيقة بعد تداول النسخة النهائية أمس الأول.
وقد خيم شبح الفشل من جديد علي مؤتمر المراجعة بعد تمسك الجانب الأمريكي, حتي صباح أمس, بحذف الإشارة إلي إسرائيل وضرورة انضمامها للمعاهدة العالمية من الوثيقة وهو ما قابله الجانب العربي بتأكيد أن ذكر إسرائيل في الوثيقة جاء بناء علي الصيغة المقدمة من رئيس المؤتمر ولو اعترضت الولايات المتحدة علي صيغة المؤتمر فستكون هي التي تدفع المؤتمر إلي الفشل.
وتدعو الوثيقة الختامية إلي عقد مؤتمر أولي أو تحضيري حول انشاء منطقة خالية من السلاح النووي وكل أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط في عام2012 بموجب اتفاق بين دول المنطقة علي أن تقوم الأمم المتحدة بالإشراف عليه.
وتشير الوثيقة الختامية إلي ضرورة تلبية إسرائيل لدعوة مؤتمر المعاهدة الذي عقد في عام2000 بالانضمام إلي معاهدة حظر الانتشار النووي ووضع كل منشآتها النووية تحت اتفاق الضمانات الشامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية في ضوء تأكيد المؤتمر من جديد ضرورة تحقيق عالمية المعاهدة بضم الدول غير الأعضاء وهي إسرائيل والهند وباكستان بالإضافة إلي كوريا الشمالية التي انسحبت مؤخرا.
كما تدعو الوثيقة الدول غير النووية في الشرق الأوسط إلي الانضمام للمعاهدة باعتبارها دولا غير نووية.
وقد ظلت تلك الفقرة محل خلاف حتي اللحظات الأخيرة, في الوقت الذي صرح فيه السفير ماجد عبد الفتاح مندوب مصر الدائم لدي الأمم المتحدة بأن الاقتراح المصري لتجاوز الخلاف تمثل في انضمام إسرائيل للمعاهدة كجزء من العملية التي ستبدأ عام2012 بينما تري الدول الغربية الحليفة لإسرائيل عدم تضمين الفقرة في الوثيقة لضمان مشاركة إسرائيل في مؤتمر الشرق الأوسط.
وصرح السفير وائل الأسد مندوب الجامعة العربية في المؤتمر بأن المجموعة العربية التي تمثلها لبنان تمسكت, في اجتماعها الذي انتهي في ساعة متأخرة من مساء الخميس, بالصيغة التي قدمها رئيس المؤتمر والتي تذكر إسرائيل بالاسم وفقا لما جاء في مؤتمر عام2000 وبناء علي ما نادت به أكثر من مائة دولة أمام المؤتمر. وقال السفير الأسد إن مصر تقوم بالتفاوض نيابة عن مجموعة عدم الانحياز ولا تتحمل المسئولية عن فشل المؤتمر ولو حدث ذلك فستكون الولايات المتحدة هي المسئولة لأنها رفضت الصيغة التي أقرتها رئاسة المؤتمر وليس العرب.
واحتفظت الوثيقة الختامية بالفقرة التي سبق أن اعترضت عليها المجموعة العربية وهي الخاصة بعقد المؤتمر علي أساس ترتيبات يتم التوصل إليها بحرية بين دول المنطقة, ولكن أضيف إليها بدعم ومشاركة كاملة من الدول الراعية من الدول الحائزة علي الأسلحة النووية. ويطالب مشروع الوثيقة الختامية الأمين العام للأمم المتحدة بتعيين مسهل للمؤتمر يحمل تفويضا لدعم تنفيذ قرار عام1995 وذلك بإجراء مشاورات مع دول المنطقة ويتولي إعداد الترتيبات الخاصة بالمؤتمر المقترح.
كما يقوم المنسق الدولي المقترح بالمساعدة في تطبيق خطوات المتابعة التي تتم الموافقة عليها من جانب دول المنطقة المشاركة في مؤتمر2012 وكانت الصيغة السابقة تطالب بمنسق دولي مهمته رفع تقرير لمؤتمر المراجعة في عام2015 والاجتماعات التحضيرية التي تسبقه. وستقوم الأمم المتحدة والدول الراعية لقرار الشرق الأوسط لعام1995 بتحديد الحكومة التي سوف تستضيف المؤتمر علي أن تقوم الوكالات الدولية المعنية بتحضير أوراق الخلفية الخاصة بالمؤتمر بما فيها الخاصة بتحديد نماذج إقامة منطقة خالية من السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل الأخري وأنظمة الإطلاق الخاصة بها.
وقد ألقت الإدارة الأمريكية بثقلها في المفاوضات مع الجانب المصري والمجموعة العربية في الأيام الأخيرة, حيث اجتمع جوزيف بايدن نائب الرئيس الأمريكي مع المندوبين العرب في البيت الأبيض يوم الثلاثاء الماضي للتوصل إلي حل للمشكلات العالقة في الوثيقة الختامية التي تعول إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما علي صدورها باعتبارها مؤشر نجاح السياسة الأمريكية الحالية الرامية إلي تشجيع الحد من الأسلحة النووية.
من ناحية أخري, أبدت إيران اعتراضها الصريح أمس الأول علي عدم استجابة الدول النووية الكبري لاقتراح دول عدم الإنحياز(118 دولة) بوضع جدول زمني للتخلص من أسلحتها النووية وتقديم ضمانات للدول غير النووية بعدم إستخدام السلاح النووي ضدها, وهدد علي أصغر سلطانية مندوب إيران باستخدام حق الفيتو ما لم يتم النص علي عام2025 كموعد نهائي في خطة العمل الخاصة بنزع الأسلحة النووية, وهو ما يعني فشل المؤتمر.
وتكتفي الوثيقة الختامية بدعوة الدول النووية بتقديم تقرير عن التعهدات الخاصة بنزع الأسلحة النووية في المؤتمر التحضيري للمؤتمر المقبل عام2014.
وتشير فقرة في الوثيقة إلي أن الدول التي تملك أسلحة عليها التشاور فيما بينها علي كيفية نزع السلاح وتقديم تقرير إلي مؤتمر عام2015, وبعد ذلك عقد اجتماع رفيع المستوي للتفاوض علي خارطة الطريق لإلغاء الأسلحة النووية.
وقد خلت الوثيقة من مقترح سابق خاص بدعوة الدول النووية إلي إجراء مشاورات العام المقبل حول كيفية نزع الأسلحة النووية التي في حوزتها علي أن ترفع تقريرا بذلك إلي مؤتمر عام2015 ثم يجري فيما بعد الدعوة لاجتماع رفيع المستوي لوضع خريطة طريق للتفاوض علي إزالة جميع الأسلحة النووية.
وقد شهد مقر البعثة الدبلوماسية المصرية في نيويورك مفاوضات موسعة طيلة أمس الأول شاركت فيها وفود من جميع أنحاء العالم في مقدمتها وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية إلين تاوشر والمندوب الإيراني علي أصغر سلطانية وسفراء الدول النووية الكبري وهي فرنسا والصين وروسيا وبريطانيا وسفراء المجموعة العربية وممثلون عن حركة عدم الإنحياز التي ترأسها مصر حاليا وانتقلت الوفود إلي مبني الأمم المتحدة للاطلاع علي الوثيقة الختامية التي وزعها سفير الفلبين ليبران كاباكتيولان-رئيس المؤتمر- والذي وصف الوثيقة في صورتها الأخيرة بأنها أفضل ما تمكن الوصول إليه.