مناقشات ساخنة حول مشروع قانون التأمينات الاجتماعية الجديد شهدتها ورشة العمل التى نظمها مركز معلومات مجلس الوزراء اليوم الثلاثاء، وهو القانون الأكثر جدلا خلال العام الحالى، حيث واجه معارضات مجتمعية شديدة حول فلسفته المعتمدة على نظام الحسابات الشخصية، وبعده عن التكافل الاجتماعى.
الدكتور محمد معيط مساعد وزير المالية لشئون التأمينات والمعاشات أكد أن جميع قطاعات المجتمع شاركت فى إعداد هذا القانون منذ ما يزيد عن عامين وليس خلال الأشهر الأخيرة، منتقدا اتهامات منظمات رجال العمال الأسبوع الماضى حول عدم مناقشة القانون معهم واتهامهم بأن القانون دخل إلى مناقشات البرلمان فجأة.
وأشار معيط إلى أن الحكومة تتعامل بمرونة شديدة مع الملاحظات حول مشروع القانون وستظل هكذا حتى الانتهاء من جميع المناقشات، معربا عن الاستعداد الكامل للأخذ بأية ملاحظات فى صالح المواطنين، وحول استثمارات أموال التأمينات فى ظل القانون الجديد أكد معيط أنها ستكون من خلال المشروعات الإنتاجية والعقارية.
وأشار معيط إلى أن السبب الرئيسى وراء حدوث أزمة اليونان هو نظام المعاش الحالي، حيث لم تلفت الدولة للتحذيرات الدولية من انهيار النظام التأميني، مشيرا إلى وجود دراسة لمنظمة العمل الدولية تم إجرائها عام 1995 وتقديمها للحكومة المصرية عام 1999 تنتقد النظام الحالى وتؤكد انه لن يتمكن من الاستمرار ولابد من تغييره.
هذا القول عارضه الدكتور إبراهيم عوض الأمين العام السابق لمنظمة العمل الدولية والذى أكد أن المنظمة أشادت بنظام التأمين المصرى الحالى، إلا أنها انتقدت انخفاض المزايا مطالبة بإجراء تعديلات على النظام القائم، وليس التحول تماما لنظام الحسابات الشخصية.
وعرض الخبير الدولى تجربة دولة شيلى التى تعثر نظامها التأمينى القائم على الحسابات الشخصية، مشيرا إلى أنها لجأت لمنظمة العمل الدولية لمساعدتها على الخروج من الأزمة.
وحذر عوض من زيادة سن التقاعد إلى 65 عاما فى القانون الجديد، مؤكدا أنها ستؤثر سلبيا على تخفيض التشغيل الحكومى فى ظل تزايد معدلات البطالة، وهو يشكل خطورة كبيرة.
وقال حسين مجاور رئيس اتحاد العمال الذى شارك فى تعديلات مشروع القانون الجديد، أن الاتحاد راض تماما عما وصل غليه القانون، مؤكدا انه تم الأخذ بـ 38 ملاحظة من الاتحاد على المشروع من إجمالى 39 ملاحظة، مؤكدا أن اتحاد العمال ومجلس الشعب ما كان ليرضى بمشروع قانون التأمينات والمعاشات الجديد دون الاستماع والاستجابة الكاملة لملاحظاتهم، مشيرا إلى أن مناقشات مجلس الشعب حول القانون لم يتحدد موعدها وقد تبدأ خلال الأسبوع المقبل أو يوم 9 يونيو القادم.
وشدد مجارو على اهتمام الاتحاد بأوضاع العمالة غير المنتظمة من خلال إنشاء باب كامل فى القانون يحدد أوضاع هذه العمالة من خلال إنشاء عدد من الصناديق مثل صندوق عمال المقاولات، وغيرهم من العمالة الموسمية وغير المنتظمة.
من جانبه انتقد صابر بركات عضو اللجنة التنسيقية للحقوق والحريات النقابية والعمالية فلسفة القانون الجديد، قائلا: "الخلاف مع القانون ليس فى التفاصيل وإنما فى الفلسفة القائمة على الحسابات الشخصية والتى تسمح للدولة بالتهرب من واجباتها والانحياز لفكرة التأمين التجارى".
وعارض بركات حديث الحكومة ومشروع القانون الجديد عن الاستثمار الآمن لأموال التأمينات، لافتا إلى أن هذا كان يمكن حدوثه من خلال القانون الحالى رقم 79 واستثمار أموال التأمينات من خلال المشاريع كثيفة الاستخدام للعمالة، وردا على ادعاءات الحكومة بان العديد من مواد القانون الحالى أصبحت غير دستورية بعد مرور 30 عاما، قال أنه خلال ثلاثة أعوام سيتم الحكم على مواد قانون الأمينات الجديد بعدم الدستورية، وقال الناشط العمالى أن الحديث المجتمعى بقواعد مختلة لن ينتج عنه سوى قانون مختل.
واتهم عدد من الحضور وزير المالية بسرقة أموال صندوقى التأمينات الاجتماعية وقال طلال شكر نائب رئيس اتحاد أصحب المعاشات أن مشروع القانون يمثل انتقالا نحو المجهول حيث يعتمد على تغييرات دفعة الحياة سنويا والتى يتحكم فيها وزير المالية، مقترحا اعتبار القانون الجديد نظام تكميلى وليس نظام التأمينات الأساسى فى المجتمع.
وردا على هذه الاتهامات قال حسين مجاور: "أموال صناديق التأمينات موجودة ونجحنا مع وزير المالية فى الحصول على صكين بقيمة 200 مليار جنيه، ويتبقى 140 مليار دين على بنك الاستثمار القومى والهيئات الاقتصادية".
واقترح عبد الفتاح الجبالى رئيس وحدة الدراسات الاقتصادية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية إجراء تعديل على المعاش الأساسى المحدد فى مشروع القانون بنسبة 18%، بحيث تكون النسبة مساوية للحد الأدنى من الأجر، دون حدوث خلاف حول تفاصيل متوسط الأجر.