رسم المسئولون الأمريكيون صورة مرعبة لمصير العالم والحجم الهائل للخسائر البشرية التي يمكن أن تترتب علي استحواذ التنظيمات الإرهابية علي الأسلحة و المواد النووية واستخدامها في قتل مئات الآلاف من البشر‏.‏

قد أكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما‏,‏ في تصريحات صاحبت افتتاح القمة التي تعد الأكبر منذ استضافة الولايات المتحدة للاجتماع التأسيسي لمنظمة الأمم المتحدة عام‏1945,‏ أن بلاده تعمل علي أن تسفر هذه القمة عن إجراءات فعالة وملموسة‏,‏ وخطة عمل محددة للتعامل مع التهديد النووي والذي وصفه بالتهديد الأعظم للأمن العالمي‏.‏ وقال إن التوصل إلي مشروع عمل متماسك ومتكامل بهذا الشأن سوف يجعل العالم أكثر أمنا‏.‏

بقية التصريحات التحذيرية أطلقها جون بيرنان‏,‏ كبير مستشاري أوباما والمتخصص في ملف مكافحة الإرهاب‏,‏ الذي أكد أن التهديد النووي الإرهابي حقيقي وخطير ومتنام‏,‏ وأن الحصول علي أسلحة نووية واستخدامها هو الهدف الأسمي والنهائي للجماعات الإرهابية‏.‏

في كلمته أمام وزراء الخارجية المشاركين في القمة خلال حفل غذاء أقامه تكريما لهم أمس قال جوزيف بايدن‏,‏ نائب الرئيس الأمريكي ان هناك مئات الأطنان من المواد النووية التي تنتشر بين نحو‏40‏ دولة بما فيها الولايات المتحدة‏.‏ و أكد أن انتشار مثل هذا الحجم من المواد يشكل تهديدا عظيما‏,‏ خاصة أن تدمير مدينة كاملة و إبادة مئات الآلاف من البشر يمكن تحقيقه بسهولة باستخدام‏50‏ رطلا فقط من اليورانيوم النقي‏,‏ وهي كمية في حجم الكرة الصغيرة علي حد وصفه‏.‏

وأشار بايدن إلي انه بينما يتفق جميع الدول علي ضرورة الحيلولة دون وقوع أي كارثة نووية‏,‏ فأنهم يتفقون أيضا علي أهمية الاستخدامات السلمية للتكنولوجيا النووية والطاقة الذرية وما يمكن أن تقدمه للعالم إذا تمت إدارة هذا الملف بالشكل السليم و تحقق حمايتها‏.‏

وتعهد نائب الرئيس الأمريكي بأن تظل الولايات المتحدة ملتزمة بتشجيع الفوائد السلمية للطاقة الذرية في إطار معاهدة الحد من الانتشار النووي‏.‏ وأكد أن من يطورون تكنولوجيا نووية عليهم ان يقوموا بذلك بإحساس بالمسئولية وبصورة حكيمة‏.‏ وقال إن بلاده مستعدة لتقديم خبرتها إلي كل الدول في هذا الصدد‏.‏

وحول أحد محاور عمل الولايات المتحدة فيما يتعلق بالملف النووي‏,‏ أشار بايدن إلي إدراك الولايات المتحدة أن أكثر من نصف المواد النووية الخطيرة في العالم ليست في أيدي الحكومات ولكن في حيازة القطاع الصناعي وبالتالي ستعمل الولايات المتحدة مع القطاع الصناعي‏,‏ لمواجهة هذه التهديدات المشتركة‏.‏ وقال انه سيستضيف خلال الأسبوع الحالي مجموعة من ممثلي الشركات العالمية الكبري العاملة في هذا المجال للبحث في كيفية تعزيز المشاركة وتوفير ضمانات السلامة النووية‏.‏

وقال المسئول الأمريكي البازر إن أهداف حركة عدم الانحياز والحكومة الأمريكية حول قضايا الأمن النووي وغيرها لم تكن متقاربة في يوم من الأيام كما هي الآن‏.‏ وان الولايات المتحدة ملتزمة بتقليل حجم الأسلحة النووية في ترسانتها وتقليل دور هذه الأسلحة في السياسة الدفاعية الأمريكية‏.‏

وأشار إلي أن هناك شبه إجماع دولي علي أن زيادة حجم الترسانة النووية لدي الدول النووية لن يخدم المصالح و الأمن الدولي‏.‏

التصريحات التحذيرية جاءت بالتوازي مع عدد من ردود الفعل و المبادرات الدولية التي تعلقت كلها بالشأن النووي‏.‏ فقد طالب يوكيا أمانو‏,‏ المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية‏,‏ القوي النووية ببذل مزيد من الجهود لحماية المواد النووية‏,‏ محذرا من أن مخزونات العالم من المواد و الأسلحة النووية لا تخضع للتأمين الكافي‏.‏

وفي دفعة للقمة وأهدافها‏,‏ أعلنت أوكرانيا اعتزامها التخلص من مخزونها النووي و المقدر بنحو‏90‏ كيلو من اليورانيوم عالي التخصيب أو ما يوازي عددا من القنابل النووية‏,‏ و ذلك قبيل حلول موعد القمة الثانية للأمن النووي عام‏2012.‏

جاء إعلان أوكرانيا خلال اللقاء الثنائي الذي جمع أوباما و نظيره الأوكراني قبيل القمة مما أثار موجة من التفاؤل مع بداية فعاليات القمة‏.‏ من المعروف أن أوكرانيا كانت موقع الحادثة المروعة لانفجار مفاعل تشرنوبل النووي في ثمانينيات القرن الماضي‏.‏

وفي خطوة إيجابية أخري‏,‏ أعلنت تشيلي إرسال مخزونها من اليورانيوم المخصب إلي الولايات المتحدة في مساهمة لدعم الأمن العالمي‏.‏ كما قررت الحكومة الكندية إرسال ما في حيازتها من اليورانيوم المستنفذ إلي واشنطن كمبادرة دعم أخري‏,‏ علي أن تتم عملية النقل خلال الفترة بين العام الحالي وعام‏2018‏ وعلي النقيض‏,‏ أكد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن بلاده لن تتخلي عن مخزونها النووي وذلك لضمان أمنها القومي‏.‏ وأضاف ساركوزي أن بلاده سبق وقررت وقف التجارب النووية وخفض ترسانتها النووية بمقدار الثلث لتصل إلي‏300‏ رأس نووي حاليا‏.‏

وفي رده علي حالة القلق الدولي من مستوي تأمين المواد والأسلحة النووية‏,‏ أكد رئيس الوزراء الباكستاني رضا جيلاني أن بلاده بمثابة دولة نووية مسئولة رافضا المطالب المتكررة بوقف إنتاج بلاده من المواد الانشطارية‏,‏ و شدد علي ضرورة تطوير القدرات الدفاعية لبلاده في مواجهة الهند‏.‏

في الوقت نفسه‏,‏ أعلنت الحكومة المكسيكية اعتزامها التخلص من مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب بتحويله إلي وقود نووي‏,‏ وذكر بيان حكومي ان الرئيس المكسيكي فيليب كالديرون أكد التزام بلاده القوي في مواجهة الارهاب النووي‏,‏ مشيرا الي انه في ظل تعاون بهذا الشكل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وشركائنا في أمريكا الشمالية‏,‏ سنسهم في تقليص مخاطر تهريب المواد النووية‏.‏

وفي تصريحات قوية و قاطعة‏,‏ قال رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان خلال وجوده في واشنطن رفض بلاده حيازة أي دولة للسلاح النووي‏,‏ و ذلك بدون الإشارة إلي إسرائيل تحديدا كما هو متوقع و لكنه انتهز الفرصة للتنديد مجددا بسياسات إسرائيل إزاء قطاع غزة‏.‏

 مشروع البيان الختامي يطالب بضمان أمن المواد النووية خلال أربع سنوات

اتفق زعماء‏47‏ دولة في قمة واشنطن النووية علي العمل لضمان أمن المواد النووية في جميع أنحاء العالم في غضون أربع سنوات لإحباط أية خطط لجماعات متطرفة للحصول عليه‏.‏

وقال القادة في البيان الختامي الذي حصلت عليه وكالة الأنباء الفرنسية نرحب وننضم الي دعوة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لضمان أمن جميع المواد النووية غير المحمية بشكل جيد‏,‏ خلال أربع سنوات في إطار عملنا معا لتعزيز الأمن النووي‏.‏ وحدد القادة اجراءات لمكافحة الاتجار النووي بما فيها تبادل المعلومات والخبرات المتعلقة بعمليات الرصد والطب الشرعي وتطبيق القانون‏.‏

وقال القادة‏:‏ نقر بضرورة التعاون بين الدول من أجل المنع الفعال لأي اتجار نووي غير شرعي‏.‏ وأكد القادة أن الهيكل الرئيسي لمكافحة الانتشار النووي يظل الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة التي قالوا إن لها دورا مهما في هذا الشأن‏.‏ وتعهد المشاركون في القمة علي العمل من أجل ضمان أن تواصل هذه الوكالة امتلاك الهيكل والموارد والخبرات الملائمة للقيام بعملها‏.‏ وتعهدت الدول المشاركة في القمة النووية بمنع ما سمته الأطراف غير الرسمية الحصول علي مواد نووية لأغراض خبيثة وذلك في إطار مجموعة اجراءات لمنع الإرهاب النووي‏.‏