اتجهت أنظار العلماء مؤخرا إلى ما يسمي بالهندسة الوراثية أو النبات المعدل جينيا، وهى تقنية استخدمها العلماء لإدخال جين معين في المحصول لتعزيزه بخصائص جديدة ومميزة تجعله مقاوما لأحد الأمراض الخطيرة التي تصيب البشر.
ويأتي استخدام القمح على قائمة اهتمامات الناس من أجل الحصول على خبز وحلويات ومعجنات أفضل، وقد تمكن علماء البحوث الزراعية والتكنولوجية الحيوية بوزارة الزراعة من تحقيق نصر علمي جديد لمصر في بحوث القمح برئاسة العالم د.مجدي مدكور خبير التكنولوجيا الحيوية من اكتشاف صنف جديد من القمح المقاوم للأمراض بالتكنولوجيا الحيوية، وأهمها أمراض الصدأ الذي يدمر 50% من محصول القمح سنويا في مصر.
ويحقق النوع الجديد من القمح على مستوى الحقول الإرشادية بمحطة بحوث الجميزية بمحافظة الغربية نجاحا بنسبة 100% في مقاومة الأمراض دون استخدام أي مبيدات كيميائية، طبقا لما ورد بوكالة «أنباء الشرق الأوسط».
وأكد د.أحمد بهي الدين مدير معهد بحوث الهندسة الوراثية التابع لمركز البحوث الزراعية، أن اكتشاف هذا النوع من القمح استمر لمدة 3 سنوات لحين تحقيق نتائج إيجابية تم عرضها على السيد أمين أباظة وزير الزراعة الذي أعرب عن إعجابه وارتياحه الشديدين، خاصة أن محصول القمح يعد محصولا إستراتيجيا قوميا، وتتطلع الحكومة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي منه محليا.
وأضاف بهي أن هذا النوع الجديد من القمح يحقق زيادة في الإنتاجية تقدر بنحو 5 أرادب للفدان الواحد إلى جانب عدم استخدام أي مبيدات نهائيا في مقاومة الأمراض، مشيرا إلى أن ما يؤكد سلامة هذا النوع على صحة الإنسان أنه يتم إدخال جينات من نفس محصول القمح والشعير والذي يعطي ضمان 100% على سلامة صحة الإنسان.
وأكد د.مصطفى عزب خبير القمح بمحطة بحوث الجميزية، أن هذه الأنواع من القمح تعتبر حائط صد أولى ضد الأمراض الوافدة للمحاصيل وحماية البيئة، موضحا أن إنتاج صنفي القمح «مصر 1» و«مصر 2» يعطي إنتاجية تقدر بنحو 25 إردبا للفدان مقابل 20 إردبا للأصناف التقليدية.
وقد حقق هذا النوع من القمح نتائج متقدمة، حيث استعانت 7 دول بهذه التجربة المصرية الجديدة للاستفادة منها وزراعة هذه الأصناف في بلادهم، وهذه الدول هي افغانستان وباكستان والسودان وأوغندا وتونس وتركيا وكينيا، وقد بعثت هذه الدول برقيات شكر لمصر للنتائج التي حققها القمح المصري في أراضيهم.
وفي نفس الصدد، تمكن فريق بحثي من المعهد القومي لعلوم الليزر من إنتاج سلالات جديدة من القمح تحمل جينا مقاوما للملوحة، وذلك عن طريق استخدام آليات شعاع الليزر، مما يعني إمكانية التوسع في إنتاج القمح كمحصول استراتيجي في الأراضي الصحراوية التي تروى بالمياه الجوفية عالية الملوحة.
وأشار الباحثون إلى أن مجموعة من شباب الباحثين في المعهد قاموا بتصميم أول آلية مصرية 100% تستخدم شعاع الليزر المركز ضوئيا ليصبح قطره أقل من الميكرون 6-10م، وذلك لنقل الجين إلى داخل الخلايا، مما يمهد الطريق لآلية علمية متطورة يمكن اللجوء إليها لتحسين السلالات النباتية والحيوانية.
واستخدم الباحثون أيضا نظاما ميكانيكيا للحركة الآلية من خلية إلي خلية في حدود من2-40 ميكرون مصغر، وتتناغم هذه الحركة مع انطلاق نبضة الليزر، حيث أمكن نقل الجين إلي نحو مليوني خلية في الجنين غير الناضج للقمح «مزارع الأنسجة» في أقل من ساعتين وبنجاح فائق مقارنة بأحد أكثر الآليات التي كانت تستخدم من قبل وهي آلية مدفع الجينات.
وتمثلت نتائج هذه التجربة في نقل الجين المقاوم للملوحة وعمله في الوسط الجديد بكفاءة غير مسبوقة دون الإضرار في التركيب الميكروني المصغر للخلايا من الداخل والخارج، وعدم حدوث تشوه لشفرة «دي إن إيه» في النبات المنقول له الجين قبل وبعد نقل الجين إليه وانتظام عملية النقل باستخدام آليات زراعة الأنسجة.