نظام الحصول على الإقامة للأجانب بالبلاد، يشترط خلو الوافد من الأمراض المعدية ومن بينها التهاب الكبد الفيروسي «B» و«C»، والايدز، وتقوم إدارة الصحة العامة بمخاطبة الإدارة العامة لشؤون الهجرة عبر كتاب يوضح إذا ما كان الشخص مصابا بأحد تلك الأمراض حتى يتم إدراج اسمه على قائمة الممنوعين من دخول البلاد، وعدم منحه الإقامة، أو أنه خال من هذه الأمراض وبالتالي يمنح الإقامة، وقد قمنا في عدد سابق بعرض بعض حالات تم عمل فحص مخبري لها، وجاءت النتائج الأولية تعلن إصابتهم، وهذا الأمر عادي، ولكن ما شكل اختلافا هو ما يلي ذلك من كتب تلغي الكتاب الأول، إما بكون الوافد غير مصــــاب وبإعادة الفحص تبين خلوه، وإما أن يكون تم وضع اسمه بالخطأ.

والمشكلـــة هنا أن هـــذا الأمـــر يتكـــرر بشكـــل واضح باستمرار، وقد استشهدنـــا في العـــدد السابق بمجموعة من الكتب في سنوات مختلفـــة بين أعـــوام 2003، 2004، 2005، 2006 وحتى 2009 مما يعني أن الأمر مستمر وغير منقطع على مدار هذه السنوات وبتوقيــع من نفس مدير الإدارة، الذي لم يتغير، وتوقيعه على كل الكتب الخاصة بطلب وضع اسم الوافد في لائحة الممنوعين من دخول البلاد، وكذلك الكتاب التالي والخاص بأنه لائق ويجيز له عمل إقامة. وبالطبع «الأنباء» لم تقم بنشر كل الكتب التي في حوزتها نظرا للمساحة المخصصة للنشر، فهناك الكثير منها.

والمثير للجدل أن البعض اعتبر أن هذه المخالفات «قديمة»، لأن التاريخ المذكور بها يعود لأعوام مضت، وهنا نتساءل: هل يعني مرور 5 أو 6 سنوات على مخالفات وتجاوزات جسيمة أنها غير مجدية ولا يعاقب مرتكبها؟ هذا على اعتبار أنه مضت 5 أو 6 سنوات، فماذا إن كانت هذه التجاوزات حدثت، وتحدث، والسكوت عليها يجعلها ستحدث مستقبلا؟

إن الأمن الصحي للبلاد خط أحمر، يجب ألا يتجاوزه أحــــد، ويجب أيضــــا عدم التهاون أو التنــــازل أو التفريط في حق وزارة الصحــــة في إجراءات الفحوصات الطبية للعمالة الوافدة، فهـــذه الإجراءات هي حصن الأمان الذي يضمن عدم انتشار الأوبئـــة، ولكن يجب أن يتم هذا الأمر بحيادية تامة وأمان، وبطريقــــة صحيحة دونما أخطاء مخبرية أو كتابية، مما يجعل العديد مــــن الوافدين الذين قاموا بإجــــراء نفس الفحوصات في مختبــــرات بلادهم المعتمدة لدى وزارة الصحة الكويتية، وثبـــت أنهم لائقون صحيا، يلجأون للقضاء ليس لإثبات أنهم أصحاء والحصول على حق الإقامة فقــــط، وإنما أيضا يعــــودون بدعــــوى على الوزارة يطلبون فيها تعويضهم عن الأضرار المادية والنفسية التي تسبب فيها هذا الخطأ، وخير دليل على ذلك القضايا المنظـــورة أمـــام المحاكم، والأحكام القضائية التي حكم فيهـــا لصالح الوافديــــن.

وهنا نضع بين أيدي المسؤولين بالوزارة حكما صدر لصالح أحد الوافدين الذي وضع على لائحة الممنوعين من دخول البلاد، وثبت عبر العديد من الفحوصات التي أجراها عقب ذلك أنه لائق صحيا. وهذا يدفعنا للتساؤل: ما هي معايير ومقاييس لياقة الوافد؟ هل هناك أمور أخرى غير معلنة تختلف عما يعرفه الجميع في هذا الجانب؟

ولأن وزارة الصحة تلتــــزم بمعاييــــر منظمة الصحة العالميــــة في التعامل مع أمراض الالتهاب الكبــــدي الفيروسي بأنواعــــه، ورصد مدى خطورته وقياس هــــذه الخطــــورة بالإصابــــة بفيـــروس الايـــدز فإننا ننشر ما تقوله المنظمة عنه.

تصنيف الحالات

الكبد أحد الأعضاء الحيوية في جسم الإنسان، ومثل باقي الأعضاء فهو عرضة لتفاعلات مراحل عمليات التهابية متفاوتة، وتحصل هذه الالتهابات نتيجة لتعرض الكبد لواحد، أو أكثر، من عوامل عدة، مثل أنواع من الأدوية أو الكحول أو المواد الكيميائية أو السموم أو أنواع من الميكروبات أو اضطرابات مناعة الجسم أو غيره. ومن بين الميكروبات، توجد مجموعة من الفيروسات ذات القدرة على مهاجمة الكبد، ولكن بالرغم من وجود مسببات متعددة لالتهابات الكبد وقدرة مجموعة واسعة من الفيروسات على مهاجمة الكبد، إلا أن ثمة حالات مرضية معينة، تصنف بشكل مستقل بذاتها تحدث فيها التهابات داخل الكبد نتيجة لدخول واحد، أو مجموعة، من فيروسات معينة، يجمعها قاسم مشترك وهو مهاجمة الكبد بالدرجة الأولى، اذا استطاعت الدخول إلى الجسم من المنافذ المسهلة لها الوصول إلى الكبد، ويطلق عليها فيروسات «التهاب الكبد الفيروسي» ولأسباب علمية، تم استخدام الأحرف الأبجدية لتسمية مجموعة فيروسات «التهاب الكبد الفيروسي»، وأصبحت تشمل، حتى اليوم، فيروس A، B، C، D، E، وF، G.

وتؤكد إدارة مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية، أن معرفة العلماء بأنواع الفيروسات تتوسع، خاصة في جانب الأنواع المتسببة في «التهاب الكبد الفيروسي». وتتوقع أن يزيد عدد أفراد هذه الفيروسات، وتطول بالتالي قائمة الأحرف الأبجدية المستخدمة في تسميتها. ولكن تبقى فيروسات «A» و«B» و«C» هي الأشهر والأهم والأكثر انتشارا. وقد عرفت منظمة الصحة العالمية أنواع التهاب الكبد الفيروسي وصنفتها كما يلي:

التهاب الكبد «A» هو نوع من العدوى الفيروسية التي تصيب الكبد، وينتشر الفيروس المسبب للمرض عندما يتناول شخص لا يحمل العدوى (أو غير مطعّم) طعاما أو شرابا ملوثا ببقايا شخص يحمل الفيروس المسبب للمرض، وتدعى تلك الظاهرة السراية البرازية ـ الفموية. وهناك علاقة وثيقة بين المرض وتدني وسائل الإصحاح وانعدام عادات النظافة الشخصية. ولا تتسبب عدوى التهاب الكبد «A» على عكس التهابي الكبد B وC، في إصابة الكبد بشكل مزمن ولا تؤدي إلى الوفاة إلا في حالات نادرة، ولكن يمكنها إحداث أعراض موهنة.

أما الالتهاب الكبدي «B» فهو عدوى فيروسية تصيب الكبد وبإمكانها تهديد حياة من تصيبهم. ويمثل هذا المرض مشكلة صحية عمومية كبرى وأخطر أنواع التهاب الكبد الفيروسي، وهو قادر على إحداث مرض كبدي مزمن وتعريض الناس لمخاطر الوفاة جراء تليف الكبد وسرطان الكبد.

وهناك، في جميع أنحاء العالم، نحو مليارين من المصابين بفيروس التهاب الكبد «B» وأكثر من 350 مليونا ممن يتعايشون مع نوع مزمن (طويل الأجل) من أنواع العدوى التي تصيب الكبد.

وثمة لقاح متوافر منذ عام 1982 يمكن من مكافحة المرض، ويضمن هذا اللقاح نجاعة بنسبة 95% في الوقاية من العدوى وآثارها المزمنة، وهو أول لقاح استحدث ضد أحد أهم السرطانات التي تصيب الإنسان.

ويتمكن حوالي 90% من البالغين الأصحاء المصابين بفيروس التهاب الكبد «B» من الشفاء كليا والتخلص من الفيروس في غضون ستة أشهر، غير أن 8% إلى 10% من البالغين يصابون بحالات مزمنة.

فيروس C وطرق انتقاله

قبل أن تتضح للعلماء معالم فيروس «C» لالتهاب الكبد، ويصبح معروفا بهذا الاسم، كان يطلق عليه نوع «لا A ولا B»، وتنتقل هذه النوعية من الفيروسات بنفس الطرق التي ينتقل بها فيروس «B». إلا أن انتقال فيروس «C» عبر الاتصال الجنسي نادر، بالمقارنة مع نوع «B».

وما يميز الإصابة بهذا الفيروس، مقارنة مع نوع «B» وغيره، أن احتمالات نشوء حالة مزمنة من التهاب الكبد الفيروسي عالية جدا، ذلك أن حوالي 70% ممن يدخل أجسامهم هذا الفيروس، تتحول العملية الالتهابية إلى حالة مزمنة، ويغدون ذا قابلية لنقل العدوى إلى غيرهم من غير المصابين. كما ترتفع لديهم احتمالات ظهور حالات تليف وتشمع الكبد، وبالتالي فشل الكبد، وكذا حالات سرطان الكبد، ولا يوجد حتى اليوم لقاح لمنع الإصابة بفيروس «C»..

ويعتبر مرض الالتهاب الكبدي «C» من اكثر الأمراض الوبائية عدوى وشيوعا من الفيروس الذي يسبب مرض الايدز ويمكن أن يكون مميتا ويصيب على الاقل 170 مليون انسان على مستوى العالم.

يذكر فحص الالتهاب الكبدي هو أحد أنواع الفحوصات التي تجريها وزارة الصحة على كل راغب في الاقامة في البلاد بناء على قرار مجلس الوزراء الصادر في عام 1997.

ومع هذاأكد عميد كلية الطب بجامعة الكويت د.فؤاد العلي في كلمة له بافتتاح المؤتمر الخليجي للصحة المهنية الذي عقد في الكويت أن التهاب الكبد الفيروسي «c» من الأمراض القابلة للعلاج إذا ما تم اكتشافه وعلاجه في الوقت المناسب، مشيرا إلى أن فرصة الشفاء منه قد تصل إلى 85% مبينا انه وباعتبار أن هذا المرض قد يتطور من دون أي أعراض واضحة فإنه ينبغي على جميع الناس وبالأخص الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة أكثر من غيرهم المبادرة إلى إجراء اختبارات الدم اللازمة لقطع الشك باليقين.