بعد يوم واحد من إجراء ثاني انتخابات برلمانية يشهدها العراق منذ الغزو الأمريكي في‏3002,‏ تتجه أنظار العالم إلي نتائجها المرتقبة في الوقت الذي استبقت فيه القوائم الانتخابية المتنافسة الاحداث بإعلان فوزها وتسيير مظاهرات للاحتفال به‏.‏

من جانبها‏,‏ أعلنت مفوضية الانتخابات العراقية أن نتائج الانتخابات ستعلن خلال أيام قلائل‏.‏

وأكد فراج الحيدري رئيس المفوضية أن النتائج الأولية ستعلن خلال يومين أو ثلاثة‏,‏ مرجحا أن تظهر يوم الخميس المقبل‏.‏ وكان الحيدري قد دعا أمس الأول الكيانات السياسية والمرشحين إلي قبول النتائج مهما تكن وعدم التشكيك فيها‏.‏ ومن المقرر أن تعلن النتائج النهائية في‏18‏ مارس الحالي‏.‏

وحذر قاسم العبودي المتحدث باسم المفوضية المستقلة للانتخابات من أن النتائج المتداولة حتي الآن ليست رسمية‏,‏ مؤكدا أنها مجرد أرقام تتداولها وسائل الإعلام ليس إلا‏.‏ وقال العبودي إن أمام المفوضية عملا ضخما قبل الإعلان عن النتائج الرسمية‏,‏ موضحا أن ما تم إعلانه من نتائج هو مجرد اجتهادات من جانب وسائل الإعلام ولم يدل بها أي مسئول في اللجنة المشرفة علي الانتخابات‏.‏

وجاءت تصريحات العبودي بعد إعلان عدد من القوائم الانتخابية تحقيق انتصار في الانتخابات‏,‏ وتسييرها مظاهرات بعدد من المدن العراقية ابتهاجا لما عدته فوزا في الانتخابات‏.‏ وخرج الآلاف في شوارع العراق احتفالا بفوز قوائمهم رغم مناشدات السلطات الأمنية عدم تنظيمها‏.‏

وكانت القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي قد هنأت انصارها بالفوز الكاسح‏,‏ وحذت حذوها قائمة دولة القانون التي يترأسها رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي ثم قائمة عمار الحكيم زعيم المجلس الأعلي الإسلامي العراقي‏.‏

جاء ذلك في الوقت الذي أظهرت فيه بيانات حصلت عليها وكالة الأنباء الفرنسية من مسئولين محليين أن رئيس الوزراء نوري المالكي متقدم في المحافظات الشيعية‏,‏ كما حل منافسه إياد علاوي أولا في المحافظات السنية في الانتخابات التشريعية‏.‏

وحل ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي أولا في المحافظات الجنوبية التسع في حين حلت قائمة العراقية بزعامة علاوي أولي في محافظات العرب السنة الأربع‏(‏ الأنبار وصلاح الدين وديالي ونينوي‏).‏ وتشغل المحافظات الجنوبية‏119‏ مقعدا في حين تتمثل محافظات العرب السنة بسبعين مقعدا‏.‏

كما حلت العراقية في المرتبة الثانية في ثلاث محافظات شيعية‏(‏ بابل والمثني والبصرة‏)‏ لكنها جاءت في المرتبة الثالثة في ست محافظات شيعية أخري وراء الائتلاف الوطني الذي يضم الأحزاب الشيعية الرئيسية باستثناء حزب الدعوة‏.‏

أما في محافظة كركوك التي يتنازعها الأكراد والعرب‏(12‏ مقعدا‏),‏ فقد حل التحالف الكردستاني الذي يضم الحزبين الرئيسيين أولا يليه العراقية ومن ثم دولة القانون‏.‏

وتشغل المحافظات الكردية الثلاث‏41‏ مقعدا وهناك‏15‏ مقعدا تعويضيا موزعة علي الأقليات‏(‏ ثمانية مقاعد‏)‏ والقوائم الصغيرة‏.‏

وجرت الانتخابات وفق النظام النسبي الذي يجعل كل محافظة‏,‏ وعددها‏18,‏ دائرة واحدة‏.‏ ولن تتمكن أي قائمة من الحصول علي غالبية تمكنها من تشكيل الحكومة بمفردها‏.‏ وبالتالي‏,‏ ستكون هناك تحالفات قد تؤخر تشكيلها لعدة أشهر‏,‏ مما يعني احتمال وجود فراغ سلطة ربما تستغله جماعات مسلحة‏.‏

وقال علي الموسوي مستشار المالكي أعتقد أن ائتلاف دولة القانون تقدم في جميع المحافظات الجنوبية وبغداد وتوقع أن يحصل علي ثلث مقاعد مجلس النواب إلا أنه أضاف أن الائتلاف لن يكون بوسعه تشكيل الحكومة لوحده دون الاستعانة بآخرين والتحالف مع كتل أخري‏.‏ من جهة أخري‏,‏ سجلت مشاركة العرب السنة معدلات مرتفعة‏.‏

وأشارت التقديرات إلي أن نسبة المشاركة عموما وصلت إلي نحو‏60%‏ بينما بلغت في ديالي إلي‏70%‏ بينما بلغت‏76%‏ في نينوي وفي صلاح الدين‏70%‏ وفي تكريت‏61%.‏

وقال عاملون في مفوضية الانتخابات في هذه المحافظات إن تقديراتهم تشير إلي أن القائمة العراقية تحتل المرتبة الأولي‏.‏

وسجلت أعلي نسب للمشاركة في المحافظات الكردية الثلاث‏.‏ وقد بلغت هذه النسبة أكثر من‏67%‏ في أربيل وأكثر من‏27%‏ في السليمانية‏.‏ وفي المحافظتين‏,‏ حل في الطليعة التحالف الكردستاني ثم قائمة التغيير‏,‏ وبعدها الجماعة الاسلامية والاتحاد الاسلامي‏.‏

أما في دهوك‏,‏ حيث لم تعلن نسبة المشاركة بعد لكنها تكون أعلي عادة وتتجاوز‏80%,‏ فقد حل التحالف الكردستاني أولا ايضا تلاه الاتحاد الاسلامي ثم التغيير‏.‏

وفي كركوك‏,‏ قال فرهاد طالباني مدير مكتب المفوضية إن نسبة المشاركة بلغت‏70%.‏ وتوقع أن يحل التحالف الكردستاني أولا ثم العراقية ويليها دولة القانون‏.‏

وفي المحافظات الجنوبية تراوحت نسب المشاركة بين‏48‏ و‏64%.‏

واحتل ائتلاف دولة القانون المرتبة الاولي في كل المحافظات تلاه الائتلاف الوطني العراقي في ست منها‏(‏ النجف وواسط وذي قار والديوانية وكربلاء وميسان‏).‏

وجاءت القائمة العراقية في المرتبة الثانية بعد ائتلاف المالكي في المحافظات الثلاث الأخري‏(‏ البصرة والمثني وبابل‏)‏ التي احتل فيها الائتلاف الوطني العراقي المرتبة الثالثة‏.‏

وفي غضون ذلك توالت ردود الأفعال الدولية علي الانتخابات‏,‏ ففي برلين‏,‏ أشاد وزير الخارجية الألماني فيستر فيلا بالناخبين العراقيين الذين توافدوا علي لجان الاقتراع وأدلوا بأصواتهم وادان في الوقت نفسه عمليات العنف التي ألقت بظلالها علي الانتخابات‏.‏

واعتبر أمين عام منظمة حلف شمال الأطلنطي الناتو آندرس فو راسموسن أن الانتخابات العراقية إنجاز مهم آخر نحو تطور الديمقراطية‏.‏

من جهة أخري‏,‏ أكد ديفيد ميليباند وزير الخارجية البريطاني أن الإخفاقات المتعاقبة للأمم المتحدة في مواصلة توجيه التهديدات للرئيس العراقي السابق صدام حسين أضعفت المنظمة الدولية قبل غزو العراق‏.‏

وأضاف ميليباند ـ لدي إدلائه بشهادته أمام لجنة تشيلكوت حول حرب العراق ـ أن مساحة التصرف حيال صدام حسين أصبحت محدودة للغاية من جانب المتابعة الضعيفة مشيرا إلي أن الوكالات الدولية اعتقدت أن الرئيس العراقي السابق كان يشكل مادة مؤهلة للخطر‏.‏

لكن وزير الخارجية البريطاني ـ الذي كان وزيرا للتعليم عندما بدأت حرب العراق ـ أعرب عن اختلافه مع ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي السابق من أن العراق كان مركزا للإرهاب‏.‏