لست خائفا‏,‏ ولن أمكث في بيتي‏,‏ إلي متي سنقبل بهذا الوضع‏,‏ نحن نحتاج إلي التغيير‏,‏ وهذا التغيير لن يحدث إلا بأيدينا نحن العراقيين‏

‏بهذه الكلمات تحدث وليد عبيد البالغ من العمر‏40‏ عاما لوكالة‏'‏ أسوشيتد برس‏'‏ عن تحديه للهجمات الإرهابية التي شهدتها المدن العراقية أمس في وقت متزامن مع توجه الملايين من الناخبين العراقيين إلي صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في ثاني انتخابات نيابية تشهدها العراق منذ الغزو الأمريكي عام‏2003‏

فعلي وقع أصوات التفجيرات الانتحارية والهجمات بقذائف الهاون ووسط إجراءات أمنية عراقية‏100%,‏ توجه ملايين الناخبين إلي مراكز الاقتراع بمختلف محافظات العراق في تحد لتهديد تنظيم القاعدة باستهداف الناخبين الذين سيشاركون في السباق الانتخابي العراقي‏,‏ حيث شهدت الساعات الأولي من عملية التصويت إقبالا ملحوظا برغم سلسلة من الانفجارات والقذائف التي أسفرت عن مقتل وإصابة‏90‏ شخصا‏.‏

وجري السباق الانتخابي تحت إشراف طاقم من نحو‏300‏ ألف عراقي‏,‏ إضافة إلي نحو‏500‏ إلي‏600‏ مراقب دولي موزعين علي نحو‏10‏ آلاف مركز اقتراع في‏18‏ محافظة عراقية‏,‏ ويتنافس فيها‏6172‏ مرشحا يمثلون‏165‏ كيانا ينتمون إلي‏12‏ ائتلافا سياسيا‏,‏ للتنافس علي‏325‏ مقعدا‏,‏ ويحدد مصير هذه الكيانات‏19‏ مليون ناخب داخل العراق ومليون و‏900‏ ألف في‏16‏ دولة أجنبية‏.‏

ونفذ تنظيم القاعدة تهديده في عرقلة الانتخابات‏,‏ حيث أعلنت وزارة الداخلية العراقية مقتل‏38‏ شخصا وإصابة‏110‏ إثر دوي سلسلة انفجارات وسقوط صواريخ وقذائف هاون‏.‏

وقال مصدر امني في الشرطة العراقية إن اعنف التفجيرات كان في منطقتي الشرطة الرابعة وحي الشعب‏,‏ حيث قام مسلحون بزراعة المتفجرات بعمارة سكنية‏,‏ مما أدي إلي مقتل أربعة مدنيين وإصابة ثمانية بجروح‏.‏ أما في حي الشعب شمال شرق بغداد فقد قتل‏12‏ مدنيا وجرح ثمانية آخرون اثر انهيار بناية سكنية‏,‏ علي أثر انفجار ناجم عن استخدام مادة‏'‏ تي إن تي‏'.‏

وبرغم مناشدة أئمة المساجد في الفلوجة الناخبين الذهاب للإدلاء بأصواتهم‏,‏ ومطالبة المسلحين بعدم القيام بأية عمليات تستهدف الناخبين وترك السلاح والاندماج في الشعب العراقي‏,‏ فقد قتل‏6‏ أشخاص في انفجار استهدف مركزا للاقتراع بالمدينة‏,‏ بينما شهدت محافظة صلاح الدين‏,‏ وشمال وغرب والمنطقة الخضراء في بغداد سقوط صواريخ كاتيوشا وقذائف هاون وانفجار عبوات ناسفة‏.‏

وكان تنظيم القاعدة في العراق قد أعلن الجمعة الماضي فرض حظر التجوال في جميع أنحاء البلاد لمنع إجراء الانتخابات‏,‏ محذرا من يخرق حظر التجول هذا بانه‏'‏ يعرض نفسه والعياذ بالله لغضب الله ولكل صنوف أسلحة المجاهدين‏'.‏

وعززت الحكومة العراقية الإجراءات الأمنية في كل أنحاء العراق‏,‏ حيث أغلقت الحدود الشرقية مع إيران وحشدت آلاف القوات في أنحاء مختلفة من البلاد‏,‏ كما حظرت حركة المركبات بالمدن وإغلاق المنافذ الجوية والبحرية حتي مساء اليوم‏.‏

وأكدت الحكومة العراقية أن قوات الأمن العراقية هي المسئولة بنسبة‏100%‏ عن تأمين الانتخابات‏.‏ وأوضح اللواء قاسم عطا المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد أن الخطة الأمنية لمواكبة الانتخابات هي خطة عراقية بالكامل‏,‏ مشيرا إلي أن دور القوات الأمريكية هو تقديم الدعم اللوجيستي في حالة تطلب الوضع ذلك‏.‏

وأكد اللواء عطا قدرة القوات العراقية علي حماية الانتخابات بعد نجاحها في التجارب السابقة‏.‏ وأضاف أن القيادة والسيطرة حاليا هي بأيدي القوات الأمنية العراقية في جميع مناطق العراق دون استثناء‏,‏ والقوات الأمنية هي المعنية بحفظ الأمن وهي التي تقوم بتنفيذ الواجبات عدا الحالات التي تتطلب تنسيقا مشتركا من خلال موافقة رئيس الوزراء ووزير الدفاع علي تنفيذ عملية مشتركة في مناطق محددة ولمتطلبات الظرف الأمني‏.‏

وأعرب رئيس الوزراء رئيس قائمة ائتلاف دولة القانون نوري المالكي فور إدلائه بصوته في الانتخابات عن أمله في أن يتوجه الناخبون لمراكز الاقتراع بشكل حاشد برغم التهديدات الأمنية‏,‏ متوقعا أن تشهد الخريطة السياسية تغييرا بعد الانتخابات النيابية‏.‏

وقال‏:'‏ بعد جهود مضنية تمكنا من أن نصل إلي هذا اليوم‏,‏ وأنا متفائل بالتوجه الحاشد للجماهير‏.‏ وكلما أراد أعداء العراق تحقيق شيء يزداد الشعب تحديا‏'.‏

ودعا المالكي المرشحين إلي قبول نتائج الانتخابات إلا من وقع عليه ظلم‏,‏ وعليه أن يتوجه إلي مفوضية الانتخابات وبالطرق القانونية‏,‏ قائلا‏'‏ إن الذي يخسر اليوم قد يربح غدا ولا داعي للقلق‏'.‏

وكان رئيس الجمهورية جلال الطالباني أول المقترعين في الساعة السابعة من صباح أمس في المركز الانتخابي في إعدادية روشن بدر خان بالسلمانية شمال العراق‏.‏ ووصف الطالباني الانتخابات بأنها خطوة أخري في المسار الديمقراطي بالعراق واختبار لاستمراريته‏.‏

وفي ظهور مفاجيء‏,‏ دعا الزعيم الشيعي مقتدي الصدر من إيران الناخبين إلي المشاركة في الاقتراع ونبذ العنف‏.‏

وتشير الخريطة السياسية للسباق الانتخابي إلي أن ست كتل رئيسية تتنافس للحصول علي أكبر نسبة من المقاعد في البرلمان المقبل‏,‏ إلا أن أيا من هذه الكتل لن تستطيع الحصول علي الغالبية‏,‏ التي قد تتطلب تحالف ثلاث كتل علي الأقل‏.‏

والكتل التي تحتل الصدارة وفقا لتقديرات المراقبين هي‏'‏ الائتلاف الوطني العراقي‏'‏ الذي يضم الصدريين والمجلس الأعلي وتيار الإصلاح الوطني والمؤتمر الوطني‏,‏ و‏'‏ائتلاف دولة القانون‏'‏ الذي يتزعمه رئيس الوزراء المالكي‏,‏ و‏'‏قائمة التحالف الكردستاني‏',‏ التي تضم الحزبين الكرديين الرئيسيين‏,‏ وائتلاف‏'‏ العراقية‏'‏ الذي يضم إياد علاوي وطارق الهاشمي‏,‏ و‏'‏ائتلاف وحدة العراق‏',‏ الذي يضم وزير الداخلية جواد البولاني‏,‏ و‏'‏صحوة العراق‏'‏ برئاسة أحمد أبو ريشة و‏'‏التيار الوطني المستقل‏'‏ برئاسة محمود المشهداني ورئيس الوقف السني عبد الغفور السامرائي‏,‏ و‏'‏جبهة التوافق‏',‏ التي تضم الحزب الإسلامي و‏'‏مؤتمر أهل العراق‏'‏ وعددا من الشخصيات والوجوه العشائرية‏.‏

ويتوقع المراقبون أن يحصد ائتلاف وحدة العراق مقاعد مقاربة لما يحصل عليه الائتلاف الوطني أو ائتلاف دولة القانون‏,‏ لا سيما بعد استمالته للكثير من الليبراليين‏,‏ وتحالفاته مع أطراف مؤثرين في المحافظات ذات الغالبية السنية‏,‏ وحتي في نينوي التي يكاد ينحصر التنافس فيها في كتلة العراقية والأحزاب الكردية‏.‏

ومن جانب أخر‏,‏ أدان مجلس كنائس الشرق الأوسط الأحداث المؤسفة التي شهدتها مدينة الموصل‏,‏ حيث أشار بيان لمكتب الأمم المتحدة للإغاثة إلي أن مجموعة من‏720‏ عائلة مسيحية غادرت المدينة عقب تضاعف الهجمات التي ترتكبها مجموعات مسلحة خلفت وراءها أكثر من‏12‏ قتيلا‏.‏