تصيب آلام المفاصل الكثيرين سنوياً، فتدفع بهم لإنفاق الملايين في سبيل التخفيف منها.. وقد يكون علاج آلام المفاصل ذا طبيعة وقائية إلى حد كبير، تعتمد على التدبر أثناء الحركة، وتمرين الجسم بالكامل، وتناول الغذاء الصحي.
ونلقي الضوء في المقال التالي على مشكلات المفاصل المترافقة مع كل عقد من العمر وطريقة التعامل معها.
في الثلاثينات
تتميز هذه السن بحيوية الشاب واندفاعه، إلا أن التروي هنا هو مفتاح التخلص من آلام المفاصل.
لذلك لابد من التحمية ولو لخمس دقائق قبل بداية أي تمرين رياضي، ومن ثم التقدم تدريجياً في مدة التمرين بحيث لا تتجاوز المرة الأولى الخمس عشرة دقيقة، ولنتذكر أن صغر السن والحيوية في الثلاثينات لا تعني إطلاقاً السلامة من التهاب الأربطة التي تصل ما بين العضلات والمفاصل، والتهاب الجراب الذي يصيب الفراغات الفاصلة ما بين العظام والأربطة والعضلات، ويزداد احتمال تلك الإصابات عند أداء بعض الألعاب الرياضية دون تحمية مسبقة.
وعلى الرغم من أن المفاصل قد يعترضها بعض الألم في حال كان المرء ممن يمارسون الرياضة باستخدام الأوزان، إلا أن رفع الأوزان يعتبر من أكثر أنواع الرياضة فائدة للمفاصل، نظراً لأنه يقوي العضلات التي تدعم المفصل فيخفف من مقدار الوزن الذي يتحمله، كما يشار إلى أن التمرين يخفف من آلام المفاصل المرتبطة بالحمل، وتحديداً مفاصل الحوض وأسفل الظهر.
وإذا لاحظ المرء تورماً في أحد المفاصل أو حالة شد لا تخف بعد مرور الزمن، فلابد من استشارة الطبيب لنفي وجود التهابات مفصلية رثوية، أو رثيانية rheumatoid حيث يبدأ الجهاز المناعي بمهاجمة المفاصل السلمية.. وتعاني النساء من الالتهابات الرثيانية أكثر من الرجال، وتظهر بداية المرض عادة في الثلاثينات.
وتعزى بعض مشكلات المفاصل في هذه السن إلى أمراض أخرى نادرة من قبيل التعب الليفي العضلي fibromyalgia والذئبة lupus التي تصيب عادة الشباب، ومرة أخرى تؤثر هذه على النساء أكثر من الرجال.
ويشار إلى أن علاج الالتهابات الرثيانية الناجح في هذا العمر يقي المرء من تلف المفاصل والإعاقة الحركية في المستقبل.
في الأربعينات
ترفع زيادة الوزن من خطر الإصابة بالتهابات العظم والمفصل (الفُصال العضمي) لا سيما في الحوض والركبتين، وتحدث الالتهابات جراء تعرض الغضروف الذي يغطي العظام ضمن المفصل بالتلف، مما يسبب الألم ويحد من الحركة، وتبدأ هذه الحالة بالظهور مع بلوغ الأربعينات من العمر, لكنها تظل ضمن نطاق السيطرة مع بقاء الوزن في حدوده الطبيعية، وتشير إحدى الدراسات إلى أن زيادة مؤشر كتلة الجسم BMI عن 24 قد يزيد احتمال الخضوع لعمليات تبديل المفاصل في مراحل لاحقة من العمر، (ويذكر أن المعدل الطبيعي لمؤشر كتلة الجسم يتراوح مابين 5.18 و9.24).
كما يؤثر التدخين على صحة المفصل من حيث أنه يقلل من عدد الكريات الحمراء المسؤولة عن نقل الأوكسجين، ويؤثر التدخين على النساء بتقليله مستويات الأستروجين الذي يبدأ أصلاً بالتراجع مع بلوغهن الأربعينات من العمر، وتمنع كلتا الحالتين نمو العظام الطبيعي وتساهم في تلف الأقراص الفقرية، ويضاعف التدخين من شدة الالتهابات الرثيانية.
وينصح باستعمال الطرق البديلة في التخفيف من التهابات المفاصل وآلامها من قبيل الكمادات الساخنة أو الإبر الصينية بدل الاعتماد على العقاقير، وقد أشارت دراسة جديدة أن تناول الأيبوبروفين بكثرة قد يزيد من مخاطر نوبات القلب والسكتات القلبية بالمقارنة مع تأثيرات غيره من مضادات التهاب غير الستيروئيدية من قبل النابروكسين.
في الخمسينات
كلنا يعرف أن (في الحركة بركة) لكن ما يحصل أن المرء يميل لترك الرياضة مع تقدمه في السن، وهذا ما ينبغي تفاديه، حيث تبين الدراسات الجديدة أن التمرين المنتظم يقلل من الآلام والإعاقات المرتبطة بالتهابات المفاصل.. وثمة تمارين مفضلة على غيرها من قبيل اليوغا والتمطيط اللذين يقللان من الشد ويحافظان على ليونة مناطق الألم.. وينصح بأداء بعض التمارين تحت الماء من أجل التخفيف من الضغط على العضلات.
وتعتبر تمارين التاي تشي tai chiمن جملة التمارين الصينية العريقة المفيدة لصحة المفاصل، وتقوم على دمج الحركات الخفيفة مع التأمل، فتزيد الثبات والتوازن، وتخفف آلام التهابات العظم والمفصل (الفصال العظمي) مع تقدم السن، وترجع فائدة هذه التمارين إلى دورها في تخفيف الشدة، وإلى طبيعتها التي تقوم على تأدية حركات مفيدة للمفاصل.
وثمة حلول غذائية تساعد في الحفاظ على صحة المفاصل في الخمسينات من العمر، مثل الكرز الذي يقلل من ألم التهاب المفصل بفضل وفرة مركبات الأنتوسيانين antothocyanins المضادة للأكسدة، ويتوفر الأنتوسيانين في الكثير من الفواكه والخضراوات ذات اللون الأحمر الغامق أو الأرجواني من قبيل العنب الأزرق والتوت والملفوف الأحمر.