موقف يستحق التفكير.. ففي الوقت الذي يتصارع فيه المخرجون علي عمل لنجوم الصف الأول نجد المخرجة أنعام محمد علي تسبح ضد التيار ومتطلبات السوق وشروط الإعلان والتسويق وترفض إخراج مسلسلات النجوم ومنهم إلهام شاهين التي اتصلت بها أكثر من مرة لإخراج مسلسلها وأصرت أنعام علي تقديم مسلسل عن العالم المصري الراحل "د.مصطفي مشرفة" وبطولة الممثل الشاب "أحمد شاكر" بل وجدت أن ذلك رسالة قومية أهم كثيراً من إغراءات منتجي نجوم الصف الأول.

تقول أنعام في حوارها مع "الجمهورية": أنا أقدم مسلسلاً عن عالم مصري هو "مشرفة" وليس "عالمة" والمجازفة ليست في اختيار ممثل شاب للبطولة بل في اختيار القصة نفسها فأنا أقدم مسلسلاً تاريخياً مشوقاً وإنسانياً جداً ومصممة من خلاله أن أغير مذاق الدراما وأذواق الناس في المشاهدة فأنا لا أخاطب مشاعرهم وعواطفهم فقط وإنما أخاطب أيضا عقولهم فأنا مؤمنة أن المخرج أو المؤلف الدرامي الذي يمتلك أداة مؤثرة تشكل عقل ووجدان المجتمع واجبهم المساهمة بهذه الأداة أن يقدم أعمالاً جادة لها أثر باق وخصوصاً علي الأجيال الجديدة.

من خلال مسلسل "مشرفة" أقدم قصة عالم حفر في الصخر حتي وصل إلي مكانة متميزة فقد توفي والده في سن مبكرة وكان عمره "11 سنة" ووضعته الأقدار في موضع رب هذه الأسرة والتي كان العائل الوحيد لها وكانت مهددة بالضياع ليخرج منها ثلاثة دكاترة وأساتذة في الجامعة.

تضيف أنعام: هذا العالم خرجت حدود اهتماماته من أسرته الصغيرة إلي مصر كلها وكان أول من حصل علي دكتوراة في العلوم بمصر والمنطقة العربية وإفريقيا وكان واحداً من عشرة حاصلين علي هذه الشهادة علي مستوي العالم وكان يصرخ بضرورة دخول مصر المجال النووي حتي تضمن حريتها وأمنها القومي وتطورها التكنولوجي في الزراعة والصناعة وكل المجالات.. وكل ذلك أقدمه من خلال خيوط درامية نسجها المؤلف محمد السيد عيد بشكل جيد جداً ومشوق للمشاهد لدرجة أنه استغرق في كتابتها أربع سنوات ونصف السنة وإلي جانب مشرفة نحن نتناول الجانب السياسي الذي كان في خط متواز مع أحداث هذا العصر حيث تستمر الأحداث من عام 1923 حتي يناير .1950

عن المجازفة بإسناد العمل لممثل شاب ضاربة عرض الحائط بشروط التسويق قالت بطل العمل لابد أن يكون له مواصفات معينة ولابد أن يتفرغ له تماماً ولا يكون مرتبطاً بعمل آخر حتي لا يوقف حركة المسلسل إلي جانب شرط الإجادة الجيدة للغة الإنجليزية والعربية لأنه يلقي أحاديث في الإذاعة كذلك يجيد العزف علي البيانو.

تضيف أنعام أنا كمخرجة لي دور في المجتمع فإذا كان مشرفة أصر رغم ظروفه أن يكون له دور فلابد أن أغير منه فأنا لا أبحث عن المكسب والرواج السريع أو تقديم ما يرغب الناس أن يروه لأن تلك خيانة للأداة التي أملكها كمخرجة.

لكننا علمنا أنك أعدت مقدمات مالية "عربون" لشركات إنتاج كثيرة من أجل مشرفة؟

* قالت فعلاً أنا لا أتعامل مع نفسي وعملي كمهنة فقط إنما رسالة مش مهم أخرج أعمال لها رواج وانتشار إعلامي فقط إنما رسالة وقدر هؤلاء موقفي وسوف ينتظرونني حتي أنتهي من "مشرفة" ويعلمون جيداً أنني أخرج مسلسلاً عن عالم وليس عالمة وأنا عشقت هذا العمل فكيف أقوم بتأجيله وهو نموذج مشرف يتمني أي إنسان أن يقوم بواجبه تجاه هذه الشخصيات فلماذا نجري وراء مكاسبنا الشخصية فقط وهم يقدمون أرواحهم في سبيل وطنهم ويكفي أن التاريخ سجل لهم ذلك ولم نسمع عن واحد من أصحاب الملايين الذين لم يلعبوا أي دور قد سجلهم التاريخ.

تقول أنعام: لم يقلقني التسويق لأنني أقدم عملاً للأجيال وأنا ضد من يصفني بالمغامرة والغرور في اسمي كمخرجة لأنني في كل عمل أكون مرتعشة وأشعر بالقلق وعموماً لا توجد ضمانات لنجاح أي عمل وليس معني نجاح أعمال لي أنني أضمن نجاح باقي الأعمال والذي يخلع النجاح علي العمل هو المتلقي الذي أعتبر هيئة تحكيم لا يستهان بها.

عن عدم نجاح مسلسلات السير الذاتية بقدر نجاح مسلسلها "أم كلثوم" قالت أنعام لا أستطيع أن أقول إن ما قدمته هو الذي نجح فقط فأنا قدمت "أم كلثوم" و"قاسم أمين" وحققنا نجاحاً كبيراً لكن هناك أيضا "أسمهان" نال حظه من النجاح وكانت بعض عناصر النجاح متوفرة في كثير من المسلسلات "ليلي مراد" تميز في الديكور والإضاءة وإن كان هناك عيوب في اختيار بعض عناصر الممثلين وفي توجيهم أيضا وذلك جعل الجمهور يشعر بأن هناك بعض نقاط النقص لكن لا أحب الأحكام الظالمة.

عما يتردد عن ترشيح نفسها كنقيبة للسينمائيين قالت: عمري ما فكرت في ذلك لأن كلاً ميسر لما خلق له وأنا من خلال عملي وموقعي أحقق ذاتي وأحقق المباديء والفكر الذي أؤمن به.