تقول الحكومة الهندية إنَّ اليوم الرابع من الامتحانات السنوية في ولاية أوتار براديش الكبرى بالهند، قد شهد تغيُّب 661643 طالباً (قرابة 10% من العدد الإجمالي للطلاب المسجلين) عن حضور الامتحانات.
وقال مسؤول حكومي حسب صحيفة واشنطن بوست إنَّ سبب ذلك يرجع إلى رفع جهودهم لمكافحة الغش هذا العام، وقمع مافيا التعليم المشينة في الدولة، وذلك بتركيب كاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة ونشر مجموعة مراقبين من رجال الشرطة للقبض على الغشاشين.
شهد نظام الامتحانات التنافسي بالهند، إلى جانب ضعف معايير التدريس في المدارس، نمواً ضخماً بأساليب الغش قي أثناء العقود الأخيرة؛ إذ يحتاج الطلاب إلى الحصول على درجات مرتفعة (أحياناً ما تصل إلى أكثر من 99%) لدخول الجامعات التي تلقى اهتماماً هائلاً في البلاد؛ لذا يحاولون رشوة المراقبين، وتسريب الإجابات، والتسلل إلى غرف الامتحانات.
وقررت نينا سريفاستافا، سكرتيرة مجلس التعليم في أوتار براديش، التي وصفت "مافيا الغش" بأنَّها جزء من جريمة منظمة، أنَّ ذلك سيتوقف فوراً، وأضافت: "نحن نقاتل ضد هذا الشر، وعلينا تطهير هذا الوضع الخطير".
وأخبر دينيش شارما، وزير التعليم فى الولاية ذاتها، صحيفة "تايمز أوف إنديا" بأنَّ الإجراءات الحكومية الجديدة هذا العام، شملت وقف مراكز الامتحانات المشبوهة وفصل المراقبين المتسيبين، وأضاف أنَّهم سينشرون أوراق إجابات الحاصلين على أعلى الدرجات، ليقيّم كل طالب أداءه في الامتحانات، وقال: "في عالم الغش، أكثر من يعاني هو الطالب الأمين".
ومن دون خيار الغش، تغيَّب الآلاف من الطلاب عن الامتحانات، بينما جازف آخرون بحضورها. وبحسب موقع "سكرول" الهندي، قُبض على معلّم في إحدى المدارس؛ لإملائه الإجابات على الطلاب مع أنَّ الكاميرات كانت قيد التشغيل، بينما ذكرت صحيفة "تايمز أوف إنديا" اعتقال 5 أشخاص، من بينهم مدير مدرسة؛ لتيسير عملية الغش الجماعي.
وقد شهد التطور السريع في الهند إقبالاً هائلاً على خريجي الجامعات في العقود الثلاثة الماضية. يأمل الشباب الهنود الطامحون، التمتع بوضع مادي أعلى من ذويهم، وأن يكون لهم نصيب من موجة الثراء المتنامية في المدن. لكنَّ الدخول إلى هذه الكليات يتطلب الحصول على أعلى الدرجات في الامتحانات على مستوى الدولة.
تعد الامتحانات المدرسية شديدة الأهمية للأُسر الهندية العادية، إلى درجة أنَّ رئيس الوزراء، ناريندرا مودي، ألَّف كتاباً جديداً صدر هذا الشهر، يحمل عنوان "محاربي الامتحانات"؛ لإعطاء الشباب الهنود أهم النصائح من أجل النجاح في الامتحان؛ والتي تشمل اليوغا، والاستعانة بالأحرف الأولى للعبارات وسيلةً للحفظ، والضحك قبل دخول الامتحان وبعده.
لكن حتى نصائح مودي الدراسية، لا يمكنها التغلب على المشاكل المزمنة في نظام التعليم الهندي، فغالباً ما تعاني المدارس نقصاً في عدد الموظفين، ويتغيب المعلمون، وتركِّز المناهج الدراسية على الحفظ بالتكرار.
في القرى، تفتقر المدارس في بعض الأحيان إلى الكهرباء أو الكتب المدرسية الصحيحة، فيما تعاني نقصاً في المراحيض والمياه الجارية، لا سيما للفتيات الحائضات؛ ما يؤدي إلى ارتفاع معدلات الانقطاع عن الدراسة.
قالت نينا وغيرها، عاقدين العزم على تطهير نظام الامتحان، إنَّ التدابير الصعبة الجديدة لمكافحة الغش ستردع الغشاشين في المستقبل، وأضافت: "يجب على الأطفال الدراسة. يجب على المعلمين تلقين تعليم أفضل وأكثر عصرية.
وينبغي ألا يتورط الأطفال في هذه الأنشطة الشائنة".