طمح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، منذ توليه السلطة في استعادة الدور المحوري لفرنسا في الشرق الأوسط، في ظل تقلص دور أمريكا بسبب سياستها المتعجرفة وانشغال بريطانيا بخروجها من الاتحاد الأوروبي، وسعي ألمانيا لإعادة تشكيل تحالفاتها السياسية، الأمر الذي وجده الرئيس الشاب فرصة مواتية لتصدر المشهد وقيادة حملة فرنسية جديدة بوجه دبلوماسي؛ لإحياء زعامة أجداده بقيادة نابليون بونابرت.

وسعى ماكرون إلى توطيد علاقات بلاده مع الكثير من الدول حول العالم منذ وصوله للسلطة، حيث قام بجولات في أفريقيا وآسيا خاصة منطقتي الشرق الأوسط والساحل الأفريقي حيث الحروب الأهلية وحروب مكافحة الإرهاب لا تزال قائمة منذ سنوات عديدة.

لبنان

وتمثل حل الأزمة اللبنانية أول نجاحات ماكرون، حيث توسط لإعادة سعد الحريري إلى بيروت، الذي ذكرت تقارير إعلامية عنه أنه أجبر على الاستقالة التي أعلنها من السعودية، وسعت فرنسا إلى الحفاظ التوافق بين الطوائف اللبنانية الذي جاء بمشيل عون رئيسا والحريري رئيسا للوزراء.

وتوجه ماكرون إلى الرياض والتقى مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وتباحثا في أزمة الحريري وغيرها من القضايا الخاصة بالمنطقة.

وكانت فرنسا وجهة الحريري بعد خروجه من السعودية، ومنها توجه إلى بيروت مرورا بمصر وقبرص.

سوريا

ولم يكتف ماكرون بالبعد المعتاد عبر تعميق النفوذ الفرنسي في معاقله المعتادة كلبنان، ولكنه اشترك في الصراع الدائر في سوريا، وصرح ماكرون الشهر الماضي أن إعادة بناء الشرق الأوسط هي الأولوية بعد نهاية تنظيم "الدولة داعش"، خلال زيارته إلى قاعدة تولون العسكرية.

واتخذ ماركون موقفا معارضا للنظام منذ البداية، واتهمه بأنه ينتهك اتفاقيات وقف إطلاق النار، كما امتدح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في يناير الماضي، وفد المعارضة السورية إلى جنيف، واستقبله في قصر الإليزيه، وأشاد بما أسماه «السلوك البناء» للمعارضة السورية خلال مفاوضات جنيف.

اليمن 

وطالب ماكرون العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في اتصال جرى يوم 24 ديسمبر الماضي رفع الحصار الذي يفرضه التحالف العربي الذي تقوده الرياض على اليمن، والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية لليمن الذي يقف على شفا مجاعة، بحسب الأمم المتحدة.

كما شدد على عدم وجود حل عسكري للنزاع في اليمن بين الحكومة المعترف بها دوليا والمدعومة من التحالف العربي، والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران من جهة أخرى، داعيا أطراف النزاع إلى الجلوس على طاولة المفاوضات.

السعودية 

ويسعى ماكرون لإحداث توازن بين السعودية وإيران، فخلال زيارته للعاصمة الرياض في نوفمبر الماضي أكد على موقف المملكة المعادي لإيران واستنكر دور الدولة الشيعية في إحداث الفتن في المنطقة، كما أيد الاستراتيجية السعودية باليمن ورفض استهداف المتمردين الحوثيين من اليمن مدينة الرياض بصاروخ بالستي، وتأكيده على «وقوف فرنسا وتضامنها مع المملكة».

إيران

ولكن ماكرون لا يريد أن يخسر أحد أكثر الدول التي يكثر حولها الجدل، وطرح نفسه وسيطا بين واشنطن وطهران في الملف النووي الإيراني، ويعبر عن موقف متمايز في الأزمة السورية، من أجل تسهيل عملية السلام في سوريا وسعى لإنشاء "مجموعة اتصال" نواتها الدول الأعضاء في مجلس الأمن، ومن ضمنها فرنسا، إلا أن مبادرته لم تلق حتى الآن أي تجاوب.

وطالب ماكرون إيران بثلاثة شروط تمثلت في قبول المرشد الأعلى للنظام الإيراني للمفاوضات، وقبول إيران التفاوض حول ملف الصواريخ، وكذلك تدخلات إيران وحروبها في المنطقة ودعمها للجماعات المتطرفة. قبل زيارته المرتقبة لإيران.

مصر
وكان لمصر نصيبا من اهتمام ماكرون خلال زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لفرنسا في أكتوبر الماضي، والتقى الرئيسان بقصر الإليزيه وبحثا تعزيز العلاقات الثنائية وعددا  من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وعلى رأسها مكافحة الإرهاب.

تركيا 

بشكل عاجل أبدى الرئيس الفرنسي رأيه بعملية عفرين التركية، قائلا «إن العملية العسكرية يجب أن تكون بدافع مكافحة الإرهاب، وليس عملية غزو، مضيفًا أنه على تركيا أن تنسق العملية، مع الأوروبيين، وأجرى اتصالا مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للتباحث حول غصن الزيتون».

الجزائر وتونس

وذهب ماكرون في زيارة إلى الجزائر في ديسمبر الماضي، لدعم العلاقات بين البلدين تحسبًا لانتقال السلطة في البلاد من يد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بسبب تدهور صحته، كما توجه لتونس لتعزيز العلاقات بين البلدين وصاحب زيارته إلى هناك زخم سياسي وإعلامي عربي ودولي من خلال حديثه عن أزمة ليبيا التي نالت من وقته السياسي الكثير وانتقد إسقاط نظام القذافى بدون توفر مشروع سياسي بديل.