رغم الوعيد والتهديد المتواصل من الإرهابيين لإسرائيل، والحلفان المستمر بتحرير المسجد الأقصى، فإن استهداف إسرائيل لا يعد من أولويات التنظيمات الإرهابية، ولكي تهرب العناصر الإرهابية من الإجابة عن عدم استهداف إسرائيل، أصلوا لذلك شرعيًا بنظرية (العدو القريب والعدو البعيد).
ولا يوجد كتاب تكفيري واحد خال تقريبا من هذه النظرية، التي تؤصل للعنف ضد الدول العربية أولا قبل الدول الغربية، ويعني مصطلح العدو القريب، استهداف الدول العربية، لأنها هي التي تطيع الغرب في أفكاره، والتخلص منها يسهل تحقيق حلم هذه التنظيمات، أما العدو البعيد، فيعني الغرب.
وسببت هذه النظرية خلافا بين أسامة بن لادن وأبومصعب الزرقاوي، عندما كان مسؤولا عن تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، حيث رأى الزرقاوي ضرورة استهداف الدول العربية وحكامها ومواطنيها أولا، ثم استهداف الغرب، في حين رأى بن لادن، ضرورة توجيه العمليات نحو الغرب، لكسب تأييد شعبي عربي، يوفر لهم بيئة حاضنة تساعد في عمليات التجنيد المستقبلي لمزيد من العناصر.
واستمر الخلاف بين الطرفين حتى مقتل أبومصعب الزرقاوي، وبدأ أثره من تحول جماعة الزرقاوي لتنظيم "داعش"، الذي سار على النهج نفسه مفضلا إستراتيجية العدو القريب أولا.
وتعد أولوية العدو القريب أولا أم العدو البعيد أولا، واحدة من بين كبرى المشكلات الفكرية بين تنظيمي القاعدة وداعش، ورغم تهدد أبوبكر البغدادي، زعيم تنظيم "داعش"، إسرائيل بتنفيذ عمليات إرهابية، وفق ما قال في شريط مسجل نهاية عام 2016، فإنه لم تحدث أي عمليات إرهابية تجاه إسرائيل.
وأعقب هذا التسجيل، كلمة لنضال النصيري، أحد قيادات التنظيم، أعلن فيها أن تحرير فلسطين ليس من "أولويات الجهاد المقدس".
وقال الصحفي الألماني، يورجان تودنهوفير، الذي وجد لفترة في سوريا والعراق عام 2016، إن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي يخشاها الإرهابيون.
ونقل تودنهوفير عن عناصر "داعش" قولهم إن الجيش الإسرائيلي وبخلاف الجيوش الغربية، يتقن التصدي للمشاركين في حروب العصابات ولذلك وبعد السيطرة على الشرق الأوسط لن يهاجموا إسرائيل، بل يتوجهون إلى أوروبا.
ونظرية العدو القريب، هي التي دفعت تنظيم "داعش" في سيناء، لاستهداف مسجد الروضة في سيناء، فالتنظيم الإرهابي باستهدافه للصوفية، ينفذ منهجية (العدو القريب) بدلا من (العدو البعيد)، بمعنى أنه يستهدف من يرى أعداءه في الداخل سواء مواطنين أو شرطة وجيش، بدلا من محاربة الدول الغربية، التي يرى أنها العدو الأول للإسلام