يفضل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، قضاء عطلته في مدينة طنجة المغربية. ففي نهاية يوليو الماضي هبطت طائرته في المطار، واستقبله رئيس الوزراء المغربي، ثم انتقل إلى منزله الذي تبلغ مساحته 74 هكتارا، وأقامت حاشيته في أغلى فنادق المدينة وأفخمها.
ووصل أكثر من 1000 شخص برفقة سلمان إلى المغرب، من ضمنهم وزراء، ومستشارين، وأقارب، ومسؤولين أمنيين، ومساعدين، وحجزوا غرف في حوالي 800 فندق، واستأجروا نحو 200 سيارة بالإضافة إلى العربات التي أحضرها معه العاهل السعودي، فتجاوزت تكلفة العطلة حوالي 100 مليون دولار.
ولفتت إلى أن هذه العطلة تعد أغلى العطلات التي قام بها أي شخص في أي وقت مضى. وبحسب الصحيفة، فإن تكلفة عطلة سلمان في طنجة تُمثل 1.5 بالمئة من إيرادات البلاد في قطاع السياحة الأجنبية هذا العام، أي ما يُقدّر بحوالي 6.5 مليار دولار. وأوضحت أن السياحة والتحويلات البنكية يوفران حوالي 12.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
وتوفر صناعة الفوسفات حوالي 18 بالمئة. وكانت الحكومة المغربية قد وقّعت هذا العام اتفاقيات مع وزارة السياحة الروسية والصينية، لكي يوفران مصادر جديدة للسياح. وبحسب وزارة السياحة المغربية، فإن معدل إنفاق السياح الصينيين ارتفع 10 أضعاف. وفي الوقت نفسه، وصل حوالي 2 مليون مُغترب مغربي إلى بلاده منذ يونيو الماضي، كجزء من عملية "مرحبا" التي تهدف لجذب المغتربين إلى وطنهم.
وأرجع رواج السياحة في المغرب إلى أنها لم تشهد هجمات وعمليات إرهابية كالتي وقعت في جارتها التونسية، رغم إعلان الحكومة اكتشاف 18 خلية إرهابية بالداخل، وانضمام حوالي 1500 مغربي لتنظيم داعش. ويزدهر اقتصاد المغرب بعد أن شهد العام الماضي انتكاسة خاصة في الإنتاج الزراعي والصادرات الزراعية، واللذان يوفران حوالي 15 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وأشاد البنك الدولي، في أحدث تقاريره، بالسياسة المغربية الاقتصادية، والتي تشمل سن تشريعات جديدة لتشجيع الاستثمار الأجنبي، والعمل على تسريع عجلة التطور في الصناعة، خاصة تصنيع وتركيب السيارات. وتوقع محللون اقتصاديون أن ترتفع نسبة النمو الاقتصادي من 1.5 بالمئة إلى 3.8 أو ربما 4.5 بالمئة هذا العام. ومن المقرر أن يتم بناء مصانع سيارات جديدة بالتعاون مع شركات أوروبية، من شأنها رفع معدل النمو الاقتصادي.
وتأمل المغرب في أن تصبح أكبر دولة مصنعة للسيارات في أفريقيا، إذ أنها تُصنّع حوالي 40 بالمئة من أجزاء السيارات في مصانعها، ومن المتوقع أن تكون قادرة على إنتاج 65 بالمئة من المعدات بحلول عام 2020، ما يساعد على تخفيض معدل البطالة، التي تشكل أكبر العقبات أمام الحكومة المغربية.
والمغرب لديها مشكلة كبيرة مع تخفيض معدل البطالة عن 9.4 بالمئة. وتبلغ نسبة البطالة بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و24 سنة إلى 23.5 بالمئة، وتبلغ حوالي 17 بالمئة بين الحاصلين على شهادات. ورغم النمو الاقتصادي، تواجه الحكومة المغربية الكثير من الاضطرابات، إذ وقعت مظاهرات في الحسيمة، الشمال، الخريف الماضي عندما قُتل بائع سمك داخل شاحنة قمامة، خلال محاولته لإنقاذ بضائعه من المفتشين الحكوميين، فانتشرت حُمى الاحتجاجات في المدن الأخرى، إلا أن حدتها لم تحولها لثورة أشبه بثورات الربيع العربي، التي نجت منها المغرب بفضل المساعدات التي قدمتها لها بعض دول الخليج، خاصة السعودية وقطر. وقالت الصحيفة إن حاكم المغرب الملك محمد السادس استطاع إثارة إعجاب الجميع بمهاراته الإدارية، وشعبيته المستقرة، رغم استخدامه للعديد من الصلاحيات التي يمنحها له الدستور، مُشيرة إلى أن السؤال الأهم هنا هو هل سيستطيع حماية نفسه من الصدمات السياسية عن طريق انعاش الاقتصاد؟.