أثار قرار مجلس الخدمة المدنية بإلغاء كل حالات الإعفاء من البصمة كإثبات للحضور والانصراف، والذي يشمل جميع الموظفين بمن فيهم شاغلو وظيفة مدير إدارة وما دون ذلك، عاصفة من الجدل لم تتوقف.
القرار الذي يستثني أصحاب الإعاقة الشديدة والمتوسطة ويطبق بدءا من أول أكتوبر المقبل رحب به مسؤولو الوزارات والجهات الحكومية، مؤكدين أنه لمصلحة العمل وجاء بعد دراسة متأنية ونحن ملتزمون بتنفيذه دون تحفظ، لكن قطاعات من الموظفين دعت الى إلغائه قبل تطبيقه، مؤكدة أنه مجحف، لافتة الى وجود حالات خاصة عديدة توجب إعفاء شاغليها من البصمة.
وقد أعلنت مجموعة من النقابات العمالية رفضها القاطع لقرار مجلس الخدمة المدنية بإلغاء كل حالات الإعفاء من البصمة كإثبات للحضور والانصراف في المواعيد المحددة للموظفين في جميع الجهات الحكومية، حيث أعلن رئيس ديوان الخدمة المدنية م.أحمد الجسار أنه سيدخل حيز التنفيذ اعتبارا من الأول من شهر أكتوبر المقبل بحسب قرار مجلس الخدمة المدنية، مشيرا إلى أنه يتضمن جميع الموظفين بمن فيهم شاغلو وظيفة مدير إدارة ومن في حكمهم وشاغلو وظيفة مراقب ومن في حكمهم ومن بلغ مجموع مدة خدمته في الجهات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة 25 سنة.
واعتبر رئيس اتحاد عمال الكويت سالم العجمي أن قرار مجلس الخدمة المدنية معيق لعمل الوزارات وخاصة بالنسبة للمديرين والوظائف الإشرافية، مضيفا أن القرار يحمل ظلما وإجحافا وعدم تقدير لطبيعة عمل المديرين لأن بعضهم ترتبط أعمالهم بأعمال خارج نطاق الدوام الرسمي في الوزارات، كما أن هناك من ينوب عنهم من المراقبين.
وتابع العجمي في تصريحات لـ«الأنباء» أنه لا يمكن أن نساوي بين المدير والموظف الجديد في العمل، وكذلك من بلغت مدة خدمته 25 سنة وأكثر فلا يحق لهم التقاعد ويجب أن يكتفى لهم بالتوقيع بالحضور والانصراف وليس البصمة.
وأضاف: «ستكون لنا وقفة جادة في هذا الخصوص، وبإذن الله النقابات ستتصدى لهذا القرار حتى إلغائه، ونحن نعتمد على حكمة سمو رئيس مجلس الوزراء بإلغاء هذا القرار لأن فيه ضررا وليس من ورائه فائدة أو مصلحة عامة للموظفين، بالإضافة إلى أنهم لم يأخذوا رأي العمال بهذا الشأن».
«الأشغال»: إعاقة الإنجاز
وفي الإطار ذاته، وصف رئيس نقابة الأشغال بدر البربر القرار بأنه «معوق للعمل وخاصة أن الوظائف الإشرافية التي تقوم بمهام متعددة خارج نطاق العمل، وتحديدا في وزارة الأشغال حيث يقوم المديرون والمسؤولون في الوظائف الإشرافية المختلفة بمتابعة الأعمال الإنشائية في مواقع خارجية وهو ما يتطلب بقاءهم أحيانا ساعات طويلة تفوق مواعيد الدوام الرسمية.
ودعا البربر رئيس ديوان الخدمة المدنية إلى تجميد القرار باعتبار أنه سيحد من نشاط المديرين والمسؤولين وسيجعل البعض منهم موظفا روتينيا لا يهمه إلا البصمة في مواعيدها دون اي إنجاز.من جهة أخرى، ذكر البربر أنه تسلم مقر النقابة بعد قرار هيئة القوى العاملة بأحقية مجلس النقابة برئاسته في تولي إدارة النقابة.
وفي الوقت ذاته، أثنى البربر على قرار وزير الأشغال العامة م.عبدالرحمن المطوع بإحالة من مضى على خدمته 34 عاما للتقاعد لضخ دماء جديدة وفتح المجال أمام الطاقات الشبابية وتطوير العمل داخل الوزارة.
قرار غير مدروس
بدور، قال رئيس نقابة المواصلات م. مانع نايف العجمي إن النقابة ترفض هذا القرار، معتبرا أنه غير مدروس ولم يتم التنسيق فيه مع النقابات الممثلة للعاملين المعنيين بالقرار.
وأوضح العجمي أن ديوان الخدمة المدنية اعتاد تجاهل النقابات وهذا الأمر مخالف للاتفاقيات الدولية ودستور الكويت وقانون 6/2010 حيث أن قرار يهم شريحة العاملين يجب إشراك ممثليهم به.
واستغرب م.مانع العجمي إصدار مثل هذا القرار والذي يحمل في طياته استهداف جيل من العاملين من مواليد 1966 لغاية منتصف السبعينيات حيث عمل هذا الجيل بكل جد وإخلاص.
وقال العجمي للأسف جميع قرارات الخدمة المدنية ظلمت هذا الجيل وحرمته من ابسط حقوقه ومارست عليه التمييز والتفرقة بينه والجيل الذي يسبقه وتم حرمانه بهذا القرار وقرار عدم السماح له بالتقاعد الذي اشترط ان يكون العمر 55 عاما ومن هذا الجيل من بلغت خدمته 34 عاما ولا يحق له التقاعد كما تم حرمانه من الاتجاه إلى أنشطة القطاع الخاص والمشاريع الصغيرة.
وشدد العجمي على أن النقابة بمشاركة النقابات الزميلة والاتحاد العام لعمال الكويت لن تقبل بهذا القرار إطلاقا.
تضامن نقابي
من جهته، أعرب رئيس نقابة العاملين بشركة نفط الخليج فالح العجمي عن تضامنه مع مختلف النقابات العمالية في القطاع الحكومي، مشددا على أن قرار الخدمة المدنية لا يراعي مصلحة العاملين وخاصة المديرين والوظائف الإشرافية.
وقال العجمي في تصريحات لـ«الأنباء» إن هذا القرار فيه ظلم وإجحاف بحق من أمضى عمره في خدمة وطنه، وخاصة من خدم 25 سنة، فهل نطالبه بالبصمة اليوم مثله مثل من تم تعيينه بالأمس، وهل هذا هو تكريم الدولة له بعد فناء عمره في خدمة وطنه؟!.
وطالب العجمي بإلغاء هذا القرار، وعدم إصدار أي قرارات تؤثر على نفسية الموظفين وعطائهم وخاصة من هم في وظائف المديرين والوظائف الإشرافية المتعددة والذين يبذلون كل الجهود لخدمة وطنهم في مختلف مواقع الدولة ويقضي الكثير منهم ساعات طويلة بعد انتهاء الدوام الرسمي لتحقيق الإنجاز في جهة عمله.
موظفو «الصحة» يطالبون النواب بالتدخل
وفي ردهم على هذا القرار، أعرب عدد من موظفي وزارة الصحة عن استيائهم من إلغاء جميع حالات الإعفاء من «البصمة»، واصفين القرار بأنه «مجحف» و«ظالم»، مطالبين بإعادة النظر به وإلغائه.
وطالب الموظفون من خلال «الأنباء» نواب مجلس الأمة بالتدخل، وإيقاف القرار بأسرع وقت قبل تنفيذه في الأول من أكتوبر.
وقال الموظفون: على ديوان الخدمة المدنية قبل إصدار قرارته دراستها ودراسة أضرارها جيدا على موظفي «الدولة» قبل إقرارها واعتمادها، وإعلانها للعلن، فهناك مثلا حالات مثل الأطباء لهم طبيعة عمل خاصة من خلال تعاملهم مع المرضى، وتواجدهم في العيادات وغرف العمليات، ولا يستطيعون «التبصيم»، مما يترتب عليه إعفاؤهم من البصمة.
أما المسؤولون في وزارة الصحة من العاملين بالوظائف إشرافية، فهناك حالة استياء شديدة وإحباط فيما بينهم بعد صدور قرار ديوان الخدمة المدنية بإجبارهم على «البصمة»
إشكالية الإنتاجية
هذا، وأكد عدد من الموظفين والمسؤولين الذين يعملون في الوزارات ان قرار مجلس الخدمة المدنية رقم 8 لسنة 2017 بشأن استبدال المادة 10 من قرار «الخدمة المدنية» رقم 41 لسنة 2006 بشأن قواعد وأحكام وضوابط العمل الرسمي والذي تضمن في مادته الأولى إلزام الموظف بالحضور والانصراف في المواعيد المحددة ويتم إثبات ذلك عن طريق البصمة مع عدم الإخلال بالمادة رقم 7، هو قرار جيد لكنه في الوقت نفسه لم يراع 4 أمور مهمة تتمثل فيما يلي:
1- القرار لم يراع بعض الوظائف الميدانية.
2- لم يراع القرار حضور المسؤولين اللجان التي تعقد خارج مقرات عملهم.
3- لم يتطرق إلى الهياكل التنظيمية في الوزارات، فليس من المعقول وجود موظفين ليس لديهم مقرات عمل أو مهام عمل نتيجة التوسع في وجود الهيئات أو وجود وحدات إدارية ليس لوجودها جدوى أو فائدة ملموسة.
4 - أصحاب الإعاقة الشديدة الذين تطرقت إليهم المادة الأولى من القرار فيما يلي: «وإعفاء من البصمة ذوو الإعاقة الشديدة او الذهنية المتوسطة بشرط تقدمهم لجهات عملهم من الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة بما يفيد بأن إعاقتهم لا تمكنهم من البصمة لإثبات الحضور والانصراف»، هم أصلا معفيون طبيا من البصمة أو الحضور فالقرار شمل فئتين لا تعملان.
وذكر البعض أنه كان من باب أولى أن يتطرق القرار إلى إنتاجية الموظفين خاصة أن الحكومة تعاني من عدم إنتاجية كثير من الموظفين مما ينعكس إيجابا على الحكومة والمواطنين او المراجعين.
هذا، وقد تضمنت المادة الأولى من القرار «ولا يجوز للجهة الحكومية ان تعفي من البصمة أي فئات أخرى أيا كان مستوى وظائفهم الإشرافية او المصنفة أو مدة خدمتهم».
الإعفاء الوحيد لذوي الإعاقة
في تصريحه لـ «كونا»، ذكر رئيس ديوان الخدمة المدنية م. أحمد الجسار، أن القرار نص على «التأكيد على عدم صلاحية أي جهة حكومية في إعفاء أي موظف من البصمة كإثبات للحضور والانصراف».
وأضاف أن الإعفاء الوحيد من البصمة المقرر حاليا هو لذوي الإعاقة الشديدة وذوي الإعاقة الذهنية المتوسطة بشرط تقدمهم لجهات عملهم إلى الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة بما يفيد بأن إعاقتهم لا تمكنهم من البصمة لإثبات الحضور والانصراف وسيتم النظر في تشكيل لجنة مختصة لبحث الحالات المرضية.
وتابع أنه «في جميع الأحوال هذا الإعفاء المقرر لذوي الإعاقة يتطلب معه التزامهم بالحضور والانصراف في المواعيد المحددة وأداء واجبات الوظيفة بدقة وأمانة وتقع على الرئيس المباشر ومن يليه في المسؤولية مراقبة ذلك واتخاذ الإجراءات القانونية الصحيحة في حالة المخالفة».
العتيبي لـ«الأنباء»: قرارات الخدمة المدنية تصدر بعد دراسة
قال وكيل وزارة الأوقاف المساعد للشؤون الإدارية والمالية م. بدر العتيبي، إن قرارات مجلس الخدمة المدنية تصدر بعد دراسة مستفيضة ووفق ضوابط، ولديهم مستشارون على مستوى عال لاتخاذ هذه الإجراءات.
وأضاف العتيبي في تصريحات لـ«الأنباء» أن هذا القرار سيطبق اعتبارا من أول أكتوبر 2017 وسيعفى من لديهم إعاقة ذهنية سواء شديدة أو متوسطة، أما بقية الإعفاءات السابقة من المدراء وغيرهم فينطبق عليهم هذا القرار، وبالتالي فان تطبيق القرار لم يأت إلا بعد دراسة متانية لمصلحة العمل أولا وأخيرا ومصلحة البلد.
«الشؤون»: لا إشكالية
أكد الوكيل المساعد لقطاع الشؤون الإدارية والمالية في وزارة الشؤون سعد الخراز، أن الوزارة كجهة حكومية ملتزمة بتنفيذ قرار الخدمة المدنية ولا يوجد لديهم أي تحفظ ضده، مضيفا أن الوزارة ملتزمة بنظام البصمة بكل القطاعات بما فيها قطاع الرعاية الاجتماعية ونظام المناوبة ولا توجد لديها أي إشكالية.
«التربية»: ملتزمون بالقرار
أكدت وزارة التربية أنها تلتزم بقرار ديوان الخدمة المدنية بخصوص عدم إعفاء الموظفين من بصمة الحضور والانصراف وتعمل على تنفيذه.
وقال مصدر تربوي مطلع لـ «الأنباء» إن التربية كبقية وزارات الدولة تلتزم باللوائح والنظم التي تصدر من الديوان خاصة بعملية تنظيم العمل بالنسبة لموظفيها الذين هم بالأساس تم تعيينهم وتوظيفهم عن طريق الديوان، مشددا على أن وزارة التربية لن تغرد خارج السرب.
عمال البترول: لسنا معنيين بالقرار
قال مصدر في النقابات النفطية إن القطاع النفطي غير معني بهذا القرار، نظرا لأن البصمة مطبقة على الجميع والعمل في القطاع يخضع لنظام «شيفتات» وليست له علاقة بموظفي الجهات الحكومية.