أكدت خطبة عيد الفطر السعيد ان العيد شعيرة من شعائر دين رب العالمين، وهو رمز لوحدة المسلمين، وعنوان لتآلف المؤمنين، فلنحافظ على مرتكزات ديننا في التعايش والتفاهم، والاتحاد والتلاؤم، فإن الحفاظ على وحدة المسلمين واجتماع كلمتهم وبقاء مودتهم: فرض شرعي، وواجب حتمي، ووسيلة للتكاتف والتعاون، فلا يقبل التفريط ولا التهاون.
وتوضح خطبة العيد التي أعدتها لجنة إعداد الخطبة النموذجية بقطاع المساجد بوزارة الاوقاف وعممتها على جميع مساجد البلاد وتنشرها «الأنباء» ان «الواجب علينا أن نعيش أمة الجسد الواحد، التي لا تعرف تباعد القلوب وتنافرها، ولا تشتت الصفوف وتناحرها، استجابة لأمر الله الكريم بالاعتصام بكتابه العظيم، كما أن علينا استشعار ما أفاء الله به علينا من نعمه وأفضاله الجليلة التي لا تعد ولا تحصى، فقد تكرم علينا بسعة الرزق ورغد العيش، وهيأ لنا أمنا واستقرارا وطمأنينة، وأشاع بيننا الألفة والمحبة والتواد، وتلك نعم من الله تستوجب منا الشكر والثناء للمنعم جل وعلا، وتستدعي المحافظة عليها بالتمسك بتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف.
ودعت الخطبة الى توحيد الصفوف ونبذ الفرقة والخلاف لا سيما في ظل الظروف الدقيقة والأوضاع الحرجة التي تعصف بالمنطقة، وما يشهده العالم بأسره من تنامي ظاهرة الإرهاب الذي امتد وباؤه فطال الدول والمجتمعات وإن ما أشرنا إليه من مخاوف ومخاطر يتطلب منا المزيد من الحيطة والحذر، والتكاتف والتلاحم للحفاظ على أمن وطننا وسلامته.
وفيما يلي نص خطبة عيد الفطر السعيد:
فرحة العيد
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، سبحان خالق العباد، ومجدد الأعياد، ورازق الخلق وباعثهم ليوم المعاد، وكفى بالله وكيلا.
الحمد لله الذي سهل لعباده سبل العبادة ويسر، وله الشكر على نعمه وآلائه التي لا تعد ولا تحصر، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، سبحانه خلق فقدر، وشرع فأمر وزجر، وأنعم فأغدق، وقد تأذن بالزيادة لمن شكر، وأشهد أن محمدا عبده المصطفى ورسوله المجتبى، ونبيه المرتضى، صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أهل السنة والأثر، وسلم تسليما كثيرا ما اتصلت عين بنظر أو وعت أذن بخبر.
أما بعد،
فاتقوا الله عباد الله وأطيعوه، واحذروا عقابه وارجوا ثوابه ولا تعصوه، قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ـ الأحزاب: 70-71).
واعلموا أن يومكم هذا يوم عظيم، وعيد كريم، أوجب الله عليكم فطره، وحرم عليكم صومه، توج الله به شهر الصيام، وافتتح به أشهر الحج إلى بيته الحرام. وإنه لمن محاسن دين الإسلام: هذا العيد الذي تتم فيه الفرحة والسرور للأنام، ويتلاقى المسلمون فيه بالبشر والتهنئة والسلام، ويكبرون الله تعالى على ما أولاهم من الفضل وما أسبغ من الإنعام (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ـ يونس: 58).
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.
عباد الله،
ها قد أكملتم العدة، بعد ما أعددتم العدة، فاستجبتم لأمر ربكم، وأظهرتم لدينه خالص حبكم، فصمتم رمضان طائعين، وقمتم لياليه راغبين: (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون ـ البقرة: 185).
يا معشر من كنتم بالأمس صائمين قائمين، لقد صمتم نهار رمضان صابرين محتسبين، وقمتم لياليه عابدين متقربين، ترجون رحمة ربكم، وتخافون عذاب يوم الدين، يا من لهجت ألسنتكم بذكر الله، يا من تعطرت أفواهكم بتلاوة كتاب الله، يا من بكت عيونكم لسماع كلام الله، يا من اطمأنت قلوبكم بطاعة الرب جل في علاه، كم فطرتم من صائم، وأعنتم من قائم، وعفوتم عن مخطئ أو ظالم.
يا من بذلتم وتقربتم تبتغون الأجر والمغانم، بشراكم فهذا يوم الجوائز، للعامل وصاحب النية العاجز، هذا يوم إتمام الأجر للأجير، وآن جبر القلب الكسير، ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: «للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه»؟ (أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة).
يا من أخرجتم زكاة فطركم للفقراء والمحتاجين، وأديتموها راضين مستبشرين، إيمانا بما جاء في شريعتكم، عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما حيث قال «فرض رسول الله زكاة الفطر، طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين» (أخرجه أبو داود وابن ماجه وحسنه النووي).
إن القلوب لتجمع في هذا اليوم الأغر بين الفرح والسرور على إسباغ النعمة وإتمام المنة، والتوفيق لصيام رمضان وقيامه، وبين الأسى على وداع موسم الطاعات وشهر البركات وسوق الحسنات.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.
أيها المؤمنون،
إنكم صمتم شهر رمضان المبارك، ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» (أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة). وقمتم لياليه تلتمسون ليلة القدر فعسى أن تكونوا حظيتم بفضلها وثوابها الذي جاء على لسان نبيكم، إذ قال: «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» (أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة).
وهذه بشارة أخرى أشنف بها أسماعكم وأثلج بها صدوركم، فقد روى عمرو بن مرة الجهني فقال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا رسول الله، أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وصليت الصلوات الخمس، وأديت الزكاة، وصمت رمضان وقمته فممن أنا؟ قال: من الصديقين والشهداء» (أخرجه ابن حبان وصححه الألباني والأرناؤوط).
فأبشروا، فقد وعد ربنا ـ سبحانه وتعالى ـ أهل التقوى بقبول أعمالهم، فقال تعالى (إنما يتقبل الله من المتقين ـ المائدة: 27). فاللهم تقبل منا الصيام والقيام، وفعل الخير وصلة الأرحام، وسائر أعمالنا الصالحة يا ذا الجلال والإكرام.
أيها المسلمون،
إن الأعياد لم تشرع في ملة الإسلام إلا لإظهار البهجة والسرور، وإذهاب وغر الصدور، ولإبراز شعائر الإسلام، وشكر المولى جل جلاله على ما أولى من الإنعام، فصلوا في هذا اليوم المبارك أرحامكم، وزوروا إخوانكم، وأشعروا بفرحة العيد جيرانكم، واجبروا ضعفاءكم، وأعينوا فقراءكم، وأصلحوا أحوالكم، وعودوا مرضاكم، وادعوا لمبتلاكم، لتدخل الفرحة كل بيت، وتملأ البهجة قلب كل مسلم في الكويت، قال الله تعالى (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا ـ النساء: 36).
ومن كان بينه وبين أخيه عداوة أو شحناء، أو خصومة أو بغضاء، فليضع يده في يده، وليغسل ما قد علق في قلبه، حذرا من سد أبواب القبول، وخوفا من ارتهان الأعمال في سلم الوصول، فقد أخرج مسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا، إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال: انظروا هذين حتى يصطلحا، انظروا هذين حتى يصطلحا، انظروا هذين حتى يصطلحا».
أقول ما تسمعون واستغفر الله العلي العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه إنه هو خير الغافرين
الخطبة الثانية
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
الحمد لله الذي من علينا فأفضل، والذي أعطانا فأجزل، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، خلقنا لعبادته وتوحيده، وأنطقنا بتحميده وتسبيحه وتمجيده، تفرد بالعز والبقاء، وتوحد بالعظمة والكبرياء، سبحانه خلق فسوى، وقدر فهدى، وشرع الدين وأكمل، وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله ومصطفاه، وخليله من خلقه ومجتباه، صاحب الخلق الأعظم والخلق الأكمل، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه الخيرة الكمل.
أما بعد،
فاتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام، واستمسكوا بما شرعه لكم من الهدى والأحكام، واستقيموا على طاعته في كل حال، واستعدوا ليوم لا بيع فيه ولا خلال.
عباد الله،
إننا لنفرح بهذا العيد، ونحمد الله تعالى عليه ونسأله فيه المزيد، فهذا العيد - يا عباد الله - شعيرة من شعائر دين رب العالمين، وهو رمز لوحدة المسلمين، وعنوان لتآلف المؤمنين، فلنحافظ على مرتكزات ديننا في التعايش والتفاهم، والاتحاد والتلاؤم، فإن الحفاظ على وحدة المسلمين واجتماع كلمتهم وبقاء مودتهم فرض شرعي، وواجب حتمي، ووسيلة للتكاتف والتعاون، فلا يقبل التفريط ولا التهاون، إذ الواجب علينا أن نعيش أمة الجسد الواحد، التي لا تعرف تباعد القلوب وتنافرها، ولا تشتت الصفوف وتناحرها، استجابة لأمر الله الكريم في الاعتصام بكتابه العظيم. «كما أن علينا استشعار ما أفاء الله به علينا من نعمه وأفضاله الجليلة التي لا تعد ولا تحصى، فقد تكرم علينا بسعة الرزق ورغد العيش، وهيأ لنا أمنا واستقرارا وطمأنينة، وأشاع بيننا الألفة والمحبة والتواد، وتلك نعم من الله تستوجب منا الشكر والثناء للمنعم جل وعلا، وتستدعي المحافظة عليها بالتمسك بتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، وبتوحيد الصفوف ونبذ الفرقة والخلاف.. لا سيما في ظل الظروف الدقيقة والأوضاع الحرجة التي تعصف بالمنطقة، وما يشهده العالم بأسره من تنامي ظاهرة الإرهاب الذي امتد وباؤه فطال الدول والمجتمعات وإن ما أشرنا إليه من مخاوف ومخاطر يتطلب منا المزيد من الحيطة والحذر، والتكاتف والتلاحم للحفاظ على أمن وطننا وسلامته».
أيها المسلمون،
إن أنفع مرحلة وأرقاها، وأفضلها وأقواها، وأعظمها نشاطا وأثرا، وأكثرها إبداعا وإنجازا وثمرا، لهي مرحلة الشباب، فهي حجر الزاوية في عمر الإنسان، وعلى عاتقها تبنى الحياة والأوطان، وعليها تقوم حراسة القيم وتشييد الحضارات، ورقي الأمم وقوة المجتمعات، لذا كان لزاما علينا ـ أفرادا ومجتمعات وشعوبا ومؤسسات ـ أن نعنى بالشباب ونهتم بشؤونهم، ونشجعهم على الأخذ بزمام العلم، وبناصية الرقي والفهم، والمساهمة في التنمية والبناء، والمشاركة في التقدم والرخاء، والنأي بهم عن مهاوي الردى ومواطن الرذيلة، والارتقاء إلى مدارج الحق والخير والفضيلة، بعيدا عن الضلال العقدي، والانحراف الفكري والسلوكي، فهم ثروة الوطن الحقيقية وعدته وأمله ومستقبله، وهم يحظون منا دائما بكل اهتمامنا، بهم يبنى ويعلو الوطن وبسواعدهم ينمو ويزدهر، وإنه يتوجب علينا أن نحصنهم من الأفكار الضالة والسلوك المنحرف، والنأي بهم عن الميل والانحراف وراء من يتربص بهم وبالوطن شرا، والعمل على غرس روح الولاء والوفاء للوطن في نفوسهم، وحثهم على التسلح بالعمل والتزود من معارف وعلوم العصر، واستغلال طاقاتهم في خدمة الوطن وتنميته، مؤمنين بقدراتهم الخلاقة التي حققوا من خلالها إنجازات ومراكز متقدمة بالميادين العلمية والطبية والرياضية والاختراعات، ويكفيكم - شبابنا - فخرا أن اختيرت دولة الكويت عاصمة للشباب العربي.
وفي الختام - معشر الإخوة الكرام - أتبعوا شهر رمضان بصالح الأعمال، وصوموا ستة أيام من شهر شوال، فإن الحسنة بعشر أمثالها عند الوهاب الكريم، والله يضاعف لمن يشاء، والله واسع عليم، فعن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله قال: «من صام رمضان، ثم أتبعه ستا من شوال، كان كصيام الدهر» (أخرجه مسلم).
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين، والتابعين لهم وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك يا ربنا سميع قريب مجيب الدعوات، اللهم اهد قلوبنا، واستر عيوبنا، واشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وأهلك أعداءنا، وارحم شهداءنا، واجعل الجنة مأوانا، وقنا فتنة القبر وعذاب النار، يا عزيز يا غفار، اللهم انصر الإسلام والمسلمين، وأعل بفضلك كلمة الحق والعدل والدين، وانصر عبادك المؤمنين وجندك الموحدين على عدوك وعدوهم يا رب العالمين. اللهم وفق أمير البلاد وولي عهده لهداك، واجعل عملهما في رضاك، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك، واجعل بلدنا هذا آمنا مطمئنا سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..