في أول إطلالة علنية له أثناء جلسة المصادقة على تعيينه وزيراً للخارجية في ديسمبر من العام الماضي، أعلن ريكس تيلرسون، بشكل متوقع، أن إدارة الرئيس دونالد ترامب ستحارب التنظيمات الإرهابية، مثل «القاعدة» و«داعش» و«حزب الله» اللبناني، على اعتبار أنها مدرجة على اللائحة الأميركية لـ «التنظيمات الإرهابية الأجنبية»، لكن ما لم يكن متوقعاً، في جلسة الاستماع تلك، هو إضافة تيلرسون جماعة «الإخوان المسلمين» إلى المجموعات الإرهابية، على الرغم من أنها ليست مدرجة على اللائحة الأميركية.
ويحتاج إدراج أو رفع أي تنظيم من اللائحة إلى عملية إدارية تشارك فيها وكالات فيديرالية، بما فيها وزارات الخزانة والعدل والخارجية، وهي عملية غالباً ما تستغرق أشهراً عدة. ويفتح إدارج أي تنظيم على اللائحة المذكورة الباب للإدارات الأميركية لفرض عقوبات مالية على الجمعيات والأفراد ممن تعتقد واشنطن أنهم يرتبطون بالتنظيم. كما يتم إدراج أسماء الأفراد الذين تُفرض عليهم عقوبات على لائحة «عدم الطيران» في عدد من دول العالم، في طليعتها الولايات المتحدة وبعض حلفائها.
وعلى الرغم من أن «الإخوان المسلمين» ليسوا على لائحة الإرهاب الأميركية، إلا أن ترامب يأمل أن يصل لاتفاق ضمني مع زعماء دول مجلس التعاون الخليجي، أثناء لقائه معهم بقمة الرياض في 22 الجاري، يقضي بمعاملة التنظيم على أنه إرهابي، خصوصاً أن دولة خليجية مؤثرة حضّرت منذ فترة طويلة ملفاً كبيراً عن تحركات «الإخوان» في المنطقة، وتعمل ديبلوماسيتها في واشنطن بشكل مركز مع مختلف قطاعات الإدارة الأميركية على حشد السياسات ضد التنظيم وفروعه في منطقة الخليج.
وتنقسم دول مجلس التعاون حيال تصنيف «الإخوان»، فهي تدرجهم على لائحتها للتنظيمات الارهابية، إلا أن بعض الدول يعتبر أن المقصود بـ «الإخوان» هو التنظيم العالمي فقط وليس الحركات المحلية المنبثقة عن التنظيم، ولها أسماء محلية وتشارك في العملية السياسية وتمتلك أذرعاً وأنشطة خيرية واجتماعية ومؤسسات اقتصادية.
ويأمل ترامب في إضافة «الإخوان» رسمياً إلى اللائحة الأميركية السوداء، لكن ذلك قد يستغرق وقتاً، كما أن النتيجة ليست مضمونة، خصوصاً أن التنظيم المذكور لم يستوفِ الشروط الأميركية لاعتباره إرهابياً.
لكن التصنيف شيء، وكيفية التعامل مع التنظيم شيء آخر. «حزب الله» اللبناني، مثلاً، مدرج على اللائحة الأميركية للإرهاب منذ منتصف التسعينات، لكن في زمن إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، تواصلت واشنطن مع الحزب اللبناني بشكل غير مباشر عن طريق قنوات لبنانية، غالباً أمنية، وإيرانية، مثل وزير الخارجية جواد ظريف الذي كان على اتصال مباشر بنظيره الأميركي السابق جون كيري. صحيح أن الحزب على اللائحة الأميركية للتنظيمات الارهابية، لكن إدارة أوباما تجاهلت التصنيف وتعاملت معه بواقعية تتناسب مع سياستها في المنطقة.
وكما «حزب الله»، كذلك «حزب العمال الكردستاني»، المصنف إرهابياً في الولايات المتحدة، لكن ذلك لم يمنع مسؤولاً عسكرياً رفيعاً من لقاء أحد أبرز قياداته، الشهر الماضي، في إطار التنسيق الأميركي مع الحزب الكردي في المعركة لاستعادة الرقة السورية من «داعش»، وهو لقاء أثار غضب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، الذي يزور البيت الأبيض ويلتقي ترامب الأسبوع المقبل.
هكذا، تنوي إدارة ترامب التزام لائحة وزارة الخارجية الأميركية، حيث يناسبها، مثل العودة إلى اتباع سياسة حازمة ومشددة مع «حزب الله»، فيما تتجاهل اللائحة حيث يناسبها أيضاً، مثل التعامل مع «الإخوان المسلمين» على أنه تنظيم إرهابي، رغم أنه غير مدرج على اللائحة.
وعندما يزور ترامب الرياض، من المرجح أن يتطرق في محادثاته مع زعماء دول مجلس التعاون الخليجي إلى موضوع التنظيم، وأن يحضهم على اعتباره إرهابياً، وتجميد أرصدته، وملاحقة مسؤوليه بتهم الإرهاب، على غرار ما فعل ترامب أثناء محادثاته مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الذي زار واشنطن الشهر الماضي.
حتى الآن، لم يتم إدارج «الإخوان المسلمين» على لائحة «التنظيمات الإرهابية الاجنبية» الأميركية التابعة لوزارة الخارجية، لكن محادثات ترامب مع زعماء العالم تشي بأن فترة حكم الرئيس الأميركي الحالي ستشهد ضغطاً عالمياً كبيراً على «الإخوان» وقياداتهم.