هل يرتدي الشاب الكويتي «البلسوت الأزرق» ويدخل سوق العمل الحرفي من أوسع أبوابه؟ السؤال المطروح قوبل بتأييد نيابي بغرض الحد من الاعتماد على العمالة الوافدة التي لها تأثير على اقتصاد البلد وفق ما ذكر نواب.

وفي موازاة ذلك برزت فكرة التحول التدريجي إلى العمل الحرفي على أن يسبق ذلك تطبيق الحكومة لسياسة الاحلال في الوظائف الحكومية وتقليص الاعتماد على الوافدين في الوظائف التي بوسع الكويتيين القيام بها.

لم يعد الحديث عن إمكانية ارتداء الشاب الكويتي (البلسوت الأزرق) محرجاً، ولم يعد مجرد فكرة عابرة طافت خلال مناقشة برنامج عمل الحكومة في الجلسة الأخيرة لمجلس الأمة، ما قاد برنامج إعادة الهيكلة إلى الاعلان عن دراسته في شأن (البلسوت) وتدريب المواطنين على المهن الحرفية، ليلقى الأمر قبولاً وتشجيعاً من قبل نواب الأمة، مؤكدين أن ليس هناك من مهنة وضيعة، وواضعين اليد على «جرح» التهاون في تدريب أبناء الكويت على المهن، مصوّبين على دور الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، كما أوضحت النائبة صفاء الهاشم.

وقالت الهاشم: «يثلج الصدر عندما نرى الشباب الكويتي وهم يرتدون (البلسوت الأزرق) لأن أبواب العمل الحرفي مشرعة، والشاب الكويتي طموح ويحتاج إلى فرصة وثقة»، مطالبة بتفعيل دور الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، وبرنامج إعادة الهيكلة لتدريب أبناء الكويت على العمل «ونحن مع الاستراتيجية التي أعلن عنها برنامج إعادة الهيكلة».

وذكرت الهاشم أن مدير عام الهيئة العامة للتعليم التطبيقي مطالب برسم سياسة الاحلال لأصحاب (البلسوت الأزرق) بدلاً من انتهاج سياسة التنفيع لأفراد معينين، مؤكدة أن «المدير يمارس سياسة تقود إلى التدمير، وما يحصل مجرد اهتمام بالمصالح الشخصية».

وقالت الهاشم «كان لدينا المعهد الصناعي والدورات الخاصة ومعهد التمريض والمعهد الفني ولكنها اختفت، وكنت من اوائل المعترضين على زيادة فترة الدراسة في معهد المعلمات إلى أربع سنوات»، متسائلة «لماذا نزيد فترة الدراسة ونحن لدينا كلية التربية بجامعة الكويت ؟ إن ما نحتاجه فعلاً هم الفنيون والحرفيون من أبناء الكويت الذين لا نشك بأن لديهم الحافز والطاقة لخدمة وطنهم».

وقال النائب الدكتور عادل الدمخي: «أنا من أشد المؤيدين لما أعلن عنه برنامج إعادة الهيكلة، واشجع هذه الخطوة، وعموماً فإن مهنة الميكانيكي والنجار وغيرها من المهن ليست مهناً وضيعة، وأنا أتحفظ عن اعتبارها كذلك»، مطالباً بفتح الدورات التدريبية على مصراعيها والتوسع في مثل هذه الدورات وهذه الأعمال، لافتاً إلى أن هذه المهن تعتبر في كل الدول من المهن التي تدر على العاملين بها الأموال، وخير ما يدلل على ذلك قول الرسول الكريم «خير كسب الرجل من عمل يده».

ودعا الدمخي إلى الربط بين ديوان الخدمة المدنية والمعاهد التطبيقية وبرنامج إعادة الهيكلة، لتيسير الأمور وتوظيف من ينهي الدورات التدريبية فوراً، مطالباً الجهات المعنية بوضع استراتيجية تهدف إلى وضع تصور شامل يضع في اعتباره الحد من الاعتماد على العمالة الوافدة، لأن المواطنين يجب أن ينهضوا ببلدهم ويتقدموا الصفوف في العمل الجاد، والحمدلله فإن لدى شبابنا القدرة والدافع، والشواهد على ذلك كثيرة.

واعتبر النائب خليل الصالح ارتداء الشباب الكويتي (البلسوت الأزرق) فكرة رائدة وصائبة في آن، مؤكداً تأييده المطلق، مؤكداً في الوقت نفسه أهمية الدعم الحكومي لنجاح الفكرة، من خلال توفير مرتبات مشجعة لأصحاب المهن الحرفية مع تطبيق سياسة الاحلال الفعلي، مطالباً الجهات المعنية والتي تستعين بموظفين في هذه المهن من خلال العقود الخاصة، الالتفات إلى الشباب الكويتي وتشجيعهم، وخص بالذكر القطاعين النفطي والطبي اللذين يعتمدان على الوافدين بشكل كبير.

ودعا الصالح الحكومة إلى الاعتماد على المواطنين ثم أبناء الكويتيين فأبناء «البدون» في الوظائف الحكومية أو الحرفية، لأنه اتضح أن الوافدين يكلفون الدولة أعباء مالية واقتصادية باهظة، ويؤثرون بشكل أو بآخر على الناحية الأمنية والاجتماعية والبنية التحتية، مطالباً الحكومة أيضاً بالاعلان عن دراسة شاملة للمهن والحرف التي يمكن لأفراد الأسرة الاعتماد على أنفسهم في إعدادها وإصلاحها بسهولة ويسر ودون تكاليف مالية، كما طالب الجهات المعنية الاعلان عن دورات لتدريب الشباب من الجنسين على بعض الأعمال، مثل النجارة واصلاح وحدات التكييف والكهرباء والميكانيكا.

ورأى النائب نايف المرداس أن التدرج في التطبيق هو الحل الأمثل، فبدلاً من التوجه إلى الأعمال الحرفية مباشرة علينا تطبيق سياسة الاحلال «وإن كنت مؤيداً للعمل الحر، خصوصاً بعد زيادة رأسمال محفظة المشاريع الصغيرة والمتوسطة»، داعياً الحكومة إلى توظيف الكويتيين وأبناء «البدون» في الوظائف الحكومية التي يعمل بها الوافدون.

وقال المرداس: من وجهة نظري كمرحلة أولى فإن علينا أن نطبق سياسة الاحلال ثم نعود إلى تطوير العمل الحرفي من خلال الثانوية الصناعية والمعهد التطبيقي وبرنامج اعادة الهيكلة، لافتاً إلى ضرورة توجه الحكومة إلى الاعتماد على الطاقات البشرية الكامنة في الكويتيين «وبإمكاننا أن نحقق كل ذلك في ظل الوفرة المالية والامكانات، وجل ما نحتاجه هو الإرادة الحكومية».