بعد تقديم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إلى الرئيس دونالد ترامب مجموعة من الخطط للقضاء عسكرياً على تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) وطرده من معقله في مدينة الرقة السورية، يبدو أن رأي الفريق الرئاسي الأميركي بدأ يستقر على إقامة تحالف تركي - خليجي، بإشراف ومشاركة من الولايات المتحدة، للانخراط في حرب تفضي إلى القضاء على التنظيم، وطرده كلياً من المناطق السورية شرق الفرات.
أولى بوادر المخطط تجلت في اللقاء العسكري الثلاثي في تركيا، الذي جمع رئيس أركان الجيش الأميركي جوزف دانفورد إلى جانب نظيريه الروسي فاليري غيراسيموف والتركي خلوصي آكار.
واللافت في اللقاء الثلاثي هو انه الأرفع بين الأميركيين والروس منذ احتلال موسكو شبه جزيرة القرم الاوكرانية، في ابريل 2014، وفرض واشنطن عقوبات اقتصادية عليها.
ورغم أن وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس قال في المؤتمر الأمني في مدينة ميونيخ الألمانية الشهر الماضي، انه لا يتوقع عقد لقاءات من هذا النوع، إلا أن المحادثات الثلاثية في تركيا تشي بأن تعليمات صدرت من البيت الأبيض فرضت نوعاً من التعديل على موقف الوزير الأميركي.
كما أن اختيار إدارة الرئيس دونالد ترامب تركيا وروسيا لإجراء محادثات في شأن خطط القضاء على «داعش» في سورية، تشير أيضاً إلى ان واشنطن تحاول تقسيم الحرب على الإرهاب إلى مناطق نفوذ: في العراق، تستمر الحرب الاميركية - الايرانية ضد «داعش» ويتولى العراقيون من حلفاء طهران زمام الأمور في المناطق المحررة غرب العراق. أما في سورية، فالأمر يختلف، ويتم تسليم المناطق التي يتم طرد «داعش» منها لأنقرة وحلفائها السوريين، بالتعاون مع روسيا، التي يفترض ان تجبر الرئيس السوري بشار الأسد والميليشيات الحليفة لايران، التي تقاتل في صفه، على عدم تجاوز الفرات باتجاه الشرق.
ويعتقد الخبراء الأميركيون ان بث أخبار الغارة العراقية ضد اهداف تابعة لـ «داعش» داخل سورية، الشهر الماضي، كان بمثابة «حملة علاقات عامة» إيرانية لتسويق فكرة تحالف واحد بقيادتها لطرد «داعش» من العراق، ومن سورية لاحقاً.
وتؤشر المعطيات أيضاً على أن اختيار تركيا، بدلاً من إيران ونظام الأسد أو مصر ونظام الأسد، يعني أن واشنطن تختار الخطة التركية للقضاء على «داعش»، وهي مبنية على مشاركة 20 ألف جندي تركي لمساندة مقاتلي المعارضة السورية، بالتنسيق مع موسكو، مع مضاعفة العدد الحالي للقوات الأميركية الخاصة المشاركة في الحرب ضد «داعش» في سورية والبالغ نحو خمسة آلاف عسكري.
ويعني اختيار الخطة التركية ومضاعفة المجهود العسكري الأميركي في سورية زيادة في التكاليف العسكرية الأميركية، وهو ما يرفضه فريق ترامب، ويصر على مطالبة دول المنطقة، لاسيما الخليجية، بالمساهمة في تكاليف العملية العسكرية التي يتم الاعداد لها.
ويقول مقربون من فريق ترامب ان واشنطن، بالتنسيق مع تركيا، تعمل على محاولة تحديد «نصيب» كل دولة من تكاليف العملية العسكرية المقدرة بنحو 20 مليار دولار، ستدفع واشنطن نصفها، فيما يتطلب جمع نصفها الآخر من الدول التي وعدت أنقرة بالمساهمة مالياً في تمويل هذه الحملة.
وحاولت «الراي» معرفة المبلغ الذي سيطلبه التحالف الدولي بقيادة واشنطن من حكومة الكويت لتمويل الحملة المقررة لتحرير الرقة من «داعش»، فحصلت على اجابات متضاربة وأرقام ترواحت بين ملياري دولار وستة مليارات دولار.
وكان الرئيس السابق باراك أوباما حدد سقف الانفاق للجيش الأميركي الذي يقود التحالف الدولي بأقل من 3 مليارات دولار شهرياً. وهذا المبلغ هو الذي يرصده الكونغرس سنوياً لـ «حالات الطوارئ» التي قد تواجهها وزارة الدفاع الاميركية وتتطلب منها تحريك وحداتها العسكرية.
ولطالما اعترض القادة العسكريون الأميركيون على «ربط أيديهم» بتحديد سقف إنفاقهم العسكري.
يشار إلى أن تكاليف الغارة الاميركية الواحدة تبلغ نحو نصف مليون دولار، ما يعني أن مبلغ مليارين ونصف شهرياً يحد من عدد الطلعات الجوية الأميركية، ويحد من تقديم مساندة جوية فعالة أثناء اشتباك المقاتلين على الأرض ضد «داعش».