جازف رئيس كولومبيا المحافظ خوان مانويل سانتوس، الذي فاز بجائزة نوبل للسلام الجمعة، برصيده السياسي للتوصل إلى اتفاق سلام تاريخي ينهي النزاع الذي مزق بلده على مدى أكثر من خمسين عاما، متعهدا بعدم التخلي عن السلام طيلة حياته.

وقال سانتوس، الرئيس المتحدر من عائلة ثرية والذي انتخب لمرتين متتاليتين على رأس البلاد، الاحد "سأواصل البحث عن السلام حتى اللحظة الأخيرة من ولايتي، لانه الطريق الواجب سلوكه لنترك بلدا افضل لأولادنا".

وكالعادة، كان يعلق على قميصه زرا على شكل حمامة سلام بيضاء لا يفارقه.

جاء هذا التصريح بعد أن رفض الكولومبيون بغالبيتهم في استفتاء الأحد الماضي اتفاق السلام الذي وقعه سانتوس مع "القوات المسلحة الثورية الكولومبية" (فارك) في 26 سبتمبر، معتبرين أنه يصب في صالح هؤلاء.

وقال كبير مفاوضي حركة «فارك» هامبرتو دي لا كال، قبل أيام، إن سانتوس "أثبت أنه قائد شجاع. شجاع لأنه فضل السلام على جمود الحرب. شجاع لأنه خضع لإرادة ناخبيه".

وجاء اتفاق السلام كنتيجة لاربع سنوات من المفاوضات في كوبا، ولاقى تأييدا عالميا.

شجاعة ومثابرة
وقال مستشاره ماوريسيو رودريجيز إن صنع السلام مع «فارك» كان يتطلب "شجاعة وإقداما ومثابرة وكثيرا من الاستراتيجية، وهذه صفات ونقاط قوة لدى سانتوس".

وكتب تغريدة على حسابه على موقع «تويتر»، الأحد، جاء فيها: "القادة الكبار يعملون من أجل السلام، مهما كانت الصعاب، حتى اليوم الأخير من حياتهم".

وكان سانتوس أعلن يوم دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 29 أغسطس: "اليوم، يبدأ تاريخ جديد لكولومبيا. لنسكت أصوات الرصاص. الحرب مع فارك انتهت".

وقاد سانتوس، الذي شغل منصب وزير الدفاع من 2006 إلى 2009، معركة بلا رحمة ضد متمردي «فارك» في عهد سلفه الرئيس ألفارو أوريبي المعارض الشرس لعملية السلام.

واعترف سانتوس (65 عاما) عند توقيع اتفاق وقف إطلاق النار الثنائي في يونيو الماضي: "طوال حياتي كنت خصما ثابتا لمتمردي فارك". وأضاف الرئيس القادم من يمين الوسط الذي انتخب رئيسا في 2010 وأعيد انتخابه في 2014: "لكن الآن سأدافع بالتصميم نفسه عن حقهم في التعبير عن رأيهم ومواصلة كفاحهم السياسي بالطرق القانونية".

وينتمي خوان مانويل سانتوس لعائلة ميسورة في بوجوتا. وهو حفيد شقيق الرئيس الأسبق مانويل سانتوس (1938-1942). درس الاقتصاد في الولايات المتحدة وبريطانيا والتحق بفريق صحيفة «أل تيمبو». فاز بجائزة ملك إسبانيا لمقالاته حول الثورة الساندينية في نيكارجوا. وقال في أحد لايام عن تلك التحقيقات التي قادها مع شقيقه إنريكي، أحد أبطال عملية السلام مع فارك التي بدأت رسميا في 2012، أن هذا العمل "أثر فينا كثيرا".

تولى سانتوس حقائب وزارية عدة قبل وصوله إلى الرئاسة. وصرح باستمرار أنه لا يبحث عن مكافأة لجهوده من أجل المصالحة في كولومبيا التي تسبب النزاع فيها بمقتل أكثر من 260 ألف شخص وفقدان 45 ألفا وتشريد 6.9 ملايين.

وسانتوس معجب بوينستون تشرشل وفرنكلين روزفلت ونلسون مانديلا. يحب المطالعة والسينما، ويقول ان قوته تنبع من عائلته. متزوج من كليمانسيا رودريجيز ولهما ثلاثة اولاد.

ولا شك أن حصوله على جائزة نوبل سيعطيه دفعا لمواصلة جهوده من أجل إتمام عملية السلام.