أثار"البوركيني" ولا يزال جدلًا كبيرا ما بين تأييده وحظر لباسه، خاصة في فرنسا حيث لاقى انتقادات شديدة الحدة من الساسة الفرنسيين وصولا بالأمر إلى إصدار قرار بحظره على الشواطئ الفرنسية بسبب مخاوف أعقاب عمليات إرهابية هزت البلاد.. التقرير التالي توضح فيه عايدة الزناتي، مصممة البوركيني، حقيقته في مقال مطول لها بصحيفة "جارديان" البريطانية.

مصممة البوركيني
عايدة مسعود زناتي، مصممة "البوركيني" تنحدر من أصول أسترالية لبنانية الأصل، تبلغ من العمر 48 سنة، وأم لثلاثة أولاد، وأعلن زوجها ديمتري زناتي إسلامه حين اقترن بها.

وقالت "زناتي": إن "الفكرة برمتها بدأت في 2004 حين واجهت ابنة أختي بعض المشاكل في الانخراط ضمن فريق كرة الشبكة في مدرستها، وكان على أختي الكفاح لاحقًا من أجل انتزاع هذا الحق لابنتها المحجبة".

وأضافت: "عندما قبلت الفتاة ضمن الفريق الرياضي ذهبت العائلة لتشجيعها، ولكن لم تشعر بالارتياح حين رأت ابنة أختها بلباس غير مناسب للرياضة وتتصبب عرقًا، فخطرت الفكرة ببالها"، وتساءلت حين عادت إلى منزلها لم لا تصنع لباسًا يناسب النساء المحجبات أكثر لاسيما في الأنشطة الرياضية؟ وقالت "أردت ألا يحرم أي شخص من أنشطة رياضية بسبب قيود تفرض بداعي التعفف".

أصل الكلمة
أما عن الكلمة وكيف اخترعتها، فأكدت الزناتي أنها مجرد كلمة اخترعتها لتسمية منتج صنعته، وأنه لم يخطر في بالها أنه "برقع للشاطئ"، فهي تربت في أستراليا، وبالتالي لم تكن الكلمة ضمن مفهومها أو ما هو مألوف في مجتمعها، كما أن البرقع بحسب قولها غير مذكور في القرآن، لكنها أرادت الدمج بين ثقافتين، فاختارت كلمة برقع، وبحثت عنها لتجد أنه نوع من الغطاء الكامل، فدمجت الكلمة مع "البيكيني".

تسويق غير متوقع
ونقلا عن "العربية نت"، تشرح "عايدة" أن الإنتاج بالمفرق فاجأها كثيرا، لأنه تحول بسرعة إلى إنتاج بالجملة، لذلك أسست شركة سمتها باسمها كما هو معروف في أستراليا، وهي "شركة أهيدا" التي يعمل فيها الآن 21 ألف موظف، معظمهم من ألمانيا وأستراليا ولبنان وفيتنام وباكستان، أما زوجها ديمتري، الناشط باستيراد وإعادة تصدير أمهات الكومبيوتيرات، فيساعدها من حين لآخر، خصوصا في عمليات تصدير "البوركيني" التي بدأت منذ عامين، ومستمرة للآن، خصوصا إلى السعودية والبحرين وقطر والمغرب وألمانيا وكندا وهولندا وسويسرا والنروج وإسبانيا "وفرنسا بشكل خاص"، أما إسرائيل فقالت: "وصلتني منها طلبية لكني رفضتها، لا أريد التعامل مع أحد هناك، مع أني أعرف أن البوركينات كانت ستذهب إلى مسلمين".

تجربة شخصية ومربحة
وتوجز عايدة، التي كانت تعمل مصففة شعر في السابق، حكاية "البوركيني" فتقول إنها صممته لها شخصيا في البداية، لأنها كانت تشعر بحرج حين النزول إلى الشاطئ "فأنا مسلمة ولا أريد الظهور نصف عارية أمام السابحين"، وحين قامت بتصميمه نال إعجاب بعض صديقاتها وأقاربها، وراحت الواحدة بعد الأخرى تطلبه منها، فكان انتشاره سريعا وسط المسلمات في سيدني، ثم انتشر في المدن الأسترالية ببقية الولايات بعد أن بدأت الصحافة تتحدث عنه كظاهرة غريبة على الأستراليين ممن يراه معظمهم الآن لباسا عاديا كبقية أزياء البحر المعروفة. 

ومن أستراليا عبر "البوركيني" الحدود ووصل إلى أوروبا والشرق الأوسط، حتى بلغ إنتاج الشركة التي أسستها عايدة مسعود بين 3 و4 آلاف قطعة شهريا بألوان ومقاسات مختلفة، أرخصها قيمته 130 دولارا.

حرية للمسلمات
وقالت: "إن هذا الزي المثير للجدل في فرنسا وأستراليا، يشكل أداة اندماج للمسلمات المتدينات، يتيح لهن التمتع بشكل تام بالسباحة"، وأكدت أنها صممته قبل أكثر من عشر سنوات في سيدني، هذا الزي الذي يغطي الجسد من الرأس إلى أخمص القدمين، بهدف تمكين المسلمات من التمتع بالشاطئ مع احترام مفهومهن لديانتهن، وقد جربته بنفسها وارتدته لأول مرة، وذهبت فيه إلى البحر، ولأول مرة اختبرت هذا الشعور الرائع، حسب توصيفها، بالسباحة وبالحرية.

وشددت على أن "الشاطئ وركوب الأمواج والشمس تمثل جزءا من الثقافة الأسترالية، ولدي إحساس بأنني حرمت من هذه الأنشطة خلال فترة شبابي"، وتابعت: "البوركيني لباس صممته لإعطاء الحرية للمرأة المسلمة المحجبة وليس لأخذها منها".

وأضافت "عايدة" أنها لم تزر بلدها لبنان إلا مرة واحدة خلال إقامتها لأربعة عقود في أستراليا، كان ذلك قبل حوالي 30 سنة، وأقامت أكثر من عام في طرابلس (شمال لبنان)، فتعلمت العامية هناك، ومن بعدها عادت إلى سيدني. 

النظرة السلبية
كما أبدت أسفها إزاء النظرة السلبية لهذا اللباس في فرنسا، وقالت إن السياسيين الفرنسيين "يستخدمون كلمة بوركيني كمصطلح سلبي إسلامي، في حين أنها مجرد كلمة، إنه لباس يهدف إلى تشجيع النساء على التسلية والمرح والرياضة، هذا هدفه".

الغرض منه 
وأوضحت أن "الغرض من اللباس هو الاستجابة لحاجة محددة، البوركيني نوع من اللباس لنشاط محدد، وإذا كان هذا يساعد، نحن نرتدي بيكيني تحته"، كما أكدت أن "هذا اللباس أعطى الحرية للمرأة، فهل يريدون الآن حرمانها تلك الحرية؟".

إلى ذلك، ختمت قائلة: "لا أعتقد أن على الرجال القلق كثيرًا إزاء ما نرتديه كنساء، فلا أحد يجبرنا على فعل ما لا نريده، هذا خيارنا".

توضيح الرؤية
وعن الجدل الحاصل تحديدًا في فرنسا، قالت: "أتمنى لو كنت هناك لأقول لهم لقد فهمتم الأمر بشكل خاطئ، لقد أخذتم منتجًا يرمز إلى اللياقة والفرح وحولتموه إلى منتج للكراهية والتعصب، لدينا ما يكفي من المشاكل في العالم فلماذا تخلقون المزيد منها؟".

وفي كلمة لمؤيدي حظر البوركيني، قالت: "أنتم تعزلون الناس وتبعدونهم وتقولون للنساء عدن إلى منازلكن، وهذا سيولد غضبًا وعنفًا".