خدمت الناس الغلابة بهذا الفرق فى السعر.. وأصبحت أبيع أكثر بالربح القليل ولم أخسر أبداً
جشع التجار وراء السبب فى ارتفاع أسعار اللحوم بالرغم من انخفاض أسعار الأعلاف من 120 ـ 88 جنيهاً للشيكارة
المستهلكون: السعر فرق معنا.. وأصبحنا نشترى لحوماً تكفى أولادنا اللحوم جيدة وطازة
فى مبادرة الأولى من نوعها، أستطاع شخص عادى بـ "وردان" أن يغلب مبادرة الحكومة، ليقوم ببيع الكيلو بسعر 40 جنيها، فى حين أن أقصى تخفيض قامت به الحكومة بلغ نحو 50 جنيها، وهذا ما دفع الجزارين المجاورين له تخفيض السعر، مما دفعهم لتسميته بـ "الجزار الأمين".
يقوم الحاج محمود حسين أبو راضى، ببيع اللحوم بأسعار مخفضة محققاً هامش ربح معقول وغير مبالغ فيه مراعاة لظروف البلد والفلاحين الغلابة الذين لا يستطيعون شراء اللحوم الحمراء، ويسير على دربه جميع أشقائه، حيثُ يخدمون أهالى قريتهم والقرى المجاورة عن طريق 10 منافذ بيع ما بين محلات وشوادر.
وأرجع اتخاذه لهذه الخطوة الجريئة، إلى مراعاة ظروف الناس الاقتصادية الصعبة، وتشجيعاً لهم على الإقبال على الشراء، وذلك بتقليل ربحى من العجل الذى يتم ذبحه، قائلاً: "بدلاً من كسب 500 جنيه فى العجل، اكتفيت بـ 200 جنيه فقط، وعندما كنت طماعاً كباقى الجزارين كنت بأكسب 20 جنيهاً فى الكيلو، أما الآن فأنا أكتفى بـ 5 جنيهات فقط فى الكيلو."
وتابع، زادت حركة البيع لدى، فقد كنت أمكثُ فى بيع العجل طول الأسبوع، أما الآن ومنذ أن خفضت سعر اللحوم فإننى أبيع العجل فى يوم واحد.
جزار الغلابة يحكم الأسعار
وأضاف: "أنا لا أحقق خسارة، بل أحقق نفس الأرباح تقريباً التى كنت أحققها، حيثُ أبيع الآن كل يوم عجل، إذ أن الفلاح أو العامل البسيط بالقرية لم يكن باستطاعته شراء اللحوم التى تباع بـ70 جنيهاً للكيلو"، لكنه يستطيع شراء اللحوم بـسعر 40 جنيهاً، لافتاً إلى أنها لحوم جيدة، وأنه ليس هناك فرق بين العجول التى نبيعها الآن، والتى كنا نبيعها من قبل، فأنا أشترى العجول الجيدة دائماً، وممكن أن تشاهدوها معنا وتحضروا ذبحها بمجزر (وردان)، حيثُ نقوم يومياً بشراء العجول وذبحها.
ولاحظت أن من كان يشترى كيلو واحد فى الأسبوع أصبح يشتريه مرتيْن فى الأسبوع، ومن كان يشترى أقل رفع الكمية التى يشتريها، لأن فى النهاية الناس فى الريف غلابة ودخلهم محدود جداً، وهناك 7 قرى مجاورة يأتون لدينا لشراء اللحوم بسبب فرق السعر وجودة اللحوم، فالتاجر سمعة، وهناك قرى بعيدة قمت بإقامة شادر للبيع لقريتيْن منها، حيثُ يعمل أفراد عائلتى بالجزارة، ونحن ثلاثة أشقاء نتعاون مع بعض لخدمة القرية منذ 15 سنة فى أماكن ثابتة ومعروفة.
الحاج محمود أبو راضى سعيد بمبادرته
ولفت إلى، أن الناس فى الريف لا ينظرون إلى مثل هذه التصنيفات، هم يريدون تناول اللحوم فقط، لأنهم ناس شقيانة وتعبانة طول اليوم فى العمل وفى الأرض، وبالتالى فهم يأكلون مايجدون، لذا فإن العجل فى الريف بيتشفى ويتعلق ويتم بيعه دون تصنيف، ويحصل المشترى على جزء من اللحم الأحمر مع الدهن الأبيض وفى النهاية العجل يُباع على بعضه دون إهدار.
بالإضافة إلى شراء الحيوانات من الفلاحين بالقرية، أو من أسواق الماشية القريبة منها، وبالتالى يتم إذا قمت بالبيع بإحدى المدن الكبرى كالقاهرة مثلاً، وسأبيع بنفس هذا السعر طبعاً، مع إضافة مصاريف النقل والعمالة والإيجار نظراً لبعد المسافة، وهذا ممكن أن يسبب زيادة بسيطة نحو 5 جنيهات فقط فى الكيلو.
وقال: "أول من شجعنى، ابن أختى المهندس حسام عقرب، عضو مجلس النواب لعام 2015 عن دائرة منشية القناطر، فقد أعجبته الفكرة شكلاً وموضوعاً، وقال لى "سمعت إنك تبيع اللحوم بـ 40 جنيهاً فقط للكيلو، وسألنى هل هذه اللحوم جيدة؟ "قلت له تعالى وجربها بنفسك، وبالفعل جاءنى يوماً مصطحباً معه بعض الأصدقاء، واشتروا احتياجاتهم منها، وأخبرنى بعدها "بأن اللحم جيد وليس بينه وبين اللحوم الأخرى غالية الثمن أى فرق، وأن أسرته أثنت عليها واستحسنتها".
وتابع، عائلتى بالكامل تعمل فى الجزارة وتجارة اللحوم، فأشقائى لديهم محلات جزارة أيضاً وخاضوا مثلى فى تخفيض السعر، ووعد أبو راضى بالاستمرار فى هذا النهج، كما أننى أحصل على معظم العجول من محافظة المنوفية، ويتم الذبح عادة فى مجزر (وردان) تحت إشراف الوحدة البيطرية، مشيراً إلى أن المستهلكين يترددون عليه من القرية والقرى الأخرى المجاورة لها.
الحاج أبو راضى أثناء تلبية مطالب زبائنه
وأشارت "ولاء فتحى" من قرية مجاورة تدعى (تريس)، إلى جودة هذه اللحوم وأنها تأتى لشرائها من الحاج أبو راضى حتى قبل أن يقوم بتخفيض سعرها، وأنها مازالت بنفس الجودة، وأنها كانت تشترى منها 2 كيلو فى الأسبوع، أما الآن فأصبحت تشترى كمية أكبر، واستغنت عن الدواجن، لافتة إلى أن اللحوم تباع فى قريتها بسعر 75 جنيهاً للكيلو.
أما "رضا عبد العاطى" من (وردان) فقد أعربت عن فرحتها بهذا السعر، وقالت: كنت أشترى نصف كيلو من اللحوم، أصبحت الآن بهذا السعر أستطيع أن اشترى الكيلو كاملاً.
وأشار الحاج "جمال سليم" أحد أبناء القرية إلى عمق علاقته بهذه العائلة، وأنها تتوارث هذه المهنة أباً عن جد، ويرى أن هذا النهج الذى سلكته خدم الناس الغلابة وأثر على سوق اللحوم، حيثُ أجبر الجزارين بالقرية على خفض سعر الكيلو 20 جنيهاً، إذ إنهم يمتلكون أكثر من 10 منافذ بيع بالقرية مابين محلات وشوادر، مشيراً إلى أن اللحوم كانت تباع بـالقرية بسعر 80 جنيهاً للكيلو.
الحاج محمود حسين أبو راضى أثناء تأدية عمله
وتلتقط "أمل أبو سريع" أطراف الحديث لتشير إلى رقابة الحكومة على اللحوم، فتقول:"نشاهد دائماً زيارات مفتشى التموين والطب البيطرى لمحلات الجزارة بصفة عامة بالقرية، للكشف على اللحوم والتأكد من جودتها ومطابقتها للمواصفات، مما يجعلنا مطمئنين عند شرائها، وأعربت عن سعادتها بانخفاض السعر، مشيرة إلى أنه بدلاً من شراء كيلو أصبحنا نحصل على كيلو ونصف بفرق السعر.
وأكد أن الفضل لهذا التخفيض فى الأسعار يرجع إلى جهود الرئيس السيسى، وسيارات الجيش التى تبيع اللحوم، وقال:"بالطبع تخفيض السعر فرق معى فأنا الآن أبيع ثلاثة عجول فى اليوم، فالمكسب القليل مع البيع الكثير أفضل من العكس، وفى النهاية أنا بكسب زبون".
الحاج أبو راضى يتمنى المبادرة تستمر وفرحان لسعادة الغلابة
وطالب "ابراهيم ناجى" من قرية (إدريس) بتوحيد سعر اللحوم على ضوء هذا السعر، مشيراً إلى أنها تباع بقريته بسعر 70 جنيهاً للكيلو، بالرغم أنه لا يوجد فرق بينهما فى الجودة فهى عجول صغيرة فى السن سريعة الطهى، لكن السعر فرق معه فأصبح يضاعف الكمية التى كان يشتريها منها.
ولفت إلى، أن هناك بعض الجزارين الذين يبيعون اللحوم بسعريْن، فيبيعون لحوم العجول الصغيرة بالسعر المرتفع أما لحوم العجول الكبيرة فيبيعونها بسعر أقل، مع أنها تباع هنا بسعر واحد وهى لحوم لعجول صغيرة.