«أحبك يا أمى، كان نفسى أكون معاكى فى عيدك».. استقبلت الأم رسالة ابنها المجند ياسر ممدوح، لكن الابتسامة التى تسربت إلى شفتيها سرعان ما غادرتها، فعقب ساعتين، تلقت خبر استشهاده: «ابنك شهيد يا حاجة»، لقد كان ابنها أحد ضحايا الهجوم الإرهابى على كمين الصفا بالعريش.
فى مساكن عمرو بن العاص بحى الزهور ببورسعيد، جلست الأم تنتظر جثمان ابنها، مثلما انتظرت على أحر من الجمر أن ينهى شقيقه الأكبر خدمته العسكرية، ليرحمها من القلق عليهما معاً، فإذا بالقدر يحرمها من الأصغر: «راح ومش هشوفه تانى»، لم تصدق أن يضيع ولدها فى عيدها، وأن تتحول كلماته لها بهذه المناسبة إلى رسالة وداع، تذكار أخير أبى أن يغادر دون أن يؤديه.
الشقيق الأكبر محمد ممدوح، لم يسلم هو الآخر من الصدمة، لكنه بدا متماسكاً: «أخى استشهد على يد جبناء، ولن أترك ثأره، وسأقتص لروحه مهما طال الزمن».
الشهيد هو الأوسط بين شقيقين: الأكبر، وابنة صغيرة لا تزال فى المرحلة الابتدائية، سبق شقيقيه فى معايدة الأم عبر المحمول، وجاء مضمون الرسالة: «علمتينى أحبك، لكن ما علمتنيش أغيب عنك، وحشيتنى يا أمى، وكان نفسى أكون معاكى فى عيدك».
كلمات تقرأها الأم من حين لآخر، لا تصدق أنها كل ما تبقى منه، تنتظر أن يأتيها نفى الخبر، لكن الساعات تؤكد الكارثة، ورواية الشقيق الأكبر تقول: «كلمنى قبل استشهاده بساعتين، وقال لى: وحشتنى، الضرب حوالينا كتير، بس أنا كويس، خلى بالك من زينة وأمى وأبويا، وحشتونى جداً»، ثم أنهى الشهيد الاتصال، بينما يناشد زميله إحضار القميص الواقى ليرتديه، هكذا سمعه الشقيق الأكبر قبل أن يغلق الخط، حاول الاتصال به مجدداً، لكنه فقد صوته للأبد.