كشفت مصادر مسؤولة لـ «الراي» أن وزارة التجارة والصناعة، تعمل على إعادة النظر في أسعار جميع السلع المدعومة والمدرجة في البطاقة التموينية، في مسعى منها إلى تخفيض أسعارها، بما يوزاي انعكاس تراجع أسعار النفط على تكلفة إنتاج العديد من السلع الغذائية والإنشائية، متوقعة أن يتجاوز انخفاض أسعار العديد من هذه السلع مع تطبيق هذا التوجه، أكثر من 30 في المئة من قيمها المتداولة حالياً.
وبلغ إجمالي الدعم الذي تم صرفه على المواد الغذائية والإنشائية المدرجة ضمن البطاقة التموينية من أول يناير 2015 وحتى نهاية ديسمبر الماضي نحو 200 مليون دينار، موزعة على نحو 40 سلعة، من بينها 18 منتج ألبان، علما بأن حصة الفرد الواحد من الدعم التمويني تبلغ شهرياً نحو 8.6 دينار.
وأفادت المصادر أن الوزارة سجلت عبر إدارتها البحثية، وجود تراجعات في أسعار الحبوب والكثير من المواد الغذائية خلال العامين الماضيين بمعدلات انخفاض لافتة في السوق العالمية، وبنسبة تتجاوز 30 في المئة، موضحة أن هذا مثبت بالأرقام لدى «التجارة» والإدارة العامة للجمارك، معتبرة أنه وبناء على هذه الأرقام لم يعد مقبولا رقابيا أن يسجل هامش الربحية التجارية بالمعدل نفسه المسجل قبل عامين.
ولفتت المصادرإلى أنه سيترتب على تخفيض قيم أسعار السلع التموينية أو غالبيتها، تسجيل وفر في إجمالي الدعم المنصرف على المواد الغذائية والإنشائية، قياسا بالقيم السابقة، لكن ذلك لا يعني تراجع فاتورة دعم البطاقة التموينية التي تتجه إلى تسجيل نمو في قيمتها منذ تفعيل قانون رفع قيم الدعم المنصرفة على السلع الإنشائية من 10 الآف إلى 30 ألف دينار، لكن المقصود أن قيم دعم بعض السلع ستتراجع قياساً بالكمية المنصرفة، وهذا بالطبع سينسحب على أسعار السلع المتداولة حتى خارج البطاقة التموينية.
وأوضحت المصادر أن الوزارة رصدت تغيرات مهمة على صعيد أسعار السلع الغذائية العالمية، التي تأثرت إيجابا بانخفاض أسعار المحروقات محليا، وتراجع أسعار خام برنت عالميا إلى نحو 31 دولارا، على أساس أن أسعار المحروقات تشكل ضابطا رئيسيا للأسعار، منوهة بأن «التجارة» أجرت دراسة على الكثير من السلع لقياس مدى تطابق أسعارها المتداولة وكافة إنتاجها، حيث تبين أنه على الرغم من انعكاس تراجع اسعار النفط على تكلفة إنتاج العديد من السلع الغذائية في الخارج، إلا أن هذا الأمر لم ينسحب على السوق المحلي، الذي لم يشهد أيا من علامات الانخفاض العالمية، ومن هناء جاء توجه الوزارة لإعادة النظر في أسعار جميع السلع التموينية.
وأضافت «تعد أسعار المحروقات من ضمن المحدادت الرئيسية لأسعار المواد الغذائية، كون الكويت دولة مستوردة، وليست مصدرة، ومن ثم كان يتعين أن ينعكس الهبوط المتتالي في أسعار النفط والحبوب على أسعار العديد من الأصناف والمواد الاستهلاكية، لكن تراجع أسعار النفط لم يترجم عمليا على أرض الواقع على جيب المستهلك».
حسابياً، يفترض أن يظهر تأثير تراجع أسعار المحروقات محليا وعالميا على أسعار العديد من السلع الغذائية، على أساس أن أسعار النفط تنعكس على عمليات نقل البضائع وصناعتها، ولذلك تشكل هامشا معقولا في الكلف المترتبة على السلعة، لاسيما وأن المستهلكين يتطلعون لرؤية انخفاض حقيقي في أسعار السلع الغذائية، يقابل التراجع الحاصل في أسعار النفط، والتي كانت سابقا عذرا رئسيا في تنامي أسعار العديد من السلع، خصوصا التي تعتمد على المحروقات.
واستندت المصادر في رأيها هذا إلى المنافسة القوية والعروض الكبيرة التي توفرها المراكز التجارية، وبعض الجمعيات منذ أشهر، ما يؤكد هذه الحقيقة، رغم أنها مقدمة إلى المستهلكين من باب العروض وليس كنتيجة لانخفاض الأسعار عالميا.
وفي حال أبدت الشركات أي مقاومة في تنفيذ توجهات «التجارة» نحو تخفيض الأسعار، بينت المصادر أن الوزارة تدرس من ضمن خياراتها أن تعاقب أي شركة مدرجة ضمن نظام البطاقة التموينية ولم تستجب للتوجهات الجديدة بإخراجها من النظام، وبالتالي حرمانها من هامش ربحية مضمون في دفاترها، أما بالنسبة للأسعار المتداولة خارج البطاقة، فإن «التجارة» ستشدد رقابتها على الأسواق للتصدي لمحاولات الرفع المصطنع.
وقالت المصادر «الوفر المحقق من تخفيض الأسعار لن يكون من جيب التاجر، إذ سيظل محتفظاً بهامش ربح إضافي ربما يوزاي النسبة نفسها التي كان يحصلها قبل تراجع أسعار النفط»، مؤكدة أن الوزارة ماضية في إعادة ضبط الأسعار ومواجهة حالات المبالغة في أسعارها من خلال تحديد سقوفات سعرية، وتحديدا لبعض السلع الاستهلاكية التي لا تجدد سببا لثبات أسعارها.
وأكدت المصادر أن «التجارة» ستراعي في تحركها لتخفيض أسعار السلع المدعومة، إيجاد توازن حقيقي للحفاظ على حقوق التجار ومصلحة المواطنين وعموم المستهلكين، لكن من غير الواضح إذا كانت الوزارة ستقوم بعمليات التخفيض بما ينسجم مع حركة الأسعار العالمية مرة واحدة، أم ستلجأ إلى إجراء تخفيضات متتالية وصولا إلى السعر العادل.