رحلة معاناة عاشها أب مصري لم يكن أبدًا يتخيل في حياته أنه سيستيقظ يومًا ليجد نفسه في سباق مع الزمن، مطاردة دخلها رغمًا عنه، مهمة شبه مستحيلة عليه أن يقوم بها، فزوجته الأوروبية وأم ابنه «آدم»، التي انفصل عنها «لفظيًا»، لممت أشيائها ورحلت وأخذت ابنهما معها، لكنها لم تقصد بلادها، فربما كان الأمر أسهل وأهين، لكنها قصدت أحد أسوأ الأماكن على وجه الأرض حاليًا، كانت تحمل ابنها لتذهب به إلى معقل تنظيم داعش الإرهابي، كان مقصدها مدينة الرقة السورية، من أجل أن يلتحق بـ«مدرسة الجهاد بالدولة الإسلامية».
تزوج محمود علاء الدين، الذي يعمل في قطاع البنوك، من فتاة سويسرية لتعتنق الإسلام في الأزهر ويقيما معًا في الرحاب، فيما التحقت هي بمدرسة للغة العربية.
وأوضحت والدة «علاء الدين»، أثناء حلولها ضيفة على برنامج «العاشرة مساءً»: «القصة بدأت منذ أن التحقت زوجة ابني بمدرسة لتعلم اللغة العربية، وبدأت تغير أفكارها وهندامها، وارتدت الحجاب، ثم بعدها قررت أن تضع النقاب، كما بدأت بتكفير الناس وتحريم المعاملات البنكية والموسيقى».
لم ترق أفكار الزوجة السويسرية للزوج المصري، والتي بدأت «تميل إلى أفكار تنظيم داعش»، كما اعتادت الزوجة ترديد ضرورة التحاق ابنها بـ«مدرسة الجهاد بالدولة الإسلامية» مع بلوغه سن الرابعة، ليقرر زوجها أن ينفصل عنها «لفظيًا»، خاصة بعدما كفرت عمله وكسرت كل ألعاب ابنهما «آدم» بدعوى أنها «كفر»، كما يروي الزوج.
ربما لم يدرك الأب مدى إصرار الزوجة على تنفيذ اقتناعها الشخصي بضرورة آخذ ابنها إلى قلب الأراضي التي يستولي عليها تنظيم داعش، ليفاجأ باختطافها لابنهما يوم ميلاده الرابع، والذي وافق يوم 27 ديسمبر 2015، من محل سكنهما في الرحاب، لتختفي تمامًا كما لو أنها تبخرت هي والصبي.
وعلى الفور نشر الأب عدة صور و«بوستات» على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» مطالبًا من يستطيع مساعدته في العثور على ابنه بالتواصل معه، «وليه أي حاجة يطلبها»، كما أطلق العديد من الاستغاثات للسلطات المصرية لمساعدته.
ووصلت أنباء للأب عن وجود زوجته وابنه في نقطة شرطة حدودية على الحدود اليونانية التركية في منطقة «كيبي»، بعدما تقدمت أسرة الزوجة ببلاغ يفيد اختفائها، ليسافر الأب سريعًا إلى اليونان، لتبدأ رحلة جديدة من المعاناة، بعد طلب السلطات السويسرية تسلم الزوجة والطفل بدورها، لتتدخل السفارة المصرية ليتحول الأمر إلى نزاع بين دولتين، ما يعني أن يتم إحالة الأمر لقاضي متخصص، ليحكم القاضي لصالح الوالد أخيرًا، في 8 يناير 2016، ليسدل الستار أخيرًا على رحلة العذاب التي عاشها الأب المصري، بنهاية ربما أشبه بنهاية مسلسل «ذهاب وعودة» بعودة الابن لحضن أبيه بعدما ظل يطارده في الخارج عقب خطفه، مع اختلاف تفاصيل القصتين.