هل تدرك شعوب العالم التى بدأت حديثاً تعانى من الإرهاب أن الراعى الرسمى وصاحب الملكية الفكرية الأولى للإرهاب هم الأمريكان؟.. هل يدركون ولا يجرؤون على الإفصاح على أساس أنهم أخذوا نصيباً من الكعكة من بترول العراق وسوريا وليبيا الذى أصبح تحت سيطرة «داعش»..؟ لا أظن أنهم لا يدركون وهم متورطون فى كل بقعة عربية تعانى من الإرهاب الآن.

يكفينا نحن أننا ندرك أن الأمريكان هم «الشر الأعظم» وتاريخهم فى الإنسانية ملىء بالسواد والعار من أول القضاء على شعب القارة الأمريكية مروراً باستعباد الأفارقة والاتجار بهم وحتى تحضيرهم عفريتين لإرهاب الإنسانية جمعاء.. العفريت الأول كان فى عام 1945 فى 6، 9 أغسطس وقامت أيامها الولايات المتحدة بقصف مدينتى هيروشيما وناجازاكى بالقنابل النووية والسبب الظاهر هو رفض اليابان إعلان الاستسلام الكامل دون أى شروط، لكن السبب الحقيقى هو «ذبح القطة» لجميع شعوب الأرض ليعلموا أن أمريكا لديها سلاح فتاك مرعب، وأيضاً لتقوم بتجريب هذا السلاح الجديد لتدرس وتحدد قوة الدمار والهلاك الذى يسببه. قُتل 140 ألف يابانى فى هيروشيما و80 ألفاً فى ناجازاكى.. ماتوا من الجروح والحروق والصدمات والحروق الإشعاعية، ومع الوقت استمر الموت من التسمم الإشعاعى وسوء التغذية ثم السرطانات بأنواعها نتيجة التعرض للإشعاعات النووية، وأغلب القتلى والضحايا كانوا من شعب اليابان المدنى وليس العسكرى.. بل وما زال عدد المتضررين الأحياء يزيد نتيجة القصف النووى، وبلغ العدد فى أغسطس عام «2009» من الذين أصابهم ضرر من القصف 410 آلاف فى هيروشيما وناجازاكى.

هل نسى العالم أن قصف اليابان بالقنابل النووية هو جريمة غير أخلاقية وأشنع جريمة حرب وأسوأ أشكال الإرهاب؟ هل نسيت شعوب الأرض أن الولايات المتحدة هى الوحيدة حتى يومنا هذا التى استخدمت السلاح النووى ولأسباب واهية؟.. وهل تحولت أمريكا إلى بلطجى أعظم للعالم إلا بضعف الشعوب وهوان الحكام؟.. وبعد الجريمة الكبرى فى اليابان أسرعت دول العالم أجمع لحيازة الأسلحة النووية بل وتصنيعها حتى وصلت إيران مروراً بإنجلترا وروسيا وفرنسا والصين والهند وباكستان وكوريا وإسرائيل.. ومع مرور الوقت أصبح السلاح النووى سلاحاً غير فعال يُستخدم للتخويف فقط لأننا لو افترضنا أن إسرائيل ضربت مصر أو أى دولة عربية بالقنابل النووية سوف يرتد لها الإشعاع ويصيبها هى وشعبها وزرعها ومياهها وهواءها.. وكذلك بالنسبة للهند وباكستان وفرنسا وإنجلترا.. إذن هذه السموم النووية قادرة على النفاذ بهدوء ودون أن يراها أحد من دولة إلى أخرى ومن الهواء إلى الماء إلى الزرع إلى الإنسان وأيضاً دون أن تترك أثراً أو دليلاً.

والآن أصحبت أمريكا عاجزة تماماً عن منع حصول الدول على السلاح النووى، وفشلت فى صرف العفريت بأى شكل من أشكال الاتفاقيات والمعاهدات فتحول الأمر إلى «سبوبة» سياسية فقررت أن تمنح من تشاء وتمنع من تريد من الدول وتمثيلية إيران الأخيرة خير دليل على هذه السبوبة، وقررت أمريكا بعد أول وآخر دمار نووى فى التاريخ أن تقوم بتحضير العفريت الثانى.. بدأت الفكرة عندما تسلمت ملف الإخوان من صانعيه الإنجليز بعد الحرب العالمية الثانية واستغلت الشعوب العربية الغافلة فى الحرب فى أفغانستان ضد الكفرة والملحدين من الاتحاد السوفيتى وذهبت مجاميع من كل الدول العربية للجهاد فى سبيل الله.. وهم لا يعلمون أنهم يحاربون فى سبيل الأمريكان.. وتكونت حركة طالبان بمباركة أمريكية وحصل زعيمها بن لادن على كل المساعدات اللوجيستية والتكنولوجية وولد تنظيم القاعدة ونشر دعوته فى كل البلاد المحيطة من العرب وكان لا بد من عمل كبير ورهيب يبرر للأمريكان التدخل المباشر لتنفيذ مهمتهم.. وكانت 11 سبتمبر وقررت أمريكا ضرب أفغانستان والعراق رغم أن العراق بعيد تماماً عن الموضوع وأعلنت الحرب على حليفها «بن لادن».. وضربت معها إنجلترا والناتو وكندا وأستراليا، ورغم إبعاد «طالبان» عن السلطة فى أفغانستان ورغم مقتل «بن لادن» فإن تنظيم القاعدة كان قد انطلق وتناثر وانتشر وتوغل فى المنطقة، وما زالت أفغانستان تعيش فى فوضى عارمة وما زالت «طالبان» تضربها، وما زال اقتصادها يقوم على إنتاج وبيع المخدرات والفضل للأمريكان..

خرج العفريت الثانى عن السيطرة.. وعاش فى العراق بعد أن دمره الأمريكان ليكون نموذجاً للديمقراطية العربية، حسب قول المتخلف بوش الصغير، وانتشرت «القاعدة» فى جميع الدول العربية بمسميات مختلفة، ثم أوكلت إليها أمريكا تنفيذ عملية الشرق الأوسط الجديد لتقسيم المنطقة مرة أخرى بعد تقسيم سايكس بيكو فى 1916 وأصبحت الجماعات الأصولية الإرهابية هى صاحبة التوكيل الوحيد فى ثورات الربيع العربى السابقة التجهيز، ورغم أنهم أطلقوا عليها ثورات اللوتس والياسمين، فإن وجهها الحقيقى ظهر سريعاً فى كل البلدان العربية وجهاً أصولياً إرهابياً أمريكى الهوى والغرض، وتحولت «القاعدة» إلى «داعش» بعد أول ضربة تلقتها فى مصر فى 30/6 وأخذت أمريكا تخطط وتشير لأبوبكر البغدادى وهى تدعى قتاله بينما تلقى له بالسلاح والمعدات وبالتنسيق مع «أردوغان» وبتمويل قطرى ينفذ أبوبكر البغدادى الأوامر.. ولو أحصينا أعداد الضحايا من أول حرب أفغانستان ثم العراق ثم الربيع العربى وضحايا سوريا وليبيا واليمن ومصر ربما تضاعف العدد مرات عن ضحايا اليابان.. وكل هؤلاء ضحايا البلطجة الأمريكية فى النهاية، وبعد سقوط الطائرة الروسية وبعد تفجيرات باريس وتهديدات إنجلترا وألمانيا وبولندا وغيرها.. ما زال الأمريكان غافلين عن أن العفريت الثانى قد خرج عن السيطرة وقريباً سيظهر فى واشنطن ونيويورك وإنجلترا قولوا إن شاء الله.. هذا ليس حديثاً شامتاً.. ولكن طباخ السم لا بد أن يتذوقه، وأوباما لا بد أن يجنى ما زرعت يداه.. واللى حضَّر العفريت يصرفه..