كتبت قبل اسبوعين (على جزأين) مقالا حمل عنوان (الوافدون العرب... من غير مطرود) جلب لي ولموقع الصحيفة الالكتروني ردود أفعال غير مسبوقة، وقبل ان اسطر تعليقي على تلك التجربة القاسية وقد تجاوزت (مرارة) تحملها، اسوق من على صفحة (الراي) على الانترنت عينة (صغيرة جدا) من ردود الوافدين على المقال المذكور، بعد استبعاد تعليقات الشكر والثناء.

• مواليد الكويت: والدي رحمة الله عليه افنى 37 سنة من عمره في خدمة الكويت بوزارة الصحة وعند بلوغه سن 60 تم تفنيشه! وأتم ابي 7 اشهور دون اقامة لرفض الوزارة تجديدها او حتى تمديدها! ومن ثم وجدنا شركة خاصة وحولنا الاقامة، ومات ابي بجلطة في المخ من التفكير في المستقبل والماضي.

• احمد بكر: لي كثير من الاصدقاء ممن اعطوا الكويت حياتهم وزهرة شبابهم وانتماءهم وعطاء حياتهم، وفي المقابل هم (أجانب) بلا حقوق، وعلى العكس يعاملون كعبء ومشكلة، وانا اعيش في بريطانيا (كفار وفرنجة) واتمتع بكامل حقوق المواطنة.

• أبو بدر: الوافد العربي أكثر كلمة تزعجه هي كلمة (اجنبي) مع اننا من المفروض عرب اشقاء، انا عمري 47 سنة ابي توفي عن عمر 80 سنة هنا وابنائي مواليد الكويت ويعيشون هنا وسأتوفى انا هنا، يعني من كفيل الى كفيل.

• مقيم مقهور: ابكيتني يا استاذ على حالي وحال ابنائي مواليد الكويت والمخالفين للإقامة منذ ثلاث سنوات بسبب تعنت الكفيل في توقيع اوراقي.

• هشام عبدالفتاح: امتنع كفيلي من 3 سنوات عن توقيع التنازل، ونتيجة لذلك خالفت الاقامة انا واسرتي بالتبعية وعانينا في كل شيء بسبب هذا الامر وسجنت مرتين بسبب المخالفة،واولادي (ماراحوش) المدرسة، والآن سأسفرهم من دون غرامات لعجزي عن دفعها، بشرط عدم دخولهم الكويت مرة اخرى بأمر الداخلية.

• بنت الكويت: اقل ما فيها استاذي اولادنا بعد الـ 18 او الجامعة لا يحصلون على اقامة وممكن ان نحرم منهم بمجرد عدم حصولهم على الاقامة! في شرع من؟؟... الله اكبر.

• رياحين: بابا توفي من كم شهر (صرلو) خمسين سنة بالكويت كان يدور على كفيل! انا بس انزل على لبنان بلدي بشتاق للكويت.

• الى الأخ الفاضل: حضر والداي 1965 وتزوجا وانجبا اخواني وانجبنا احفادهما وعملا وعملنا على هذه الارض الطيبة ومنذ ديسمبر الماضي وابي ذو الـ(73 عاما) يركض من مكتب لمكتب لأوراقه المتوقفة عن منحه اقامة على كفالة نفسه بعد خدمة هذه الارض الخيرة، فما رأيك بالتقدير؟

• أقل الحقوق: لا نريد سوى اعادة النظر في قرار منع الوافد من حج بيت الله من دولة الكويت، نفني اعمارنا في خدمة هذا الوطن والمجتمع كي نعود لديارنا ننتظر دورا طويلا كي تتم الموافقة على تأشيرة تأتيك بعد اعوام. وجب كأقل تقدير للوافد ان تمكنه وتساعده دولة الكويت على حج بيت الله.

• مهاجر من الوطن: انا من اصول غير عربية ولكن ولدت وكبرت في وطن لم اعرف غيره لأكثر من 40 سنة وهي الكويت، ولا اقدر وصف شعوري باللهفة للرجوع الى حضن الوطن بعد حصولي على جنسية غربية اضطررت لأن اهاجر من اجلها.

• حسان عباس: طبعا الاخوة الوافدون كان لهم فضل كبير في مسيرة التطوير في بلادنا الغالية ورد الجميل لهم يكون عن طريق مساعدتهم لتكميل مشوارهم، لذلك يجب إعادة النظر في القوانين من اجل مستقبل المواطنين ومستقبل اخواننا الوافدين.

• فاطمة الحواش: تحية من اخت ولدت في هذا البلد الكريم وتعلمت وعملت وتزوجت وانجبت، والبعض من ابنائها قد تزوج ومنهم من يواصل دراسته العليا ومازالت تعمل، ان الكلمات الطيبة لا يساويها من الدنيا حتى كل كنوز الارض.

• زائر: نحن ايضا المقيمين في... نواجه المشكلة الى جانب التهميش في الجامعات على الرغم من معدلاتنا العالية وتصدرنا المراكز الاولى في الثانوية العامة الى جانب تهميشات اخرى في التوظيف على الرغم من امضائنا اكثر من 50 عاما في البلد! لا حول ولا قوة إلا بالله.

• نسيت أنساك: المشكلة ليست في الكويت حتى نحن في... نعاني من الفروقات، فأمي جاءت هنا عندما كان عمري سنتين وتزوجت وانجبت 9 اخوة وتزوجنا ومازالت المعاناة مستمرة فأبي منتهية (اقامته) لأنه يريد نقل كفالة والنظام يمنع نقل كفالة من هو في 60 وابنتي لم يسلموها كتب الابتدائي لأن اقامتها قيد التجديد.

تعليقي

صليت الجمعة الماضية في احد المساجد القريبة من منطقة السالمية، ودون سابق توقع تجمع المصلون من اخواننا الوافدين العرب حولي وهذه المرة كان مقال (من غير مطرود) هو السبب! ولم يكن لهم بعد الاحتضان والتقبيل والشكر من حديث إلا ذاك الشبيه بتلك العينة من التعليقات والشكوى المكتوبة اعلاه، قصص وحكايات مأسوية تنفطر لها القلوب الرحيمة، اناس يحتفظون بأجمل ذكريات المولد والنشأة والحياة، وينضحون بأصدق مشاعر الحب والوفاء للكويت وشعبها لكنها في الوقت ذاته امتزجت بحالة من العتب والحرقة على تجاهل القوانين والمسؤولين وشريحة من ابناء المجتمع لمعاناتهم، استمعت منهم لقرابة الساعة ونصف الساعة ولو كان مكاني احد المواطنين لظن انه يعيش في كوكب آخر وان ما يسمع مجرد مبالغات وخيالات وربما صرخ في وجوه المتكلمين (كفى... كأنكم زودتوها؟؟) لأنه ليس من يعلم بتفاصيل المعاناة اليومية كمن يرتع في حياة الكماليات الاستهلاكية!

كم تمنيت لو ان اكبر مسؤول في الحكومة مرورا بوزراء الداخلية والشؤون والصحة ووكلائهم وصولا لرئيس واعضاء مجلس الامة، لو خصصوا لممثلين عنهم يوما ينصتون فيه لشكوى الوافدين العرب، بشرطين:

ان يكون اللقاء مع البسطاء والكادحين منهم!

اما الشرط الثاني فأن تكون قلوب وعقول الجالسين خالية نقية من كل شوائب (العنصرية) المقيتة!

والله من وراء القصد.