على الرغم من ان البورصة الكويتية شهدت الأسبوع الماضي تداولا لمدة 3 أيام فقط منها يومان شهدت فيهما هبوطا حادا ويوم واحد شهدت صعودا محدودا الا انها تكبدت خسائر ضخمة في مؤشراتها كافة.
فقد انخفض المؤشر العام للبورصة بمقدار 235.5 نقطة ليغلق على 6698.2 نقطة بانخفاض نسبته 3.4% لتصل خسائر المؤشر السعري منذ بداية العام الى 1084.4 نقطة بانخفاض نسبته 13.9%.
كذلك تكبد المؤشر الوزني خسائر الأسبوع الماضي قدرها 15.3 نقطة ليغلق على 371.8 نقطة بانخفاض نسبته 3.9% مقارنة بتداولات الأسبوع قبل الماضي، لتصل خسائر المؤشر منذ بداية العام الى 34.9 نقطة بانخفاض نسبته 8.6%.
وكان من شأن الخسائر الضخمة التي لحقت بأسعار الأسهم خاصة أسهم الشركات القيادية ان تكبدت القيمة السوقية خسائر ضخمة الأسبوع الماضي بلغت مليارا و219 مليون دينار لتصل القيمة السوقية الاجمالية الى 29 مليارا و256 مليون دينار بانخفاض نسبته 4% لتصل الخسائر السوقية للسوق منذ بداية العام الى 4 مليارات و542 مليون دينار بانخفاض نسبته 13.4%.
وتراجعت المتغيرات الثلاثة بمعدلات كبيرة، فقد تراجعت كمية الأسهم المتداولة بنسبة 54.5%، والقيمة بنسبة 36.4% والصفقات بنسبة 45.1%.
لم يبق سوى 3 أسابيع تقريبا وينتهي عام 2009 والذي يعد أصعب الأعوام التي مرت على الكويت منذ التحرير، وبالتالي فإنه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في ميزانيات الشركات، فمن الضروري ان يحقق السوق ارتفاعا كبيرا خلال أغلب أيام التداول حتى نهاية العام، فهناك خسائر سوقية منذ بداية العام تقدر بنحو 4.5 مليارات دينار بعد ان كان هناك مكاسب سوقية وصلت الى حوالي 7 مليارات دينار، وأغلب الخسائر السوقية تحققت في أسهم الشركات القيادية، وبفرضية ان السوق سيشهد نشاطا خلال الأسابيع الثلاثة القادمة ويحقق مكاسب سوقية في حدود 2.5 مليار دينار، فإنه سينتهي العام 2009 وهناك خسائر سوقية تقدر بنحو 2 مليار دينار، ومن شأن ذلك ان يؤدي الى انخفاض كبير في الأصول المرهونة مقابل قروض الأمر الذي سيزيد من الضغوط على البنوك والعملاء الذين قاموا برهن أسهم سواء كانوا أفرادا أو شركات، وبالتالي فإن هذا الوضع سيكون له تداعيات كبيرة على الشركات من جهة القدرة على الوفاء بالتزاماتها المالية وعلى البورصة من جهة أخرى في النصف الأول من العام القادم، خاصة اذا أخذنا في عين الاعتبار ان الخسائر الضخمة لجميع مؤشرات السوق حدثت في الربع الأخير من العام الحالي، الأمر الذي سيؤثر بشدة على النتائج المالية للشركات وبالتالي البنوك التي تعاني من أزمة رهونات بقيمة 15 مليار دولار، الأمر الذي سينعكس على مجمل نتائجها المالية، هذا الانخفاض الكبير في قيم الأصول في البورصة وأيضا في العقار سيؤدي الى زيادة ملحوظة في المخصصات الأمر الذي قد يؤدي الى زيادة الخسائر لدى البنوك التي تكبدت خسائر في الأصل في الربع الثالث وتقليل هاشم الأرباح لدى البنوك التي حققت أرباحا خاصة البنوك المنكشفة بشكل كبير على الشركات، وبالتبعية سيؤدي ذلك الى تداعيات سلبية على البورصة خاصة ان الكثير من الصناديق والمحافظ المالية تعول على توزيعات البنوك التي حققت أرباحا وأيضا الشركات القيادية الأخرى لتوفير سيولة مالية يمكن ان تستغلها في العام القادم.
أزمات متلاحقة
أزمات متلاحقة محليا واقليميا وعالميا نتيجتها استنزاف متواصل لأموال المستثمرين في سوق الكويت للأوراق المالية بدءا من استثمارات المؤسسات والهيئات الحكومية وانتهاء بالمستثمر الفرد العادي، واذا كانت الحكومة قادرة على تحمل خسائرها في البورصة، فإن المواطن العادي يتعرض لأزمات اجتماعية حادة نتيجة تبخر مدخراته، بل ان الغالبية من المواطنين والأفراد المقيمين الذين استثمروا في البورصة أصبحوا غير قادرين على مواجهة الصعوبات المعيشية اليومية.
فقد جاءت أزمة دبي لتقضي على ما تبقى من قدرات لدى بعض الشركات المدرجة التي ستعاني بشكل مباشر او غير مباشر من ازمة دبي، التي هوت بأسواق المال الخليجية ومعظم الاسواق العربية في اعقاب الاعلان عنها، ورغم تعافي اغلب الاسواق الا ان السوق الكويتي ينفرد بخصائص جعلت افتقاد الثقة فيه هو الاساس، فمنذ بداية العام وحتى اليوم حققت اغلب الاسواق الخليجية والعربية والعالمية مكاسب ملحوظة باستثناء السوق الكويتي الذي تكبد خسائر كبيرة، والاسوأ ان هناك شعورا طاغيا لدى الاوساط الاستثمارية بان السوق الكويتي مرشح لمزيد من الخسائر لاسباب عدة:
اولا: المخاوف من استمرار تداعيات ازمة دبي على الشركات الكويتية، وبالتالي على قطاع البنوك، فعلى الرغم من ان البنك المركزي اعلن ان هناك سبعة بنوك ليس لديها انكشافات على شركتي دبي العالمية والنخيل العقارية، الا ان هناك تداعيات غير مباشرة متوقعة على قطاع البنوك الذي اقرض العديد من الشركات الكويتية التي استثمرت في دبي، وبالتالي فإن ذلك سينعكس على اداء البنوك ليس خلال العام الحالي فقط بل العام المقبل ايضا من خلال اخذ المزيد من المخصصات.
ثانيا: في ظل وجود مخاوف لدى المستثمرين الاجانب سواء البنوك او الشركات من استمرار تداعيات ازمة دبي، فإن هناك صعوبة ستواجه كل الشركات المستثمرة في دبي في التخلص من اصولها هناك، خاصة الشركات التي تعاني من ازمات مالية والتي في مقدمتها الشركات الكويتية وتحديدا في قطاع الاستثمار والعقار.
ثالثا: منذ بداية الازمة وحتى اليوم لم تتخذ الحكومة في الكويت اجراءات مشابهة للاجراءات التي اتخذتها مختلف دول العالم التي قامت بعمل برامج لتحفيز الاقتصاد، بل على العكس من ذلك قامت الحكومة في الكويت بخفض الميزانية العامة للدولة، لذلك حققت العديد من الاسواق الخليجية والاقليمية والعالمية مكاسب جيدة مدفوعة ببرامج التحفيز الاقتصادي فيما واصلت البورصة الكويتية الانخفاض بنسبة 14%.
رابعا: تزامن مع غياب برامج التحفيز الاقتصادي في الكويت تشدد من قبل البنوك الكويتية في التسهيلات الائتمانية، بل قابل ذلك تشدد في الحصول على مستحقات البنوك على الشركات، الامر الذي لم يمكنها من استغلال الفرص الاستثمارية التي تولدت من الازمة سواء محليا او اقليميا او عالميا، الامر الذي يشير الى استمرار تفاقم الوضع لدى الشركات الكويتية في العام المقبل ايضا، وهو ما يعطي شعورا لدى المستثمرين بعدم الثقة في البورصة.
خامسا: حالة الصراع السياسي الذي تمر به الكويت منذ اربعة اعوام وادى الى تأخر في البرامج الاقتصادية التنموية في البلاد رغم الفوائض المالية الضخمة لدى الحكومة، الامر الذي عمق من تداعيات الازمة المالية العالمية على الاقتصاد الكويتي والتي زادت مع الازمة الراهنة التي تمر بها دبي.
سادسا: لم تنحصر آثار الصراع السياسي الذي سيطر على الحياة في الكويت في السنوات الماضية في غياب المشاريع التنموية، بل امتد ذلك الى القوانين المرتبطة بالشأن الاقتصادي بدءا من الخلافات في قانون الافصاح والذي ولد ازمة الاسهم المحيدة التي اثرت بشدة على البورصة وقتها، وتبعها تغيير في قوانين ادت الى توقف شبه تام لمشاريع الـ B.O.T وصولا الى خروج الاستثمارات الكويتية الى خارج الكويت بعد ان تأكد لدى رجال الاعمال وكبار المسؤولين في الشركات الكويتية ان البيئة الاستثمارية في الكويت اصبحت طاردة للاستثمار، في الوقت الذي كانت فيه كل الدول الخليجية، خاصة الامارات وتحديدا دبي، تعمل على جذب رؤوس الاموال الكويتية، وبالتالي فإن القطاع الخاص الكويتي ومستقبل التنمية في الكويت دفعا فاتورة الصراع السياسي الكويتي محليا وخارجيا، فلولا الصراع السياسي لتوطنت رؤوس الاموال المحلية في الكويت وزادت استثماراتها داخل البلاد، الامر الذي كان سيقلل من تداعيات الازمة على الاقتصاد الكويتي.
وفي كل الاحوال، فإن عام 2009 اوشك على الانتهاء بكل ما فيه من اوضاع اقتصادية وسياسية صعبة، الا ان هناك شعورا شبه راسخ بأن النصف الاول من العام المقبل سيكون اصعب ما لم يتم تجاوز الازمة السياسية للبدء في انجاز الكثير من الملفات الاقتصادية لانقاذ القطاع الخاص الذي اوشك على الترنح، فخلال الاسبوع الجاري هناك اوضاع سياسية صعبة خاصة فيما يتعلق باستجواب رئيس الحكومة.