محمد
احمد فرغلى باشا
ينتمي
محمد أحمد فرغلي
باشا
ملك القطن ، إلى أسرةٍ من
أصولٍ صعيدية ، فهي من
مدينة أبو تيج ونزحت إلى
الإسكندرية
واستقرت بها ، كانت
أسرته محسوبة من الصفوة ،
حيث الثراء المادي
والاقتصادي
، بل إن الشارع الذي وُلِدَ
فيه حمل اسم أسرته ( شارع
فرغلي
) .
توارثت
الأسرة
العمل التجاري ، فالجد
والابن من بعده يعدان من
كبار تجار الحبوب ،
وكانا
يتاجران في القطن على
الجانب المحلي وحده ، ولا
يخوضان تجربة التصدير
إلى
الخارج .
تلقى
محمد
أحمد فرغلي تعليمه في مدرسة
الجيزويت الفرنسية ، ثم
التحق بكلية فيكتوريا
ذائعة
الصيت ، وكان من أبرز
أصدقائه فيها أمين عثمان
الذي اغتيل عام 1946، ثم
سافر
فرغلي بعد ذلك إلى إنجلترا
لاستكمال دراسته في مدرسة
لندن للدراسات
الاقتصادية
، لكن مرض الأب اضطره إلى
العودة إلى الإسكندرية ،
لتحمل أعباء
العمل
التجاري للعائلة .
كان
رأسمال الأب في تلك الفترة
يقترب من 30 ألف جنيه ، وهو
رقمٌ كبير آنذاك ، لكن طموح
الابن تجاوز ذلك بكثير ،
بعد فترة حاول العمل
مستقلاً
لمدة
عامين ، إذ أنشأ مزرعة
لتربية الخنازير فوق أرض
مستصلحة تبلغ مساحتها 900
فدان
كانت تملكها العائلة في
منطقة أبو الشقوق بالقرب من
المنصورة ، ثم
استدعاه
أبوه ، قرر تصفية مشروعه
الذي حقق من ورائه ربحاً
صافياً يقترب من
ثلاثة
آلاف جنيه ، وهو رقمٌ ضخم
بمقاييس ذلك الزمن ، وتحت
إلحاح
الابن
محمد ، سرعان ما بارك الأب
تحول جزء من نشاط الأسرة
التجاري إلى مجال تصدير
الأقطان ، الذي كان حكراً
على الأجانب .
وتكبدت
الصفقة الأولى في مجال
تصدير القطن خسارة
فادحة ، تزيد على أربعة
آلاف جنيه ، غير أن محمد
تعلم من
التجربة جيداً .
بورصة
الاسكندرية
بدأت
رحلة (
ملك
القطن ) الذي توفي والده عام
1927
مع التصدير بحصةٍ لا تتجاوز
0,25 % من إجمالي المحصول
المصري من القطن ، وبعد
مايزيد قليلاً عن عشر سنوات
، كان محمد أحمد فرغلي يصدر
15 % من جملة
المحصول
، وبهذه النسبة كان يحتل
المركز الأول في قائمة
المصدرين ، فضلاً عن أن
نجاحه
مَثَل دافعاً لأن يقتحم
مصريون آخرون مجالاً كان
مغلقاً دونهم .
في
عام 1935 انتُخِبَ
محمد
أحمد فرغلي وكيلاً لبورصة
مينا البصل ، وكان أول مصري
ينهي سيطرة الأجانب
الطويلة
على المناصب القيادية ، وفي
مقابلة مع الملك فؤاد بعد
انتخابه ، ودعه
الملك
مخاطباً بكلمة ( بك ) ، ولما
كان نطق الملك سامياً لا
عودة فيه ، فقد حاز
محمد
أفندي فرغلي رتبة البكوية ،
وفي عام 1941 ، في ظل وزارة
حسين سري ، حصل
فرغلي
على رتبة الباشاوية
غير
أن محمد أحمد فرغلي باشا
عاش كثيراً من
الأزمات
والمحن ، ففي عام 1934 أدى
ارتفاع أسعار القطن في
بورصة نيويورك إلى
توريده
كميات كبيرة كان متعاقداً
عليها بأسعار كلفته خسارة
قدرها 600 ألف
جنيه
، غير أن حصوله على قرض من
البنك الإيطالي بقيمة 100
ألف جنيه دون ضمان ،
أنقذه
من ضائقةٍ مالية شديدة .
وعاد
الخط البياني إلى الصعود
السريع حتى
جاءت
الأزمة الثانية عام 1949 ،
وخلال السنوات الفاصلة بين
الأزمتين ، كان
فرغلي
قد أصبح من كبار المساهمين
في عدد كبير من الشركات
وعضواً في مجالس
إدارات
عدد
من البنوك والمؤسسات
الاقتصادية ، وتوسعت شركة
فرغلي للأقطان في
أعمالها حتى وصلت
أرباحها السنوية إلى ما
يزيد عن مليون
جنيه .
بورصة
القاهرة
وفي
الأزمة
الثانية ، عجز صغار ومتوسطو
التجار عن توريد الكميات
المطلوبة في
التوقيتات
المحددة لمجموعة شرائية
عملاقة تم الاتفاق بشأنها
بين محمد أحمد
فرغلي
وعلي يحيى وآخرين ، للإفلات
من الحصار الذي يهددهم ،
لجأ هؤلاء التجار
إلى
تصعيد الأمر بالشكوى إلى
الحكومة ، وكانت المفاجأة
في فتوى وزارة المالية
بإمكان
تسليم التجار لأقطان لا
تطابق المواصفات .
ويروي
ملك القطن في
مذكراته
( محمد أحمد فرغلي - عشت
حياتي بين هؤلاء ،
الإسكندرية 1984 ) كيف اتفق
كبار
المصدرين على تحرك مضاد ،
وفوضوا علي يحيى بالسعي إلى
استمالة الملك
والحصول
على دعمه ، وكان إلياس
أندراوس باشا هو الوسيط ،
وطالب بأن يحصل الملك
على
ربع مليون جنيه ، أما
الحاشية أو ما كان يطلق
عليها الأوركسترا، فحصة
أفرادها
من الرشوة 25 ألفاً .
يؤكد
فرغلي أن الملك فاروق مارس
ضغوطاً على
الحكومة
الوفدية حتى تراجع وزير
المالية زكي باشا عبد
المتعال عن موقفه ،
وبفضل
الحيلة والتلاعب ، التف
كبار مصدري القطن على مجلس
الدولة ورئيسها آنذاك
عبد
الرزاق السنهوري باشا ، مع
أن فتوى مجلس الدولة جاءت
لمصلحة صغار التجار ،
ولكن
بعد فوات الأوان ، انتقلت
القضية بعد ذلك إلى ساحة
المحاكم وظلت مستمرة
نحو
20 عاما ً، ليكسبها في
النهاية فرغلي باشا ومن معه
.
يقول
محمد أحمد
فرغلي
باشا بوضوح رجل أعمال لا
ينكر اللجوء إلى سلاح
الرشوة : ( انتهت هذه
الأزمة
عام 1950 بعد ضجةٍ إعلامية
كبيرة على صفحات الصحف ،
وفي المنتديات
العامة
، ولقد كسبت بعض الصحف
نتيجة مساندتها لنا آلاف
الجنيهات ، كما كسب
المحامون
مبالغ طائلة وسميت هذه
العملية أيامها بعملية (
الكورنر ) .
ولم
تكن
تلك
واقعة الرشوة الوحيدة التي
كان تاجر القطن الشهير
طرفاً فيها ، فقد حدث في
دائرة
مينا البصل بمحافظة
الإسكندرية أن رشح أحمد
فرغلي نفسه ، يومها دفع
فرغلي
باشا أكبر رشوة انتخابية
وهي جنيه مصري كامل لكل من
يمنحه صوته ، وكان
مندوب
الباشا يعطي الناخب نصف
ورقة الجنيه فإذا خرج من
اللجنة الانتخابية
وأعلن
أنه انتخب الباشا حصل على
نصف الورقة الآخر ، وكان
مندوب الباشا داخل
اللجنة
يعطي الناخب ورقة تؤكد أنه
نفذ المطلوب ، وانتخب تاجر
القطن ، ولم
ينجح
الباشا بل سقط أمام مرشح
الوفد رغم الجنيهات
الكثيرة التي دفعها ، لأن
الوفد
في ذلك الزمان كان يكسب في
كل انتخابات لم تمتد إليها
يد التزوير في
النتائج
.
وفي
عام
1951 تعرض فرغلي باشا لأزمة
ثالثة ، دفعته إلى البكاء
أمام زوجته ، فقد
تعاقد
على بيع ربع مليون قنطار من
القطن بسعر ثمانية جنيهات
للقنطار ، لتصل
قيمة
الصفقة إلى مليوني جنيه ،
بعد أن تم التعاقد ، رفض
خبراء البورصة القطن
الذي
قدمه فرغلي لأنه ليس
مطابقاً للمواصفات ،
وعندما احتج المُصدِر
الكبير
على
القرار ، تشكلت لجنة ثانية
أيدت ما وصلت إليه اللجنة
الأولى ، ويعترف
محمد
أحمد فرغلي بأنه دفع خمسة
آلاف جنيه لأحد كبار
الصحفيين ممن يملكون
داراً
صحفية ، ليكتب مقالاً
موقعاً باسم فرغلي باشا ،
حمل عنوان ( إني أتهم ) ،
يتهم
فيه مندوب الحكومة في
البورصة بالتحيز
ولم
ينقذ فرغلي باشا من المحنة
الثالثة
سوى حريق القاهرة
ففي
أعقاب حريق القاهرة الذي شب
في 26 يناير
كانون
ثانٍ 1952 ، سقطت الحكومة
الوفدية ، وتشكلت وزارة
جديدة قبلت القطن الذي
سبق
رفضه ، وبدلاً من خسارة
المليونين ، حقق فرغلي
ربحاً جديداً ، ثم وقعت
ثورة
يوليو 1952 التي أعادت رسم
ملامح مصر سياسياً
واقتصادياً .
في
لقائهما
الأول
، قال محمد أحمد فرغلي
للرئيس جمال عبد الناصر : (
يا رفعة الرئيس كيف لا
أؤيد
تغييراً يسعى إلى تحقيق
الأفضل ، لقد كنت أتوقع مثل
هذا التغيير ، بدءاً
من
عام 1949 ، وكان كل خوفي أن
تقع السلطة في أيدي الإخوان
المسلمين ، فيعودوا
بالمجتمع
إلى الوراء ) ، غير أن
الثورة حملت معها رياح
التأميم الذي يرى
الباشا
أنه تم بطريقة عشوائية
، أما فرض الحراسة على
أموال ممتلكات الأغنياء
فهي في تصوره أقرب إلى
الأعمال الانتقامية التي
تنتهك كرامة
الإنسان .
احمد
عبود باشا
ينتمي
أحمد عبود باشا إلى جيل
فرغلي
باشا ذي الوردة الدائمة في
عنق الجاكيت (
ملك
القطن ) ، وسيد ياسين ( ملك
الزجاج
) ، وإلياس أندراوس ( ملك
البورصة ) وغيرهم
، غير أن أحمد عبود باشا ،
يختلف عن أقرانه بأنه
مليونير عصامي بدأ من
القاع
، أو تحته قليلاً
ومن
مجرد فتى يملك أبوه حماماً
شعبياً في حي باب الشعرية ،
أصبح رجل أعمال يملك
إمبراطورية ضخمة من
صناعة
السكر والصناعات
الكيميائية والورق والشحن
والقطن ، تبلغ قيمته 100
مليون
دولار .
يا
لها من رحلة جمعت بين
الاستثمار
والسياسة
والفساد ، ظل أحمد عبود
يساعد والده في إدارة
الحمام
الشعبي
حتى تخرج في المهندسخانة ،
وعمل بعد تخرجه بأجر شهري
لا يتجاوز خمسة
جنيهات
في وابورات تفتيش الفيكونت
الفرنسي هنري غابرييل
الشهير بالكونت دي
فونتارس
بأرمنت ، وفُصِلَ منه بعد
فترة
ليعمل مع أحد مقاولي الطرق
والكباري
بفلسطين ، وكان ينفذ بعض
العمليات للجيش الإنجليزي
، وفي تلك الفترة
تعرف
إلى مدير الأشغال العسكرية
للجيش الإنجليزي ونشأت بين
عبود وبين ابنة
هذا
الضابط الإنجليزي المهم
قصة حب انتهت
بالزواج
، وهنا جاء التحول الكبير
في حياة هذا المهندس الشاب
، حيث ترك العمل
لدى
المقاول واشتغل بالمقاولات
، وبمساعدة حميه أسندت إليه
معظم أشغال الجيش
الإنجليزي
في فلسطين ومدن القناة حتى
تكون لديه رأسمال استطاع به
أن يشتري
معظم
أسهم شركة ثورنيكروفت Thornycroft
للنقل بالسيارات
بالقاهرة ، ثم شركة
بواخر
البوستة الخديوية
، حتى ظهر اسمه في عام 1935 في
ذيل قائمة أغنياء مصر
أيامها .
كان
عبود أحد أولئك الذين
استفادوا
من
ظروف الحرب العالمية
الثانية ليحقق ثروة طائلة
من أرباح أسطول السفن الذي
كان
يملكه
،
في ظل ارتفاع أجور النقل
ارتفاعاً خيالياً
،
وهكذا اشترى معظم أسهم
شركة
السكر والتكرير المصرية
التي كان يملكها رجل أعمال
بلجيكي يدعى هنري
نوس
، وعندما مات هنري نوس
أسندت إدارة الشركة إلى
ابنه هوغ ، لكن عبود العضو
البارز
في مجلس إدارة الشركة استغل
هذه الفرصة وأوعز لأصدقائه
الإنجليز
ليقوموا
بتجنيد الابن رغم أنفه ،
وتم ذلك فعلاً ويذهب هوغ
نوس ليشارك في الحرب
ولا
يعود منها ، فقد قتل في إحدى
المعارك ، وخلا الجو لعبود
لينفرد بإدارة شركة
السكر
رئيساً والعضو المنتدب لها
، وظل رئيساً لمجلس إدارتها
حتى تم تأميمها
في
عام 1961 .
وكانت
لأرمنت عند عبود هوى خاص ،
حتى
إنه اشترى تفتيش الكونت
الفرنسي دي فونتارس ( 6000
فدان ) الذي كان يعمل
أجيراً
فيه - بعد هجرة الكونت إلى
البرازيل ، واشترى أيضاً
قصره بأرمنت ( سراي
عبود
) ، وكان أحد قصور الخديو
إسماعيل إذ بناه لاستضافة
أوجيني إمبراطورة
فرنسا
أثناء زيارتها لافتتاح
مصنعه بأرمنت الذي واكب
افتتاحه افتتاح قناة
السويس
في نوفمبر تشرين ثانٍ عام
1869
.
اشترى
عبود المكان الذي بدأ فيه
رحلته موظفاً
صغيراً
، بكل ما فيه من منشآت
ومنازل ومخازن وحظائر
بمبلغ 60 ألف جنيه ، وسجل
هذه
الأملاك باسم ابنته الطفلة
مونا .
كان
عبود أثناء زياراته
السنوية القصيرة
لأرمنت
يقيم في القصر المذكور مع
شقيقه مصطفى الذي بنى مسجد
أرمنت العتيق ،
وللاستمتاع
بالأيام القلائل التي
يقضيها مع زوجته وابنته ،
بنى المليونير
حماماً
للسباحة وملاعب للغولف
والبولو والإسكواش
والتنس
.
وقد
اشترت شركة السكر هذا القصر
من
الحراسة
بعد التأميم
،
وبعد إلغاء الحراسة اشترى
القصر الاقتصادي المصري
مصطفى
الزناتي
أحد أبناء قرية الضبعية
إحدى قرى مركز أرمنت والتي
ضُمت أخيراً إلى
مركز
الأقصر .
امتدت
إمبراطورية عبود باشا الذي
أصبح أغنى
أغنياء
مصر إلى دائرة السياسة
والرياضة والسياحة ، وكان
يملك معظم أسهم شركة
الفنادق
المصرية ، إضافة إلى شركات
الأسمدة في عتاقة
والكراكات المصرية ،
وغيرها
من شركات الصناعات
الكيميائية ، والتقطير ،
والغزل والنسيج التي
أنشأها
قرب
نهاية أربعينيات القرن
العشرين
.
وفي
تلك
الفترة الزمنية ، كتب
مقالاً صحفياً تحت عنوان (
كيف
تصبح
مليونيراً ) قدم
فيه نصائحه وخلاصة تجربته ،
وافتتح المقال بقوله :
(
ليس النجاح من الأسرار ،
ولكنه أولاً وقبل كل شيء
توفيقٌ من الله ، فقد تجتمع
في
شخصٍ كل مؤهلات النجاح من
شهاداتٍ وجاه وشخصية قوية ،
لكن سوء الحظ يلازمه
فلا
ينجح في أي عملٍ يقوم به ،
بينما ينجح من هو أقل منه في
الكفاءة والجاه ،
وأضعف
منه شخصية ) .
وبلغ
من
نفوذ عبود أنه أجبر
طلعت
حرب
مؤسس
بنك مصر
وأشهر
أعلام النهضة المصرية على
الاستقالة من بنك مصر في 14
سبتمبر أيلول
1939
الذي أسسه بعرقه وجهده
،
فقد اشترك عبود وفرغلي باشا
ملك
القطن
في تنفيذ سياسة قوامها سحب
ودائعهما من البنك بمعدل
نصف مليون جنيه
يومياً
حتى بلغ السحب ثلاثة ملايين
جنيه ، كما هددت الحكومة
التي يترأسها حسين
سري
- صديق عبود باشا - بسحب
ودائع الحكومة فاضطر طلعت
حرب للاستقالة حتى لا
يهتز
مركز البنك وترك إدارته
لحافظ عفيفي طبيب الأطفال ،
وهو صديق أثير
للإنجليز
ولعبود .
في
13 يناير كانون ثانٍ 1944 ،
أقام النادي الأهلي
بالجزيرة
حفلة شاي تكريماً لكل من
أحمد عبود باشا وعبد الحميد
عبد الحق ،
بمناسبة
تبرع عبود باشا بثلاثة آلاف
جنيه لإتمام إنشاء حمام
السباحة بالنادي ،
وتقديراً
لما قدمه الثاني للنادي
والهيئات الرياضية الآخرى
، ووقف رئيس النادي
أحمد
حسنين باشا - رئيس الديوان
الملكي - وألقى كلمة
استهلها بقوله : ( إني بعد
أن
حنيت رأسي للراحل الكريم
جعفر ولي باشا ( رئيس النادي
الأهلي سابقاً ) أرفع
رأسي
بالشكر للرجلين الكريمين
الأستاذ عبد الحميد عبد
الحق وزير الشؤون
الاجتماعية
السابق وأحمد عبود باشا ) ، ثم
أشار إلى ما كان من اعتماد
الوزير
عبد
الحق
ثلاثة آلاف جنيه مساهمة في
إنشاء حمام السباحة في
النادي الأهلي ،
وإلى
تبرع عبود باشا بمبلغ ثلاثة
آلاف جنيه أخرى للغرض نفسه .
تولى
أحمد
عبود باشا رئاسة النادي
الأهلي لمدة 15 عاماً ( 19
فبراير شباط 1946-19
ديسمبر
كانون أول 1961 ) فاز فيها
دائماً بالرئاسة بالتزكية
، وكانت تلك الفترة
من
أزهى عصور النادى الأهلي ،
حيث حصل خلالها على تسع
بطولات متتالية للدوري من
1947
حتى
1956 ، كان عبود باشا ينفق على
النادي من جيبه الخاص
رافضاً أية إعانة من
الحكومة ، وهو الذي بنى
حمام السباحة من جيبه الخاص
، وهدم مدرج الدرجة الثالثة
القديم وبنى المدرج
الحالي
، ثم بنقوده ونفوذه اقتطع
الجزء الكبير من نادي
الفروسية ليطل النادي
على
كورنيش النيل
.
وقد
أنشأ
عبود باشا عام 1939 أكبر
وأعلى عمارة في مصر كلها في
ذاك الوقت ، وكانت
تتكون
من 13 طابقاً ، وكان الناس
يزورونها ليروا هذا البناء
الشامخ في شارع
المدابغ
الذي أصبح فيما بعد اسمه
شارع شريف في
وسط القاهرة ، وهي تقع على
ناصية
شارعي شريف وقصر النيل ،
وأطلق عليها اسم عمارة
الإيموبيليا
.
عمارة
الايموبيليا
تدريجياً
، بدأ عبود باشا يشعر
بالقلق
على الاستقرار السياسي في
مصر ، وهو ما يمس بالضرورة
مصالحه المالية
والاقتصادية
، ويقول محمد حسنين هيكل فى
كتابه (ثورة يوليو خمسون
عاما ) السؤال الأول ملك تحت
الحصار!، مجلة وجهات نظر،
عدد يوليو 2002 :
(
ولم يكن الملك فاروق وحده
المصاب بالقلق لما آلت إليه
الأحوال -
بل
كان هناك غيره أصيبوا
بالأرق إلى جانب القلق ،
لأنهم أصحاب مصالح حقيقية
في مصر يخشون عليها ويحرصون
على ضمانها ، ولذلك كان
اقترابهم من السياسة
منطقياً ، وفي الظروف
الطارئة فإنه أصبح حيوياً ،
وكان أول هؤلاء هو
المالي
الكبير
أحمد عبود ( باشا ) .
كان
عبود ( باشا ) رجلاً عالي
الكفاءة
في مجال الأعمال ، وكان
يقول عن نفسه إنه ( يلمس
التراب فيحيله ذهباً ) ، غير
أنه كان يعرف أن تحويل
التراب إلى ذهب يحتاج إلى
حماية تسبق وتجاري
وتلاحق
حركة الذهب .
وهنا
كانت في حاجة إلى القرب من
السلطة إلى أي درجة
يستطيع
بلوغها
وقلت
مرة لعبود ( باشا ) : ( إنه
رجلٌ يستحيل عليه
أن
يكون ملكاً لأنه لا يحوز
المواصفات اللازمة ) ، لكنه
يحلم بمقدرة صنع الملوك
لأنه
يحوز المصالح
المُلزمة ، وذلك وضعٌ شديد
الخطر على البلد وعليه
أيضا
، وقد سمعني الرجل مطرقاً
برأسه
متأملا
) .
قامت
ثورة 23
يوليو
1952 لتتغير بعدها الخريطة
السياسية والاقتصاية في
مصر ، وفي 15 أغسطس آب 1955 ،
وقعت أول مواجهة بين الثورة
المصرية
والرأسماليين
، إذ جرى فرض الحراسة على
شركة السكر ، التي يمتلكها
أحمد عبود
باشا
.
وبعد
صدور قوانين يوليو
الاشتراكية
عام
1961 ، آثر عبود الهجرة إلى
أوروبا لإدارة أعماله بجزء
من أموال تمكن من
تهريبها
إلى هناك ، وكان قد علم أو
أحس بأن الدولة مقبلة على
التأميم ، وكانت
بالصدفة
المحضة كل بواخره في عرض
البحر ما عدا باخرتين واحدة
في ميناء السويس
وأخرى
بالإسكندرية ، فأصدر
تعليماته بسفر باخرة إلى
جدة وأخرى إلى بيروت في
انتظار
أوامر أخرى ، ثم اتصل
لاسلكياً بباقي بواخره في
عرض البحر بعدم العودة
إلى
الإسكندرية الآن ، ثم
استطاع أن يحول أمواله
السائلة بالبنوك إلى بنوك
سويسرية
بطريقة أو بأخرى ، ثم سافر
إلى نابولي في إيطاليا
ليستدعي بواخره
واحدة
بعد الأخرى ليبيعها هناك ،
وأصبحت لديه أصولٌ سائلة
تكفيه هو وابنته
الوحيدة
.
مارس
عبود باشا نشاطه التجاري في
أوروبا ، وحقق نجاحاً
كبيراً
كتاجر
ومستشار اقتصادي ، إلى أن
وافاه الأجل المحتوم في
لندن في مطلع يناير
كانون
ثانٍ 1964 بعد أن هزمته أمراض
القلب
والكُلى
.
اسم
عبود باشا وثراؤه لم يشفعا
لورثته ، أحمد عبود محمد
علي ، ونادية
محمد
علي وأولاد ابنته الوحيدة
مونا وابنة شقيقته زينب
محمد شوقي ، الذين
حصلوا
على حكم نهائي في يناير
كانون ثانٍ 2006 بعد رحلة
تقاضٍ استمرت
30
عاماً
باسترداد عقارهم المهجور
بجليم بالإسكندرية البالغة
مساحته
4400
م2
والذي
يتجاوز ثمنه
50
مليون
جنيه
، الا ان العقار
والذى تسيطر عليه رئاسة
الجمهوريه لم يتم تسليمه
الى
الورثه حتى الان .
عبد
اللطيف ابو رجيلة
ارتبط
اسمه
بالعصر الذهبي لحافلات
النقل العام في
مصر
، إنه عبد اللطيف أبو
رجيلة
، ابن مدينة إسنا الصعيدية
، المولود في أم درمان في
السودان
، والذي تعلم وعمل في
البداية في القاهرة ،
واكتسب الخبرة العلمية
والعملية
في لندن وروما ، فكانت
الصفقة الأولى في إيطاليا ،
ثم حقق الشهرة
والنجاح
في القاهرة من جديد ، قبل أن
يتوزع نشاطه بعد التأميم
بين إيطاليا
والسودان
، لتنتهي الرحلة في مصر وسط
الحسرة على الحلم
الضائع
، رحلةٌ زاخرة بالتفاصيل
المثيرة .
بعد
التعليم الأولي في السودان
، جاء أبو رجيلة إلى
القاهرة ،
والتحق
بالمدرسة السعيدية
الثانوية ، وفي الجامعة
التحق بكلية التجارة ، وكان
يعول
نفسه بممارسة عمل تجاري على
نطاق ضيق مع بعض أقاربه ،
عمل عبد اللطيف
أبو
رجيلة بعد تخرجه في بنك مصر
، وأخذ يتعلم ويستفيد من
تجربة أستاذه طلعت
حرب
.
كان
أبو
رجيلة يعتبر نفسه تلميذاً
في مدرسة طلعت حرب ، الذى لم
يصل يوماً إلى
قائمة
أغنى أغنياء مصر بالرغم من
دوره الاقتصادي الكبير ،
وكان يؤمن بأن
النجاح
، كهدف ينبغي أن يسبق جمع
الثروة لدى أي رجل أعمال ،
وأن المال يجب أن
يجري
في مشروعات طول الوقت ، ولا
يتكدس في البنوك لحظة واحدة
.
بدأ
رحلة
الاستيراد
والتصدير برأسمال متواضع: 34
جنيهاً
،
اشترى أبو رجيلة آلة كاتبة
ومكتباً وطوابع بريد ،
وعيّن موظفاً
ليعاونه
بمرتبٍ لا يزيد عن خمسة
جنيهات في الشهر ، وانطلق
في مشروعه
الجديد
.
يقول
في حديثٍ له مع سكينة
السادات نشر فى مجلة المصور
، مارس آذار 1959 : ( كانت
السنة الأولى في هذا العمل
سنة كفاح بل سنة حرب ،
واجتزت
معارك السنة الأولى ، وبدأت
معارك السنة الثانية ، وبعد
ثلاث سنوات
أخرى
، سارت
سفينة العمل في الطريق
الصحيح ، وبدأت تتجه إلى بر
الأمان
"ومضيت
في طريقي هذا حتى غمرتني
الملايين كما يقولون ، وما
زلت ، وأنا
في غمرة ملاييني أذكر
رأسمالي العظيم الذي تدفقت
منه هذه الملايين ، لقد
كانت أربعة وثلاثين جنيهاً
عظيمة حقاً ، لأنها أنبتت
أضعاف أضعافها ، كأنها
الحبة المباركة التي وصفها
القرآن الكريم بأنها أنبتت
سبع سنابل ، في كل سنبلة
مئة
حبة ) .
عملٌ
شاقٌ ونجاح وصعود ، ثم
إفلاس وهبوط ، كانت ثروة
أبو
رجيلة كلها في موانيء
إيطاليا ممثلة في كميات
كبيرة من البضائع ، وضاع كل
شيء
في غارات الحرب العالمية
الثانية التي طالت بالدمار
الأغلب الأعم من
الأراضي
الإيطالية .
أصبح
وفق تعبيره الساخر ( على
الحديدة ) ، لكنه لم يعرف
اليأس
، وعاود الصعود إلى القمة .
عاش
أبو رجيلة في إيطاليا
سنواتٍ
طويلة
قبل ثورة يوليو 1952 ، وتزوج
من إيطالية تدعى لندا ،
كانت صديقة دراسة
لابنة
أسرةٍ مصرية تعيش هناك ،
ويشير أبو رجيلة إلى أن
لندا صعيدية إيطالية
مثلما
هو صعيدي مصري ، فهي من
منطقة كالابريا
جنوب
إيطاليا
،
ظل
أبو رجيلة من العازفين عن
الزواج إلى أن التقى
المرأة
التي تعلق بها قلبه فتزوجها
، ولكن لم يرزقهما الله
بأطفال
.
عاد
إلى مصر للمرة الأولى عام
1949 قبيل نهاية عام 1949 ، بعد
انقطاع
تجاوز 12 عاماً ، اشترى قطعة
أرضٍ في وسط القاهرة ، تبلغ
مساحتها ستة آلاف متر تحيط
بها شوارع سليمان ومعروف
وشمبليون وعبد الحميد سعيد
، كما اشترى
مزرعةً
تبلغ مساحتها 400 فدان حدائق
في منطقة عين شمس ، لكنه عاد
إلى إيطاليا
من
جديد في نهاية عام 1952 ، بعد
شهورٍ قليلة من ثورة يوليو .
استدعاه
عبد
اللطيف البغدادي،
وزير
الشؤون البلدية عام
1954،
وطلب
منه أن يتولى أتوبيس
القاهرة ، فوصل المرفق على
يديه إلى مستوى غير
مسبوق
من النمو ، والنظام ،
والنظافة ، والكفاءة في
الأداء ، وبلغ حداً لم يكن
يتخيله
أحد ، وكان ينقل
13
مليون
راكب شهرياً ، من خلال شركة
كانت تضم
4
آلاف
موظف
.
ولا
بد أن الذين عاشوا تلك
الأيام ، يذكرون جيداً كيف
كان مرفق النقل الداخلي في
العاصمة وقتها ، على يد
الرجل ثم كيف أصبح بعد ذلك .
بعد
عامين من بدء العمل ، كان
لدى خطوط القاهرة أكثر من 400
سيارة أتوبيس تقدم خدمات
راقية وبكفاءة ، وفق مواعيد
منضبطة ، ولم يكن الزمن
الفاصل
بين
كل سيارتين في الخطوط
المزدحمة يتجاوز ثلاث
دقائق ، ينفذها سائقون
ومحصلون
ومُدرَبون
، وكان هناك تفتيشٌ صارم
يحول دون الاستهانة
بالراكب والإساءة إليه
وإهدار
وقته ، وجراجات حديثة
لإيواء السيارات وصيانتها
في ورشات متطورة .
بنى
أبو
رجيلة أكبر جراجين في مدينة
القاهرة ، أولهما عند مدخل
القبة على مساحة 13
فداناً
، وثانيهما بالقرب من نفق
الجيزة ، فضلاً عن جراج
ثالثٍ كان مِلكاً
لشركة
أمنيبوس العمومية بشارع
إسطبلات الطرق في حي بولاق
، اشتراه أبو رجيلة
لينضم
إلى شركته العملاقة .
وكان
أبو رجيلة يتخفى ويركب
الأتوبيس
مرة كل شهر ، ليرى كيف
يتعامل موظفو شركته مع
الركاب ، واحتد ذات مرةٍ
على
سائق تجاوز محطة من المحطات
المقرر له أن يقف فيها
.
وحين
تولى عبد اللطيف أبو رجيلة
رئاسة نادي الزمالك
عام
1956 ، حصل النادي على بطولة
الدوري لأول مرة في تاريخه
، منذ نشأ عام
1911
، وفي
تلك الفترة ارتفعت ميزانية
النادي من 6000 جنيه إلى 18000
جنيه
،
ودخل الزمالك مرحلة جديدة
انتعش فيها وتوسعت المنشآت
بشكلٍ ملحوظ .
تبرع
أبو
رجيلة
بمبلغ كبير لبناء مقر نادي
الزمالك في ميت عقبة عام 1958
، بعد أن كان
الزمالك
مجرد ثلاث غرف ومدرج خشبي
مكان مسرح البالون وإلي
جواره نادي
الترسانة
مكان السيرك القومي على فرع
النيل الصغير بالعجوزة ،
وعندما بدأ
الإعداد
لبناء الاستاد حدث عجز في
الميزانية المقررة للبناء
، فلجأ أبو رجيلة
إلى
طريقة ذكية ، فقد كانت هناك
شركتان تتنافسان على توريد
البنزين
والسولار
إلى أسطول شركة أتوبيسات
القاهرة التي يمتلكها عبد
اللطيف أبو
رجيلة
، فبادر إلى الاتصال
بقيادات هاتين الشركتين في
محاولة لتخفيض سعر
البنزين
ونجح في تخفيض المبلغ
بمقدار 50 مليماً في سعر
اللتر ، ليتوفر من خلال
الملاليم
مبلغ وصل إلى أكثر من عشرة
آلاف جنيه ، ليتم بناء
مدرجات الدرجة
الثالثة
في النادي ، ويفتتح ملعب
الزمالك بلقاء مع فريق
دوكلا براغ التشيكي في
مباراةٍ
امتلأت فيها مدرجات
الزمالك عن آخرها ، وانتهت
بفوز الزمالك بثلاثة
أهداف
نظيفة .
جعل
أبو
رجيلة
من مقر النادي قطعة من
الجنة ، وسط حقول ميت عقبة
ومنازلها العشوائية
آنذاك
، وعندما أدخل المياه إلى
نادي الزمالك لم ينسَ أن
يمد المياه لسكان ميت
عقبة
الفقراء مجاناً على نفقته .
بعد
حرب فلسطين عام 1948، لم
يتردد في
تقديم
الدعم للجيش المصري ، وكتب
في مذكرةٍ رفعها للوزيرين
عبد اللطيف
البغدادي
وحسن إبراهيم ، رداً على
اتهاماتٍ باطلة وُجِهَت
إليه : ( لا شك أنه
يعز
على أي مواطن صالح أن يجد
نفسه موضع التشكيك
والاتهام ، وخصوصاً إذا كان
هذا
المواطن من رجال الأعمال
الذين يعتمدون على الثقة
باسمهم
) ، وعندما طلبت منه وزارة
الحربية تمويل صفقات
الأسلحة التي كان
الحظر
مفروضاً عليها بعد الحرب ،
بادر بالاستجابة ، وعندما
تعرضت مصر للعدوان
الثلاثي
عام 1956 ، بادر إلى وضع
حافلات شركته تحت تصرف
القوات المسلحة وتكفل
بمسؤولية
تموينها ودفع أجور سائقيها
.
وفي
26 أغسطس آب 1957، كتب إقراراً
قدمه
إلى الحكومة المصرية ، جاء
فيه :
"بما
أنني سبق أن تقدمت إلى
السلطات
المختصة
في إيطاليا بطلب تحويل
إيراداتي إلى مصر ولكن هذه
السلطات رفضت هذا
الطلب
بحجة أنني لم أقم باستيراد
باقي المبالغ المطلوبة لي
من وزارة الحربية
والناشئة
عن العقود التي أبرمتها
معها بشأن استيراد أسلحة من
إيطاليا والتي
كنت
مُموِلاً فيها ، "وبما
أنني قد أعدت السعي
للموافقة على إجراء هذا
التحويل
في صورة بضائع أقوم
بتصديرها إلى مصر وقد قمت
فعلاً باستيراد ماكينات
لأعمال
الطرق في حدود مبلغ خمسة
وثلاثين ألف جنيه في عام 1955
، وما زلت أسعى
لإتمام
هذا التحويل في صورة بضائع
على نطاق أوسع وقدمت بذلك
طلباً إلى
السلطات
الإيطالية والمصرية
لاستيراد بضائع في حدود مئة
ألف جنيه بدون
مقابل
"وبما
أنني سبق أن أثبتُ في
إقرارات الضريبة على
الإيراد العام
إيراداتي
في الخارج ، "وإظهاراً
لتعاوني الكامل فإني أقرر
بموجب هذا أنني
على
استعداد لتحويل جميع
إيراداتي في إيطاليا إلى
مصر ، وإذا لم ينجح مسعاي في
ذلك
فإني سأطلب من السلطات
المصرية معاونتي لدى
السلطات الإيطالية للحصول
على
هذا
التحويل ) ، والإقرار واضحٌ
في دلالته على موقف رجل
أعمال يملك حساً
وطنياً
عالياً ، ويضع المصلحة
العامة فوق مصالحه الشخصية
، غير أن كل ذلك لم يشفع له
في شيء ، حين عصفت به قرارات
التأميم ، في مطلع
الستينيات ، فانتقل
للإقامة
في روما وهو يقترب من سن
الخمسين ، وأثناء سنوات
غربته ، قدم أبو رجيلة
تجربة
ناجحة في الخرطوم ، واستدعى
بيت خبرة بلجيكي الجنسية
ليضع حلولاً عملية
لمشكلة
المرور التي تعاني منها
العاصمة
السودانية
.
عاد
ابو رجيلة إلى مصر في منتصف
السبعينيات ، وعاش بقية
عمره
حزيناً
على إهدار تجربته ، كفرد ،
وإهدار تجربة بلد بكامله ،
وهي تجربة كانت في
مطلع
الخمسينيات لا تزال تتلمس
الطريق ، وقد كانت هناك بدايات
قطاع خاص ينمو ، وبدايات
أحزاب تتحرك ، فجاء مَن
وأدها في مهدها .
|