بعد غياب لنحو ثلاث سنوات، بدأت تظهر على واجهة بعض العقارات الاستثمارية لافتات «شقة للإيجار»، في إشارة إلى وجود شواغر لم يعد ملؤها تحصيل حاصل، حتى أن أحد خبراء العقار لاحظ وجود «مئات الشقق خالية تبحث عن مستأجرين».

 

التراجع بدأ في المنطقة العاشرة مع الازدياد السريع في عدد العمارات الجديدة التي زادت المعروض في السوق، وبدأ يزحف شيئاً فشيئاً إلى المناطق الأقرب والأكثر كثافة مثل حولي والسالمية والفروانية، حتى بدأ ملاك العقارات الاستثمارية الجديدة يلمسون صعوبة تسكينها بالأسعار المستهدفة.

 

خبراء عقاريون يؤكدون أن أسعار العقار الاستثماري بدأت فعلاً بالهبوط؛ نظرا لوجود بنايات كثيرة دخلت السوق خلال الربع الثاني من العام الحالي، لكنهم لم يتوقعوا تغييراً جذرياً في أسعار العقاري الاستثماري، نظراً للطلب الكبير عليه خلال الفترات السابقة، بل تغييراً تدريجياً ربما يدفع بعض التجار المضاربين خصوصاً إلى التعجيل بالتخارج خشية تراجع الأسعار، مؤكدين أن ملاك العقار الاستثماري سيكونون أمام خيارين: إما تخفيض الإيجارات أو بيع العقار لتحقيق أرباح قبل تراجع سعره.

 

عضو اتحاد العقاريين قيس الغانم رأى أن أسعار الايجارات في الكويت لن ترتفع مرة أخرى في القريب، ملاحظاً أن جميع المؤشرات في السوق تدل على هبوط في الايجارات بدءاً من المنطقة العاشرة وامتداداً إلى المناطق الداخلية المزدحمة بالوافدين، ولفت إلى أن «مئات» الشقق خالية وتبحث عن مستأجرين.

 

وأشار الغانم إلى أن أسباب النزول في القيمة الايجارات كثيرة من أبرزها أن كثيراً من العوائل الوافدة تسافر حالياً إلى موطنها خلال الصيف أو بشكل دائم هرباً من الغلاء، وثانياً تخوف المستثمرين العقاريين من شراء العقار الاستثماري، حيث إن من يمتلك عقاراً استثمارياً الآن اتجه إلى بيعه- وهم كثر حالياً- وثالثا يوجد مستثمرون في السوق ممن يطلق عليهم «اضرب واطلع» كمضاربين- وهم تجار الأسهم- تملكوا عقارات استثمارية ويتخارجون الآن منها، وهذه العوامل أدت إلى هبوط في الايجارات الاستثمارية.

 

وأكد الغانم أن العقار الاستثماري سيصبح أمام ضغوطات إضافية في حال ارتفاع الفائدة على الدينار، إذ إن بعض المستثمرين اشتروا عقارات بأسعار معينة بتمويل مصرفي، وإذا ما ارتفعت الفائدة فإن عائدهم يصبح سلبياً. ما قد يشجع التخارجات تجنباً لأي مخاطر.

 

واعتبر أن سوق العقار الكويتي مفتوح والجميع يريدون أن يستثمروا فيه وأن يصبحوا تجّاراً، وهذا خطر عليه، لأن العديد من المستثمرين ليس لديهم خبرة وسيتخارجون عند أول هزة، ما يسبب تراجعا وهبوطا في الايجارات والسعر السوقي للعقار الاستثماري.

 

ويشير تقرير للبنك الوطني أخيرا إلى أن هناك تراجعا في تداولات العقار الاستثماري بواقع 40 في المئة على أساس سنوي حتى نهاية مارس، كما تراجع عدد الصفقات تراجعاً كبيراً بواقع 30 في المئة على أساس سنوي ليصل إلى 130 صفقة، ما يؤكد أن هناك تراجعاً في اهتمام المستثمرين بشراء العقار الاستثماري.

 

في المقابل، استبعد رئيس مجلس إدارة شركة الدغيشم العقارية عبد العزيز الدغيشم أن ترتفع إيجارات العقار الاستثماري خلال العام الحالي نظرا للظروف المحيطة بالسوق العقاري بشكل عام ومن أبرزها الوضع السياسي في المنطقة وارتفاع الايجارات بشكل جنوني.

 

ونفى الدغيشم أن يكون سبب عدم ارتفاع الايجارات وتجميدها في الوقت الراهن هو التشدد في تطبيق القرارات على الوافدين، لافتا إلى أن الغلاء في كل شيء داخل الكويت، موضحاً أن الوافد لن يتحمل الارتفاعات في أسعار السلع الأخرى، بالاضافة الى الارتفاع الكبير في أسعار الايجارات.

 

وأشار إلى أنه اقترح وكثير من العقاريين على الجهات المختصة أن يكون العقد الموقع مع المستأجرين سنوياً مع تحديد حد أقصى للزيادة السنوية كما هو معمول في دبي حتى لا يتم التلاعب بالاسعار وزيادتها.

 

وأكد ان التراجع في القيمة الايجارية او السعرية للعقارات الاستثمارية «طبيعي»، نظرا للارتفاعات الكبيرة التي شهدها خلال الاعوام الماضية، وأن التراجع في حجم الصفقات والمبيعات كان متوقعاً بعد أن زحف كثير من المستثمرين إلى الاستثمار في العقار.

 

وأوضح أن وجود لافتات مكتوب عليها «شقق للايجار»، تشير إلى البنايات الجديدة التي دخلت السوق والتي تبحث عن مستأجر، الأمر الذي أثر على حركة تسويق الشقق الجديدة بسبب الكم الكبير منها سواء في المناطق الداخلية أو المنطقة العاشرة.

 

وبحسب دراسة لإحدى الشركات العقارية، تشهد كل محافظة بناء ما لا يقل عن 40 بناية جديدة إلى جانب البنايات التي تبحث عن مستأجر منذ شهرين ولم تجد نظرا للارتفاع الإيجارات.

 

وعن القيمة الايجارية الحالية في السوق ومن خلال رصد مصادر عقارية لـ «الراي» تفيد أن الغرفة وصالة الجديدة تراجعت أسعار تأجيرها من 230 ديناراً في بعض مناطق الوافدين إلى 210 دنانير، والغرفتين وصالة من 370 إلى 340 ديناراً ما اعتبره متخصصون تراجعا ينذر بهبوط أكبر.

 

من جانب آخر، لفت مسؤول تأجير شقق لإحدى الشركات العقارية رفض ذكر اسمه ان لديه ما يقارب 80 شقة لعقارات جديدة تبحث عن مستأجرين لها بالسعر السوقي، لكن السوق يشهد ركوداً حالياً، وهناك بنايات مجاورة خفضت ايجاراتها لتسكين مساحاتها، لافتا الى أن إدارة الشركة ستتجه لتخفيض القيمة الايجارية لمجاراة السوق.

 

وأكد أن الطلب على تأجير الشقق السكنية تراجع بواقع 60 في المئة عن العام الماضي ما يجعل الشركات المالكة للعقارات الاستثمارية في تخوف من هذا الشأن الذي يهدد الاستمرار بالقيمة الايجارية الحالية.